<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
هل ستحارب تركيا جبهة النصرة؟؟
السبت 21 كانون الثاني 2017
بيروت برس
عمر معربوني - بيروت برس - *ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
كل ما يحصل من متغيرات في الجانبين السياسي والميداني هو في الحقيقة من بركات تحرير حلب، ليس هذا وحسب فترددات زلزال التحرير ستستمر لفترة ليست بالقصيرة. ما قبل تحرير حلب كنا واضحين لجهة توصيف نتائج التحرير في البعد الجيو - سياسي، وهو ما نتلمسه عبر العديد من المتغيرات وسنبقى نتلمسه في المرحلة القادمة، فما بعد تحرير حلب ليس كما قبل التحرير،وهو الثابت الذي تنطلق منه كل المحراكات السياسية والميدانية، وأغلبها بلا شك مفاجئ ومتسارع. وعلى رأس هذه المفاجآت ما أعلنه دونالد ترامب من موقف معادٍ للإسلام دون تمييز بين المذاهب والحركات والجماعات، والمستند هنا ليس ما جاء على لسانه البارحة خلال حفل تنصيبه رئيسًا لأميركا فقط، فما نطقه ترامب البارحة هو اختصار لموقف مرتبط بتوصيف الإسلام كدين وليس كجماعات أو مذاهب، وما تذكيري بالأمر إلّا للقول إنّ مواقف ترامب ستزيد الهوّة بين الدول الإسلامية وبينه، ومن بين هذه الدول تركيا التي تتأرجح في مواقفها بين روسيا وبين أميركا والتي بات مؤكدًا إلى حد كبير أنها ستسير في المسار الروسي دون تردد بما يحفظ أمنها ومصالحها.
في السياسة يمكننا توقع كل شيء عندما تكون المسألة مرتبطة بالمصالح وليس بالعواطف، حيث يغدو عدو اليوم صديق الغد والعكس صحيح. وممّا لا شك فيه أن تركيا المكرهة حتى اللحظة بذهابها إلى الآستانة قد تتخلى عن بطانيتها وتذهب إلى اللقاء بعد يومين حاسمة لأمرها وتوجهها، خصوصًا أنّ موقف "جبهة النصرة" الواضع منذ ساعات قد رسم بين تركيا والنصرة حالة عداء واضحة، حيث تعتبر "النصرة" أنّ المسار السياسي لم يخدم يومًا "الثورة"، وأنّ الدول التي تضغط على "المعارضة" للمشاركة بلقاء الآستانة هي نفسها التي تؤثر في الخلاف بين الفصائل، إضافة لاعتبار "النصرة" لقاء الآستانة مؤامرة وأنّ كل من يشارك باللقاء متآمر.
إذن "النصرة" تعلن الحرب، وما يحصل في محافظة إدلب هو على ما يبدو حرب مفتوحة من النصرة على جميع الجماعات بما فيها حركة أحرار الشام التي آثرت عدم الذهاب إلى الآستانة كرما "للنصرة"، حيث تعاني الحركة انقساما حادًا بين جناحيها الإخونجي والسلفي المتشدد.
موقف "النصرة" من لقاء الآستانة جاء بعد تدابير تركية أوقفت من خلالها التقدم نحو مدينة الباب بشكل مؤقت والبدء بتشكيل قوة عسكرية لمواجهة "جبهة النصرة" التي تمادت بغيّها بحسب التوصيف المستجد لمصادر تركية، حيث تشير الأحداث إلى نية النصرة تشكيل إمارتها وهو ما يبدو جليًا من خلال المعارك المستمرة منذ ثلاثة أيام بمواجهة "حركة أحرار الشام" بشكل أساسي، ويشمل أيضًا مواقع ومقرات لـ"جيش إدلب الحر" و"لواء صقور الجبل"، بما في ذلك اعتقال مسؤولين في الجماعات المذكورة.
ما يحصل في إدلب وما ذهبت إليه المواقف التركية يشكل مفاجأة من العيار الثقيل لن تنتهي على ما يبدو قريبًا، فالجماعات الذاهبة إلى الآستانة اقترحت إضافةً إلى مناقشة وقف إطلاق النار مسألة تشكيل قوات مشتركة بينها وبين الجيش السوري بقيادة روسية–تركية لمحاربة "داعش"، وهو اقتراح قد يتطور بعد ما تفعله"النصرة"في إدلب إلى شمولها بالقتال من قبل القوات المشتركة التي تقترحها الجماعات المشاركة في الآستانة. في مكان ما من الواضح أن القنوات الاستخباراتية هي التي تدير المرحلة بكل تعقيداتها وتناقضاتها لجهة إعادة تركيب الإصطفافات والتحالفات، وهذا سيجعل المشهد القادم مفتوحًا على مزيد من المفاجآت قد تبدو فيه "النصرة" رابحًا للمعركة بشكل مؤقت، وهو ما سيجعل الأتراك بشكل أساسي أمام خيارات كلها مرّ، فـ"النصرة"صديقة الأتراك ستصبح على ما يبدو في وضع يشبه "داعش" لجهة انقلاب التحالفات.
انه مشهد بلا شك ساهم الروس بشكل كبير في صياغته من خلال بركات تحرير حلب التي وضعت الأتراك في موقف معقد ألزمهم وسيلزمهم لاحقًا لتقديم مزيد من التراجعات قد تستغرق بعض الوقت حتى يتبلور مشهد مسارات الإدارة الأميركية، حيث أعلن الروس اليوم أنّ حلًا سياسيًا في سوريا بدون مشاركة أميركية فاعلة لن يكتمل.
الرابح الأكبر من هذه التحولات والمتغيرات هو بلا شك سوريا الدولة التي تنتظرها استحقاقات كبيرة في الميدان وفي المسؤوليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ساحة النقاش