<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
وقاحات سعودية
الثلاثاء 12 تموز , 2016
إيهاب زكي - بيروت برس -
حين يقف شخصٌ آتٍ من بلادٍ تعتبر أن مجرد قيادة المرأة للسيارة تجرؤًا على الله وملائكته ورسله في مؤتمرٍ يدعو لامرأةٍ لتقود جمهورية، فتيقن أنك أمام وقاحة آل سعود الثابتة، والتي أيضًا تعتبر أن مخالفة ولي الأمر ولو بشطر كلمة سلوك يستوجب الاستتابة، تنظم حفلة التنكرية للدعوة لإسقاط ولي أمر قومٍ آخرين، ولا شك أن الوقاحة السعودية وصلت حد اعتبار مشاركة الفيصل في ذلك المؤتمر هي مشاركة بشكل شخصي وهي بالضبط كمشاركات أنور عشقي وتركي الفيصل في لقاءات مع مسؤولين "إسرائيليين" بدوافع ولدوافع شخصية. كما أنه لا شك بارتفاع منسوب تلك الوقاحة إلى حد اعتبار إيران تتجاوز القانون الدولي حيث أنها تقوم بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولٍ أخرى من خلال دعم منظمات إرهابية وانفصالية وذلك بعكس السياسة السعودية التي تلتزم بشكل صارم بالقانون الدولي، في حين أن السياسة السعودية قائمة على دعم الميليشيات والمنظمات الإرهابية منذ القاعدة في أفغانستان وصولًا إلى المجاميع الإرهابية في سوريا والعراق واليمن، ولا شك أيضًا بأنّ سلوك الفيصل لا يتنافى مع وقاحة سياسة آل سعود منذ النشأة، والتي تعتبر أن بقاء ملكها مرتبط بالمصلحة الأمريكية لوجود "إسرائيل". على أعتاب الذكرى العاشرة لعدوان تموز على لبنان عام 2006 تنظم السعودية مؤتمرًا في باريس لما يُسمى بـ"المعارضة" الإيرانية، وهي جوقة من الفاشلين الذين أغدق عليهم النظام العراقي إبان حكم صدام حسين الأموال والسلاح والمأوى دون طائل سوى التخريب وهو الهدف الأمريكي، وهم على ارتباط وثيق بالموساد، وهذا سر الدعم السعودي، فأينما وجد الموساد ستجد تركي الفيصل وعائلته، وأينما كانت المصلحة "الإسرائيلية"ستجد الأيادي السعودية. فعلى افتراض أن هذه المنظمة تحمل برنامجًا معارضًا للسياسات الإيرانية لكنه يلحظ العداء لـ"إسرائيل" في ذات الوقت، ستجد العداء من الفيصل وعائلته لا الدعم والتأييد، وفي الوقت الذي وضعت الحرب العدوانية على لبنان أوزارها، كانت الخيبة من مجرد التفكير في مهاجمة إيران تحط في العقل الأمريكي والصهيوني، حيث أن هزيمة "إسرائيل" في تلك الحرب أصبحت مقياسًا حقيقيًا وصادمًا لنتائج أي عدوان عسكري مباشر على إيران،ويبدو أن الولايات المتحدة قامت بتحميل محور الاعتدال العربي مسؤولية الهزيمة لا "إسرائيل"،حيث أن تلك الدول وعلى رأسها السعودية لم تساهم في المجهود الحربي الإسرائيلي بما يكفي لتحقيق النصر على العدو المشترك، وهذا الفشل "الإسرائيلي" جعل من سياسة إشغال ذلك المحور بنفسه هي الخيار الأفضل، وليس أفضل من آل سعود للقيام بهذا الدور انطلاقًا من خلفيات مذهبية وقومية.
ملمحان أساسيان للسياسة السعودية الخارجية،أولهما المسارعة للتطبيع مع"إسرائيل" وإشهار ذلك بشكل تدريجي وفي قوالب "غير رسمية" على سبيل التمهيد، وثانيهما تكريس العداء لإيران من منطلقات مذهبية وعرقية، فعدوانها على اليمن يتم تحت لافتة عدم السماح بقيام دولة فارسية، ودعمها للإرهاب في سوريا تحت لافتة محاربة الاحتلال الإيراني،وفي العراق لمواجهة النفوذ الإيراني،ومن ناحية أخرى تسعى لتضخيم النفوذ "الإسرائيلي" عبر التسويق للمبادرة العربية وإجراء التعديلات المطلوبة عليها "إسرائيليًا"، وقد بدأت السعودية بتنفيذ المطلب الصهيوني وهو التطبيع ثم مناقشة السلام، فكيف يكون السلام بعد التطبيع الذي هو استسلام كامل وغير مشروط، كما أنها ومن خلال الضغط المالي -الرشوة- أو ضغط الإرهاب والفوضى تقوم باحتناك الكثير من الدول العربية والإسلامية للتطبيع مع "إسرائيل" ومعاداة إيران، وهذا ما بشر به تركي الفيصل في باريس، حيث ردد "وأنا أريد إسقاط النظام"، حتى المدعو صالح القلاب المعارض الإيراني المحنك قال إنّ "لمؤتمر القادم سيكون في طهران"، ولو قام الملك الأردني بإلغاء اتفاقية وادي عربة وإعلان العداء لـ"إسرائيل" سنرى تركي الفيصل والمعارض الأردني صالح القلاب يطالبان بإسقاط النظام ويعلنان أن المؤتمر القادم سيكون في عمان أيضًا، ولا أستطيع الحكم على القدرة السعودية على افتعال الفوضى واختراق المجتمع الإيراني، وهو الهدف من تنظيم مؤتمر لثلةٍ من إرهابيين ووصوليين، ولكن الثابت أن السعودية لن تألو جهدًا عن المحاولة.
يقول محلل سعودي تعليقًا على المؤتمر في باريس متحدثًا من المملكة واحة الديمقراطية وتأكيدًا على نجاح المسعى بأنّ "الديكتاتوريات مصيرها الزوال"، كما يقول الكاتب السعودي جمال خاشقجي بأنّ "العلاقات السعودية الإيرانية لا يمكن أن تصل لأسوأ مما هي عليه الآن إلا بالحرب المباشرة لولا الردع المتبادل"، كما أجمع الإعلام النفطي على أن المؤتمر دليل نفاذ الصبر السعودي على الاعتداءات الإيرانية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال مجاراة هذه الوقاحات السعودية المتلاحقة والغزيرة.ولكن دلالات المؤتمر هي في مكان آخر بعيدًا عن تلك الوقاحات، فهو ترسيخ العداء لإيران وتكريس التطبيع مع "إسرائيل" من خلال مهاجمة كل من ناصبها العداء وعلى رأسهم حزب الله، وهذا ما يعيد للإذهان السياسة الكويتية الاستفزازية تجاه العراق والتي أدت بدورها للتهور الصدامي باجتياح الكويت، خصوصًا أنها سياسات اقتصادية كانت ضارة بالاقتصاد العراقي، كما هو الحال اليوم مع إيران، خصوصًا وان الكونغرس قام بإلغاء صفقة طائرات البوينغ مع إيران، كما أن الفوائد الاقتصادية المرجوة من الاتفاق النووي لم تتحقق بعد، فهل يكون هذا المؤتمر دليلًا على رغبة الولايات المتحدة بنصب فخ سعودي لإيران كما نصبت الفخ الكويتي للعراق، ولكن أهم الدلالات هي أن الرعونة السعودية بدأت تخرج للنور بعد بيات شتوي طويل في موسم الصيد.
ساحة النقاش