<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
معركة حلب بين مرونة السياسة ومتطلبات الميدان..
الثلاثاء 01 تشرين الثاني2016
عمر معربوني - بيروت برس - *ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
بدايةً، أود الإشارة إلى مجموعة من العوامل الأساسية التي شكّلت قاعدة الصمود السوري وهي الصبر اللامحدود والعقل البارد والأعصاب الهادئة، انطلاقًا من إدراك القيادة السورية مدى المصاعب التي تنتظرها خلال خوض الصراع والحجم الكبير والهائل من الإمكانيات التي تمتلكها أدوات الهجمة، بدءًا من الدول الداعمة وانتهاءً بأصغر الجماعات المسلحة.
مع الأيام الأولى لما سمي حينها بـ"الحراك الشعبي" وسمي فيما بعد بـ"الثورة السورية"، كان واضحًا مدى خطورة الاستخدام الإعلامي في صناعة مصطلحات الحرب وتشكيل قواعد صراعية على أسس طائفية ومذهبية تخدم أساس المشروع المعادي، وهو تقسيم سورية والمنطقة.
على مدى خمس سنوات ونصف السنة، لا تزال الحرب في سورية مستعرة لكن موازين القوى فيها بدأت بالتحول لمصلحة الدولة السورية، وإن كان مسار التحول بطيئًا فذلك بسبب مساحة الأرض الشاسعة التي تخاض عليها الحرب والضغوط السياسية التي تمارسها الدول الداعمة للإرهاب وعلى رأسها أميركا.
وخلال سنة من الآن تشكل معارك مدينة حلب وأريافها محور الحرب في سورية لأهمية المدينة المتعددة الجوانب، وخصوصًا في الجانب الجيوسياسي، ومن هنا يجب أن ننطلق في فهمنا لطبيعة المعارك الضاغطة التي تشنها الجماعات المسلحة المدعومة من أميركا ودول إقليمية على رأسها السعودية وتركيا.
خلال السنة الماضية كان تراكم الإنجازات الميدانية في الميدان لمصلحة الجيش السوري الذي استطاع تغيير معالم السيطرة لمصلحته بشكل كبير، ابتداءً من العمليات التي حصلت في الريف الجنوبي الغربي والشرقي، مرورًا بإغلاق طريق الكاستيلو ومحاصرة الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، وصولًا إلى الهجمات المتواصلة لهذه الجماعات من الهجوم على الكليات العسكرية وحتى الهجمات المستمرة والمنطلقة من الريف الغربي.
الهجمات الأخيرة لم تختلف في الشكل عن الهجمات التي استهدفت الكليات العسكرية، إلّا أنّ الهدف المعلن وهو فك الحصار عن الأحياء الشرقية يعتبر مهمة صعبة ومعقدة على هذه الجماعات حيث توجد خطوط دفاع متعددة للجيش السوري وحلفائه في المنطقة، وكان على هذه الجماعات أن تجتاز بنيامين وضاحية الأسد ومشروع الـ1070 ومشروع الـ3000 والحمدانية لتحدث عملية الربط مع الأحياء الشرقية، وهو الأمر المتعذر أصلًا، وهنا يبرز الأمر الأساسي وهو أشغال وحدات الجيش السوري في المنطقة لمنعه من تثبيت قواته على محور مدينة الباب.
في سير المعارك كانت وحدات الجيش وحلفائه تدرك طبيعة وأنماط الهجمات التي ستستخدمها الجماعات المسلحة في هجومها، لهذا اعتمدت نمط التعامل البعيد والمتوسط مع المفخخات المقتربة وقامت بتفخيخ ممرات الاقتراب التي انسحبت منها لتوسيع منطقة الاشتباكات وإشباعها بالصبيب الناري، سواء من المدفعية أو الطيران، وإدخال الجماعات المهاجمة في مرحلة الاستنزاف.
ترافقت التدابير الموضعية للجيش السوري مع متابعة الخطوط الخلفية وطرقات الدعم واستهداف تجمعات وأرتال الجماعات المسلحة بالطائرات، حيث كان للطائرات الروسية دور أساسي في هذه المهمة.
في الجانب السياسي نلاحظ أنّ التصريحات السورية والروسية هذه الفترة تتراوح بين اللغة الدبلوماسية السلسة والتهديد المبطن، فما صرح به وزير الخارجية السوري وليد المعلم حول رغبة الدولة السورية في إطلاق حوار سوري - سوري هو تجديد لرغبة الدولة في الذهاب نحو الحل السياسي، وهو الذي لم تستغله قوى "المعارضات" المختلفة حتى اللحظة، في حين أن عدم استهداف الأحياء الشرقية بواسطة الطيران يؤشر على رغبة روسية - سورية مشتركة بإتاحة الفرصة للحل السياسي وللتدابير والإجراءات التي تخفف من الضغوط في الجانب الإنساني، خصوصًا أن هذه التصريحات والتدابير تتزامن مع تجديد مفاعيل العفو الرئاسي الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد.
آخر التصريحات الروسية الصادرة منذ ساعات جاءت على لسان وزير الدفاع الروسي الجنرال شويغو، الذي نعى العملية السياسية في سوريا وقال إنها على ما يبدو ستؤجل إلى اجل غير محدد.
تصريحات شويغو تزامنت مع وصول القوة البحرية الروسية الضاربة والتي تضم سفينة القيادة الطراد بطرس الأكبر وحاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف بالإضافة إلى العديد من القطع البحرية ذات المهام المتعددة، وهو ما يعتبر تحولًا استراتيجيًا لا يمكن لأحد تجاهله.
الأيام القادمة ستحمل برأيي مزيدًا من المرونة في المواقف السياسية السورية والروسية لسحب الذرائع الأميركية وخصوصًا بما يتعلق بموضوع الفصل بين الجماعات، مع ما ترمزه الإشارة الروسية إلى أنّ أكثر من ألفين من الذين شاركوا في الهجوم على جبهة حلب الغربية هم من جماعات تصنفها أميركا بالمعتدلة، خصوصًا أن الجيش السوري وحلفاءه استطاعوا صد الهجمات وإلحاق خسائر كبيرة بالمهاجمين، حيث يمكننا القول إنّ الوضع الميداني هو لمصلحة الجيش السوري وليس الجماعات المسلحة رغم ان هجمات جديدة قد تتكرر على جبهات أخرى لن تكون نتائجها مختلفة عن نتائج المعارك السابقة.
ساحة النقاش