<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
أميركا و«إسرائيل» ووهم فائض القوّة..
السبت 15 نيسان 2017
عمر معربوني* - بيروت برس - (*) ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
قد يعتقد البعض عند قراءته لعنوان المقالة أنّي أقلّل من قدرات أميركا و"إسرائيل"، وهو ليس مقصدي الذي يتعارض مع موضوعية التحليل والواقع، والهدف الحقيقي من هذه المقالة هو مقاربة الواقع الذي بدأ بالتحول منذ سنوات ليسحب من أيدي الأميركيين والصهاينة معًا عامل الاستفراد بالعالم ويضعهم في موقع مختلف أصبحت فيه موازين القوى على غير ما ترغب به أميركا ومعها الكيان الصهيوني.
حتى العام 2003، كانت أميركا لا تزال تعتمد إستراتيجية الاحتلال المباشر بواسطة الجنود الأميركيين، وهي الإستراتيجية التي لاقت نهايتها في العراق وتعاني حتى اللحظة في أفغانستان. في نهاية العام 2011، انسحبت القوات الأميركية من العراق بعد تعذر بقائها بنتيجة الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها، في وقت تزامن هذا الانسحاب مع إطلاق ما يسمّى بـ"الربيع العربي" الذي اجتاح كل من تونس ومصر اللتين حصل فيهما تغيير لمصلحة الإخوان المسلمين، وفي ليبيا التي ذهبت إلى الفوضى ولا تزال، وسوريا التي أُطلِقت عليها الحرب وكذلك في اليمن. بين احتلال العراق وانطلاق الحرب على سوريا نفّذت "إسرائيل" عدوان 2006 على لبنان وعدوان 2008- 2009 على غزّة، وكلها أحداث قمنا باستعراضها سابقًا لناحية ترابطها وأهدافها.
وفي حين أنّ أميركا باشرت بتنفيذ إستراتيجيتها الجديدة، وهي إطلاق الفوضى العمياء تحت مسمّى "الفوضى الخلّاقة"، وتسميتي لهذه النظرية بالعمياء سببه أنها استراتيجية لا تعتمد إستراتيجيا محدّدة سوى إطلاق الفوضى والاستثمار في نتائجها، كرّر الكيان الصهيوني في عامي 2012 و2014 عدوانه على غزّة معتمدًا على نمط الأرض المحروقة، في محاولة لتعديل ميزان القوى الذي بدأ يصعد لمصلحة محور المقاومة عكس التوقعات التي توقعها الأميركيون والصهاينة. جوهر نظرية "الفوضى الخلّاقة" إلى جانب اعتماده اللا إستراتيجيا المحدّدة كان باعتماد الأميركيين على الحرب بالوكالة من خلال تدريب وتسليح الجماعات المتشددة وخلق حروب تحت عنوان الحروب الأهلية، بحجّة تغيير الأنظمة دون الحاجة لتدخل مباشر على الأرض.
طيلة الفترة التي تمتد من العام 2011 حتى اللحظة، تقوم أميركا بتنفيذ تدابير وإجراءات ترتبط باللحظة وليس التخطيط الدقيق، مكتفيةً بمشاهدة انتشار الفوضى واستثمار النتائج بهدف الوصول إلى نهاية تريدها أميركا، وهي تفكيك المنطقة وإعادة تركيبها على أساس النتائج.
في الناتج الحاصل حتى اللحظة، استطاعت أميركا فقط أن تستثمر في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا، وهو ناتج لا يتناسب مع الهدف المراد أصلا والتي كانت أميركا تأمل بحدوثه نهاية العام 2012، والسبب في ذلك هو قرار المقاومة الذي اتخذته القيادة السورية ودعمتها فيه منذ البداية إيران بشكل متكامل وروسيا على المستوى السياسي والدبلوماسي في البداية.
مع تطور المشهد الميداني وبدء ميلان الكفّة لمصلحة الجيش السوري، وضعت أميركا ثقلًا كبيرًا لتغيير المشهد عبر السعودية وقطر كممول وتركيا كمحطة لوجستية، ما نتج عنه تغيير كبير في السيطرة لمصلحة الجماعات الإرهابية في إدلب وأريافها أدّى بعد فترة إلى دخول روسيا بشكل مباشر على خط الحرب ما أعاد الميزان لمصلحة الدولة السورية وروسيا التي بدأت تصعد بقوة اكبر لتصل معها الأمور إلى المشهد الحالي.
في الشكل قد لا يزال البعض مقتنعًا بقوة أميركا والكيان الصهيوني اللامتناهية، وهو الأمر الذي يتعارض مع منطق وقواعد الصراع حيث شهدنا تدخلًا مباشرًا أكثر من مرّة في الآونة الأخيرة للكيان الصهيوني تمثّل أخيرًا في الغارة الصهيونية على منطقة البريج وأدّى إلى سقوط طائرة وإصابة أخرى، وكذلك الغارة الأميركية "بالخطأ" على جبل الثردة في دير الزور والتي كانت بمثابة تمهيد ناري لمصلحة "داعش"، وأدّى إلى خسارة الجيش السوري لمواقع مهمة وصولًا إلى الضربة الصاروخية على قاعدة الشعيرات الجوية.هذا السلوك الأميركي والصهيوني ما كان ليحصل لولا أنهما يشعران بفقدان الجماعات الإرهابية القدرة على الاستمرار وقرب انهيار هذه الجماعات، وهو ما يجعلنا نعتبر التدخل الأميركي – الصهيوني جرعة إنعاش للجماعات الإرهابية ونوعًا من استعراض فائض القوّة الذي يبدو أنهما لا يزالان يشعران به، وهو برأيي أمر سيؤدي إلى خسائر سياسية وعسكرية فادحة لعدم تناسب الإجراءات الأميركية والصهيونية مع حقائق الواقع المتبدل لغير مصلحتهما.
فبالنسبة لأميركا، أثبتت كل الحروب الأخيرة عدم جدوى الطيران إذا لم يواكب عمله قوات مشاة على الأرض، وهو أمر متعذر إلّا إذا اعتبرت أميركا "داعش" و"النصرة" قوات مشاتها وهو ما سيفضحها، لهذا تكتفي أميركا بدعم القوات الكردية وبعض قوات العشائر في الجنوب السوري والتي لا تملك العديد الكافي الذي يؤهلها لتغيير شامل.وكذلك الأمر بالنسبة للكيان الصهيوني الذي يدرك قادته مدى الخسارة التي يمكن أن تلحق بالكيان الصهيوني في حال حصلت حماقة توصل الأمور حدود الحرب الشاملة.
وإذا ما استعرضنا سريعًا نتائج الضربة الصاروخية على قاعدة الشعيرات، لوجدنا أن الأمور سارت بعكس ما ترغب أميركا حيث الدعم السياسي والعسكري المطلق من روسيا وإيران لسوريا، وهو ما تتم ترجمته الآن تحسينًا جذريًا في أنظمة الدفاع الجوي وسلاح الصواريخ وخصوصًا منه صواريخ ارض – بحر من طراز ياخونت.كل هذه المؤشرات تدل على أن ما ارتكبه ترامب حماقة تنم عن إحساس بفائض القوة الوهمي، بدليل أنّ روسيا بدت أكثر قوة وحسمًا وسوريا أكثر مناعة، وهو برأيي تأكيد لمقولة إن العدو الغبي والأحمق نعمة.
ساحة النقاش