<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
بعد جريمة الراشدين.. أقتلوهم
السبت 15 نيسان2017
إيهاب زكي - بيروت برس -
(1)
كل جرائم القتل -مهما كانت وضيعة- مدفوعة بمبرراتٍ أخلاقية، بغض النظر عن سياق هذه الأخلاقية، فقد تأتي في سياق ديني أو سياسي أو ثوري أو اجتماعي أو غيرها من السياقات، ولكن أبشع جريمة -وهي القتل لما فيها من حرمان الإنسان من حقه في الحياة-، تحتاج إلى غطاءٍ غاية النُبل، وذلك حتى يستطيع الضمير الإنساني عمومًا ممارسة حق الدفاع. أما أن تقوم جهة وضيعة بارتكاب الجريمة، ولشدة وضاعتها وخستها تعمد إلى اتهام طرفٍ آخر بها، في مشهد تنصل الوضاعة من وضاعتها، فأنت حتمًا أمام ما يسمى بـ"الثورة السورية"، وما يزيد من خِسة الأمر هو أن التنصل يتم مترافقًا مع حالةٍ من التفاخر المتواري بالشماتة(الإعلام القطري)،أو الدموع المتلحفة بالتشفي(الإعلام السعودي). فقد يكون التحليل السياسي من أكثر المجالات عجزًا لدراسة ظاهرة وسلوكيات ما يُسمى بـ"الثورة السورية"، وأشك أن يكون علم نفس الإجرام هو العلم الأنسب لذلك، فمقارنةً بمجرمي هذه "الثورة" نعبّر عن شديد اعتذارنا للمجرمين الذين يتصرفون من منطلقاتٍ ذاتية، ويخضعون لقواعد العلم المذكور.
(2)
"بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتَّى" - قرآن كريم. "أوكلما عاهدوا عهدًا نبذه فريقٌ منهم بل أكثرهم لا يؤمنون" - قرآن كريم.
هذه الآيات الكريمات وردت في وصفٍ لليهود، ولا يستطيع أحدٌ يمتلك معرفة بالوصف القرآني لهم، أن يتغاضى عن أوجه الشبه بين هذه المجاميع الإرهابية في سوريا وبين تلك الفئة من المخلوقات، خصوصًا إذا كان يختزن إدراكًا مبرهنًا على ارتباط هذه المجاميع بـ"دولة" اليهود. والتمعن في هذه الآيات لا يدع مجالًا للشك في أوجه التطابق البيّنة بين الفئة المقصودة قرآنيًا، وبين سلوكيات الفئة "الثائرة" في سوريا، بل وبإسقاط تلك الآيات على تاريخ تلك الجماعات منذ خروج الاتحاد السوفييتي من أفغانستان، لا يمكن إلّا أن يتلمس التطابق حتى بلا عينين، وأود التنويه أن هذه الآيات وردت قرآنيًا على سبيل التحذير أو التوصيف لا على سبيل التحريض، ولكن طالما أن هذه الفئة تحتل فلسطين، وتقوم باستهداف الأمة أرضًا وبشرًا ومصيرًا، فإنّ التحريض على استهدافها هو جزءٌ لا يتجزأ من مقاومة الاحتلال، لذلك فليس عبثًا حين تترسخ لدى محور المقاومة قناعة جازمة، بأنّ اجتثاث الإرهاب في سوريا، هو قطعٌ فعليٌ لأحد أذرع "إسرائيل" الفاعلة، وإزالةٌ لأخطر جدران حمايتها.
(3)
استضافت قناة آل سعود العربية ضيفًا من لبنان قال في معرض تشخيصه لهوية الفاعل "أنّ اتفاق المدن الأربع تم بين حزب الله وجبهة النصرة برعاية دولة عربية، ولكن دولة أخرى لم تكن راضية عن هذا الاتفاق"، وكان واضحًا من السياق أنه خرج عن النص، حيث أن المشاهد وأنا منهم، فهم بأنه يقصد بأنّ الرعاية قطرية، وعدم الرضا سعودي، فسألته المذيعة عن سبق إصرار ليستدرك ما قال عمّا يقصده بالدولة الراعية والدولة اللاراضية، فأُسقط في يده حين أدرك أنه تورط بشكلٍ قد يؤدي لإحالته إلى التقاعد المبكر، وبعد أن زال روعه وتلعثمه قال إنه يقصد روسيا وإيران، ولكن المذيعة لم تسأله متى تعرّبتا، والحقيقة أن ذلك الإعلام النفطي لم يعد يعاني من مآزق مهنية أو أخلاقية، فالمجاهرة بالخسة أصبحت بحد ذاتها سبقًا إعلاميًا يدعو للفخر، وإشهار الدونية أمسى قاعدةً أخلاقيةً تتصدر ميثاق الشرف الصحفي.
(4)
قال الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة فرنسية عن هذا الاتفاق "أنه خروجٌ مؤقت، لحين انتهاء أسباب الخروج وهو الإرهاب"، إذًا هو ليس تهجيرًا قسريًا ولا تغييرًا ديمغرافيًا، بدليل أن المناطق التي تعود إلى سيطرة الدولة، يعود لها أصحابها متى شاءوا، وقد لا نتلمس مفعول هذه الاتفاقات أو المصالحات في المدى المنظور، ولكنها على المدى المتوسط والبعيد ستكون جزءًا لا يتجزأ من إعادة ترميم النسيج السوري سياسيًا واجتماعيًا. فإنّ أحد أهداف العدوان على سوريا، هو تقسيم المجتمع على أسسٍ طائفية وعرقية، بما يجعل من العبث بذاك النسيج مقدمة ضرورية للانهيار والضياع، فتأتي هذه المصالحات كواقعٍ عمليٍ لتفنيد هذه الافتراءات بطائفية الدولة ومذهبيتها، وكمساعدٍ حقيقي لإعادة-رغم أني أفضل مفردة ترسيخ- اللُحمة، لأنها باقية وإن خُدشت بفعل سنوات العدوان وطوفان التحريض النفطي. لذلك، فإنّ عقل الدولة لا يعمل بآليةٍ ثأرية أو انتقامية، بل بشكلٍ استراتيجيٍ مسؤول، وهذه الجريمة تأتي في سياق الضغط على ذاك النسيج، بغض النظر عن خلافات تلك المجاميع فيما بينها، أو اختلاف أهداف أجهزة المخابرات التي تقوم بتشغيلها.
(5)
ونحن إذ نودع الشهداء بروحٍ مكلومة، نظلم أنفسنا ونظلم الجيش السوري إن طالبناه بالقتل الثأري للمنسحبين من مضايا والزبداني، بل ندعو الدولة السورية للإصرار على إتمام كل مصالحةٍ ممكنة، مع الإصرار على رفع يدٍ من نار، أمام كل من تسوّل له نفسه بمعاندة إرادتها، القائمة على تطهير كل الأرض السورية من دنس الإرهاب سلمًا أو حربًا.
ساحة النقاش