<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
زيارة أردوغان لأمريكا انتهت بتأزيم العلاقات لا انفراجها.. فهل ينقلب على المخطط الأمريكي في سورية والعراق؟
الجمعة 19 أيار 2017
عبد الباري عطوان - رأي اليوم -
بالنظر إلى التدهور المتصاعد في العلاقات التركية الأمريكية، ربما سيكون من المشكوك فيه أن يطير الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الرياض للمشاركة في القمة الإسلامية العربية الأمريكية الأحد المقبل التي سيكون الرئيس الزائر المحتفى به دونالد ترامب نجمها، وتؤسس لحلف "ناتو إسلامي" جديد.
زيارة الرئيس أردوغان إلى واشنطن واللقاء الذي عقده مع الرئيس ترامب، لم تحقق له ما كان يتطلع إليه، أي إلغاء صفقة الأسلحة الأمريكية إلى قوات سورية الديمقراطية الكردية، وتولي الجيش التركي عملية "تحرير" مدينة الرقة جنبا إلى جنب مع القوات الأمريكية.
العلاقات الأمريكية التركية باتت تنتقل من مرحلة التوتر إلى مرحلة الصدام، لان إدارة الرئيس ترامب متمسكة بالرهان مع الأكراد كحليف استراتيجي يمكن أن يكون محور سياساتها في منطقة الشرق الأوسط، وفي سورية والعراق على وجه الخصوص، فالسيد مولود جاويش أوغلو طالب بطرد المنسق الأمريكي للتحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسورية (بريت ماكغورك)، لأنه منحاز للأكراد، بينما أكد الرئيس أردوغان أن بلاده تحتفظ بحقها "في اتخاذ خطوات أحادية الجانب ضد القوات الكردية داخل سورية دون اخذ موافقة الدول الأخرى (أمريكا) في عين الاعتبار".
***
لقاء القمة الذي انعقد في البيت الأبيض بين الرئيسين ترامب وأردوغان كان متوترا، وصداميا، حسب معظم التقارير الإخبارية، وكل ما قيل في المؤتمر الصحافي حول "الشراكة الإستراتيجية" وتعزيز "العلاقة الاستثنائية" بين البلدين كان للاستهلاك الإعلامي فقط، فتجاهل مسألة تسليم الداعية التركي فتح الله غولن المتهم بالوقوف خلف الانقلاب العسكري الأخير التي كانت من ابرز مطالب الرئيس أردوغان يشي بالكثير.
انعكس هذا التوتر بوضوح من خلال قيام حرس الرئيس أردوغان بالاعتداء على مجموعة من المحتجين أمام منزل السفير التركي في واشنطن، وإصابة تسعة منهم، الأمر الذي أثار موجة من الغضب ودفع بالسناتور جون مكين، احد ابرز أصدقاء تركيا في مجلس الشيوخ، بالمطالبة بطرد السفير التركي من واشنطن، وتأكيد السيدة هيذر نيورت، المتحدثة الأمريكية ان حكومتها أبلغت أنقرة بأقوى العبارات قلقها من تصرف الحرس الدبلوماسي، واستخدامه العنف ضد المحتجين وقالت "العنف ليس الرد المناسب على حرية التعبير، ونحن نؤيد حق الشعوب في كل مكان في ممارسة هذه الحرية، والاحتجاج السلمي".
أمريكا لم تتدخل عسكريا في أي بلد عربي أو إسلامي الا وحولته إلى "دولة فاشلة"، وتسببت في تأجيج الصراعات العرقية والمذهبية والقبلية فيه، ويبدو انه بعد الانتهاء من اجتثاث "الدولة الإسلامية" في سورية والعراق سيأتي الدور على تركيا، والأكراد هم اللاعب الجديد، ومثلما تدين تدان.
صحيح أن إدارة ترامب تعهدت لضيفها التركي بعدم استخدام السلاح الذي زودت وتزود به قوات سورية الديمقراطية ضد تركيا، ومثلما تعهدت بعدم قيام كيان كردي شمال سورية، ولكن التجارب السابقة، وفي العراق خصيصا، أثبتت عدم الالتزام الأمريكي بمثل هذه التعهدات، فها هو الكيان الكردي في شمال العراق على وشك إجراء استفتاء بشأن الاستقلال تمهيدا لإعلانه، وها هي الأسلحة والتدريبات الأمريكية لقوات البشمرغة تحول الأخيرة إلى جيش قوي، ولم يحدث مطلقا أن استعادت أمريكا أسلحة زودت بها ميليشياتها الحليفة في أي مكان في العالم، ابتداء من "الكونترا" في أمريكا الجنوبية، وانتهاء بالبشمرغة في شمال العراق.
***
الإدارة الأمريكية تتخلى تدريجيا، وبشكل مهين، عن تركيا كحليف استراتيجي في المنطقة، وباتت تبحث وحلفاؤها الأوروبيون عن بدائل لها، ولقاعدة "انجرليك" الجوية، مما يعني أن أيامها، أي تركيا، في حلف "الناتو" ربما باتت معدودة، وربما يمكن القول نفسه عن حكم الرئيس أردوغان وحزبه أيضا.
أمريكا استخدمت الورقة الكردية بشكل فاعل لاستنزاف العراق وإضعافه لعدة عقود، ولا نستبعد أن تستخدم الورقة نفسها لابتزاز تركيا وإضعافها تمهيدا لتفتيتها كقوة إسلامية عظمى في المنطقة.
الرئيس أردوغان الذي اتهم جيرانه العرب بالغباء، وانحاز إلى المخططات الأمريكية و"فوضاها الخلاقة" في المنطقة وهو مفتوح العينيين، وسهل خطوات تنفيذها ببراعة، ربما تنطبق عليه التهمة نفسها أيضا.
لا نعتقد أن الوقت بات متأخرا بالنسبة إليه للتراجع، وإنقاذ نفسه وبلاده، من مخطط التفتيت الأمريكي، ولكن هل يقدم على هذه الخطوة؟ هذه إحدى ابرز أمانينا، وان كنا نشك في ذلك رغم كل ما قيل ويقال عن "براغماتية" الرجل، وقدرته على تغيير مواقفه بسرعة، ونأمل أن تكون شكوكنا في غير محلها.
ساحة النقاش