<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
حرب الأخوة الأعداء..
الخميس 26 كانون الثاني 2017
عمر معربوني - بيروت برس - *ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
ليست المرّة الأولى التي تتقاتل فيها الجماعات الإرهابية فيما بينها، ولكنها المرّة الحاسمة حيث تختلف أسباب القتال وهي بكل ما تعنيه الكلمة حرب استباقية تشنها النصرة على جماعات شاركت في لقاء آستانة ووصفتها بالخائنة والمشاركة في مؤامرة القضاء على "المجاهدين"، كما جاء في بيان النصرة.
إذًا، "جبهة النصرة"، وبنتيجة ما تسرّب من آستانة، تدرك أنّ المقصلة باتت تنتظرها وعليه فإنها هذه المرّة تخوض حرب بقاء ووجود حيث لا مجال للتراجع، بغضّ النظر عن النداءات الصادرة من أطراف عديدة بضرورة الاحتكام إلى "المحاكم الشرعية".
تطوران كبيران سأتطرق إليهما بشكلٍ سريع قبل الدخول إلى شرح أسباب التقاتل وآفاقه، وهما:
1- إعلان رونالد ترامب عن نيته إقامة مناطق آمنة في سوريا سيكون هدفها الأساسي إيواء الهاربين من القتال، بحسب ما جاء في سياق حديثه، وتكليف وزارتي الدفاع والخارجية تحويل الطلب إلى وقائع إجرائية خلال 90 يومًا،وهذا قد يعني إعادة خلط الأوراق،قابله الجانب الروسي بالامتعاض والاستهجان حول عدم تشاور ترامب مع القيادة الروسية بخصوص الأمر، وهذا يعني بداية انتهاج مسار للإدارة الأميركية الجديدة لا يتناسب مع ما طرحه ترامب خلال حملته الانتخابية لجهة التعاون مع روسيا في سوريا والمنطقة. وفي حين أنّ تركيا رحّبت بكلام ترامب، إلّا أنها قد تتراجع عن ترحيبها لاحقًا إذا ما قرّر ترامب أن تكون المناطق الآمنة في منطقة سيطرة الأكراد والتي تشرف عليها حاليًا قوات أميركية، قد يتضاعف عددها لاحقًا وربما يصل إلى آلاف الجنود وعشرات الحوامات الهجومية، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ تصريح ترامب قد يكون رفعًا لسقف مشاوراته القادمة مع الروس لحفظ موقع أميركا في المنطقة،وهو دور في تراجع مستمر رغم ما تمتلكه أميركا من أوراق، علمًا بأنّ روسيا ومعها الصين قادرة على فرملة أي توجه أميركي لا يتناسب مع ميزان القوى الحالية عبر امتلاكها لحق النقض "الفيتو"، وهو ما لن تصل إليه الأمور برأيي حيث تمتلك روسيا من الوقت ما يكفي للإمساك بأوراق جديدة من خلال ما نشاهده من عمليات للجيش السوري في منطقة جنوب غرب مدينة الباب، من خلال تحرير مناطق هامة ستكون بمثابة نقاط ارتكاز تتجاوز مدينة الباب وتتجه نحو الشرق والجنوب الشرقي والاقتراب أكثر من منطقة الرقة، وهو ما سيطوّر العمليات أيضًا في منطقة شرق خناصر لتأمين هامش أمان أوسع للطريق الواصل إلى حلب، وتأمين اندفاع الجيش لاحقًا إلى منطقة مسكنة التي تقع جنوب شرق دير حافر الموقع الأهم لـ"داعش" شرق مطار كويرس.
2- إعلان وزارة الخارجية اليوم عبر بيان رسمي أنّ داعش وجبهة النصرة هما تنظيمان إرهابيان، وهو ليس بالأمر الجديد ولكنه يأتي ضمن توقيت دقيق بعد انتهاء فعاليات لقاء آستانة الذي كان سببًا أساسيًا في الحرب الاستباقية التي تشنها النصرة على باقي الجماعات، والتي تعتبر تركيا راعية لها رغم قناعتي أن تركيا لا ترغب حتى اللحظة بإنهاء جبهة النصرة وإنما ترويضها والحفاظ عليها كورقة احتياطية ربما تحتاجها في قادم الأيام، حيث لا نرى تموضعًا تركيًا نهائيًا بدليل هذا التناقض الدائم في تصريحات المسؤولين الأتراك الذين لا يثبتون على رأي واحد حول كل القضايا.
في الجانب الميداني، لا تقتصر أسباب القتال بين "جبهة النصرة" والجماعات الأخرى على ما ترتب عن نتائج لقاء آستانة وحسب، حيث لم يعد خافيًا أنّ إحدى اتفاقيات اللقاء تقتضي تثبيت خرائط نهائية لأماكن تواجد الجماعات التي شاركت في اللقاء وتحييدها عن أي استهداف، إضافةً إلى البدء بتشكيل إطار يجمع الجيش السوري والجماعات التي شاركت في آستانة وجماعات أخرى راغبة بالالتحاق مهمتها محاربة كل الجماعات التي تختار البقاء خارج اللقاء، وعلى رأسها "داعش" و"النصرة"، مع التذكير بمجموعة كبيرة من الأسباب التي كانت سببًا في الاشتباكات المتكررة على مدى السنوات السابقة، وهي:
1- وجود تباينات كبيرة في الجانب "الشرعي"، حيث يبدو واضحًا سطوة ما يسمى بـ"القضاة الشرعيين" بحركة ومسار الجماعات، حيث ينطلق كل قاضٍ من موقع "شرعي" مختلف وهي وصلت إلى حدود غير مسبوقة في تتفيه التعامل مع الشرع والاستخفاف به.
2- استسهال تكفير الآخر تحت قاعدة "الولاء والبراء"، والتي تم استخدامها بإفراط أدّى إلى حدوث مجازر حقيقية بين الجماعات لا تزال مستمرة.
3- الخلاف على الغنائم وهو سبب كان حاضرًا دائمًا في صفوف هذه الجماعات ويشكل احد عناصر استمرارها، سواء كانت الغنائم سرقات او استيلاء على موارد طبيعية ومنشآت اقتصادية وصناعية ومستودعات أسلحة وما شابه.
4- تعدد الولاءات الخارجية للدول، وهو ما يعكس خلافات الدول على حالة الجماعات رغم وجود هذه الدول في محور واحد.
5- عدم وجود قيادة سياسية وعسكرية موحدة بين الجماعات الإرهابية، وهو عامل لا يمكن أن يحصل الآن ولا في المستقبل بسبب سيطرة الذاتية والمناطقية والولاءات والشرذمة التي كانت احد عوامل هزيمة هذه الجماعات وستكون سببًا رئيسيًا في انتهائها.
في المباشر، نحن أمام نتائج أولية أفضت إلى تفكيك "جيش الفتح" الذي كان الإطار الذي يجمع اغلب الجماعات، وهو ما لا يمكن تلافيه بعد الآن حيث سيكون المشهد القادم هو تقاتل حتى النهاية، وهو قتال سيكون شرسًا وطويلًا حيث تتعادل موازين القوى بين المتقاتلين.
المستفيد الأول من هذه المواجهات التي ستؤدي بحياة آلاف الإرهابيين هي الدولة السورية وحلفاؤها، والتي ستكون بوضع مريح عندما يتقرر التقدم نحو إدلب لاحقًا، رغم أني أرى أن الأولوية الآن بدأت تتجه نحو مناطق تدمر والرقة ودير الزور وهو ما يستلزم بعض الوقت لتبلور المشهد ووضوحه.
ساحة النقاش