<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
هل يتكرر سيناريو تقسيم قبرص في الموصل وحلب؟ وكيف ستكون ردود الفعل الإقليمية والدولية؟
السبت 29 تشرين الأول2016
عبد الباري عطوان - رأي اليوم -
في الأيام القليلة الماضية نشرت وسائل الإعلام الحكومية التركية "خريطة جديدة" لتركيا تتضمن توسيع الخريطة الحالية، وتعديل الحدود، بحيث تتضمن شريط حدودي على طول الشمال السوري، يمتد من حلب وحتى مدينة كركوك، بما في ذلك مدينة الموصل بطبيعة الحال، علاوة على بعض الجزر اليونانية في بحر ايجة.
نشر هذه الخريطة الجديدة يتزامن مع حديث الرئيس رجب طيب أردوغان عن ضرورة تعديل اتفاقية لوزان، التي جرى التوصل إليها بين مصطفى كمال أتاتورك والدول الغربية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بهزيمة دول المحور، وتضمنت الأمبراطورية العثمانية ووضع حدود تركيا الحالية.
الرئيس أردوغان بدأ يتحدث عن "العقد الوطني" الذي يكرس القومية التركية، ويصف تخلي أتاتورك عن الموصل وحلب ليس بالأمر الواقعي، وإنما خيانة وطنية لهذا العقد، وللشعب التركي.
***
إصرار الرئيس التركي على بقاء حوالي ألفي جندي تركي في قاعدة بعشيقه قرب الموصل، وتدريب أكثر من 5000 مقاتل سني من أهل الموصل، تحت اسم قوات حماية نينوي بزعامة السيد اثيل النجيفي، محافظها السابق، وإصراره على المشاركة في الحرب لإخراج قوات "الدولة الإسلامية" من الموصل كلها، مؤشرات على رغبته في ضم المدينة، إن لم يكن الآن، ففي المستقبل القريب، استغلالا لحالة الفوضى والحروب التي تسود المنطقة، وتصاعد الفتنة والتقسيمات الطائفية، وضعف العرب على وجه الخصوص.
في عام 1939 استغلت تركيا ظروف مماثلة، أي قبل بدء الحرب العالمية الثانية، وأقدمت على ضم إقليم "هاتاي" أو آنطاكيه السوري، الذي كان خاضعا للاستعمار الفرنسي أسوة بالأراضي السورية واللبنانية، وهناك مؤشرات على أن السيناريو نفسه يمكن أن يتكرر تحت عنوان حماية الأقليات التركية خارج حدود تركيا الحديثة، على غرار ما حدث عندما أرسلت تركيا قواتها لاحتلال شمال قبرص عام 1974 حيث الأغلبية التركية.
استخدام وجود أقليات تركمانية في الموصل، وبعض المدن والبلدات في ريف حلب وشمال غرب سورية، وضرورة تدخل تركيا عسكريا لحمايتها، على غرار ما يحدث حاليا في مدن الباب وجرابلس ومنبج، حيث لا يوجد خليط اثني من العرب والأكراد والتركمان، ربما يكون الخطوات الأبرز لإعادة رسم الحدود التركية وفق الخريطة الجديدة، والرئيس أردوغان أعاد التأكيد أكثر من مرة بأن تركيا لن تخذل أبناءها التركمان وأشقاءها العرب السنة.
بوادر مواجهات بين طائرات تركية وأخرى يونانية فوق بحر إيجة في الأيام القليلة الماضية مؤشر على قلق اليونان، وقصف طائرات سورية لفصائل تابعة للجيش السوري الحر تقاتل تحت مظلة قوات وطائرات "درع الفرات" التركية، التي تتوغل في الأراضي السورية في محيط حلب الشمالي، يعكس القلق السوري، حيث وصف بيان للجيش السوري هذا التوغل بأنه احتلال وانتهاك للسيادة السورية وسيتم التصدي لهما.
القاعدة المتبعة في محكمة العدل الدولية والاتحاد الإفريقي، ومنظمات إقليمية أخرى هو مقاومة أي محاولة لتعديل الحدود القائمة منذ عهد الاستعمار، ولكن الرئيس أردوغان الذي يؤمن بالعثمانية الجديدة يرى عكس ذلك تماما، ويعتقد أن قوة تركيا وضعف الآخرين يمكن أن يحقق طموحاته في تعديل معاهدة لوزان، وضم ما تخلى عنه أتاتورك من أراضي، خاصة الموصل وحلب وكركوك إذا استطاع إلى ذلك سبيلا.
***
القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" يجري توظيفه كذريعة لإعادة رسم حدود المنطقة العربية على أسس طائفية وعرقية جديدة، والرئيس أردوغان يلعب دورا كبيرا في هذا الإطار فهل ينجح في أحلامه الأمبراطورية هذه؟
هتلر أراد تعديل حدود ألمانيا وإعادة إمبراطوريتها إلى الوجود مجددا، وانتهى الأمر بخسارته وتقسيم ألمانيا، والشيء نفسه حصل تقريباً في مناطق أخرى في أوروبا، مما يعني أن الرئيس أردوغان يقدم على مخاطرة كبيرة، وان الحروب في المنطقة تطول لعقود قادمة، هذا إذا لم تتطور إلى حرب عالمية ثالثة أو رابعة.
مرة أخرى نقول أن العرب باتوا هم الرجل المريض جدا، بل الموضوع في غرفة الإنعاش، ويعيش على الآلات الصناعية، وفي انتظار من يضغط بإصبعه على زر وقف هذه الآلات.
لا نعتقد أن الرئيس أردوغان سيكون أفضل حظا من الذين ساروا على الطريق نفسه.. ولكن مع تسليمنا انه تظل لكل قاعدة استثناءات.. والله اعلم.
ساحة النقاش