<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
حلب.. ما بين الهدنة وزيارة وزير الدفاع الروسي
2016-06-22
دام برس : بيروت برس - عمر معربوني
مدينة حلب وأريافها هذه الأيام هي اكبر اهتمامات السوريين، رغم أهمية الكثير من العمليات العسكرية التي تحصل في أكثر من جبهة على الأراضي السورية، ولما لجبهات حلب من أهمية جيوسياسية وعسكرية وما تحمله معها من تجاذبات وسجالات على المستويات المحلي والإقليمي والدولي، بحيث باتت معارك حلب نقطة الارتكاز التي يعتبر جميع الأطراف كسبها كسبًا للحرب بمجملها، لهذه الأسباب تطغى أهمية حلب على غيرها من الاهتمامات.
حتى ما قبل تطبيق وقف الأعمال العدائية، كانت الأمور تسير وبشكل متسارع لمصلحة الجيش السوري وحلفائه ما أسفر عن تحرير مئات البلدات وآلاف الكيلومترات من الأراضي التي كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة في أرياف حلب الشمالي والجنوبي الغربي والجنوبي الشرقي، وكذلك في أرياف دمشق والغوطة الشرقية منها على وجه التحديد.
مع بدء تطبيق القرار 2268 الصادر عن مجلس الأمن والقاضي بوقف الأعمال العدائية، والذي يتضمن بنودًا واضحة لجهة عدم أحقية أي من أطراف الحرب التقدم إلى أراض جديدة والاكتفاء بحق الدفاع عن مناطق سيطرته ومحاسبة الطرف الذي يخرق الاتفاق، إلّا أنّ شيئًا من هذا لم يحصل،حيث نشهد تزويرًا للوقائع واتهامات أميركية تجافي الحقائق، وتغاضيًا عن عمليات الجماعات المسلحة التي تقوم بشن عمليات هجومية في أكثر من جبهة في حلب وتحديدًا في الريف الجنوبي الغربي، حيث كان الخرق الأكبر الأول عندما تقدّمت قوات كبيرة من جيش الفتح وجبهة النصرة وجماعات وافقت على الهدنة وأبلغت غرفة عمليات حميميم بموافقتها، إلّا أنها مع ذلك خرقت الاتفاق ولا تزال حتى اللحظة تشارك في العمليات الهجومية دون أن يكون هناك موقف واضح لمجلس الأمن، في ظل تغاضي أميركي لا بل دعم علني عسكري وسياسي تمثل في إعلان واشنطن بعد أيام من الهجوم على تلة العيس أنّ أميركا عملت على تزويد "جماعات المعارضة المعتدلة" بثلاثة آلاف طن من الأسلحة والذخائر بموازاة الكثير من الخبث والمناورة والتأجيل لحسم مسألة تصنيف الجماعات تحت حجج واهية وغير مقنعة،سوى أنّ أميركا تدرك أن ما يحصل يخدم أهدافها الأساسية، وهي بحسب ما تبدو للبعض الوصول إلى التفاوض بمشهد ميداني مختلف لإعادة التوازن إلى المفاوضات، إلّا أنّ الموضوع برأيي يتجاوز هذا التفصيل ليصب في هدف أميركا السياسي وهو تقسيم سوريا، وهو مسار صار واضحًا حيث تستخدم أميركا القوات الكردية لهذا الغرض ولا تبدي روسيا أي اعتراض طالما أنّ الأمر يدخل في باب الضغط على تركيا انطلاقًا من الملف الكردي.
في المسائل الإستراتيجية، لا نستطيع التسليم أو السير بالمسار العاطفي في توصيف الصراع ما يوجب علينا مقاربة الأمور كما هي ومعالجة أسبابها حتى لا نصبح مضطرين إلى التعاطي مع النتائج كأمر واقع لا مفر منه.
والسبب في طرح المسألة هو السجال المطروح حول الهدنة وموقف روسيا منها، الذي وصل عند البعض حدّ التشكيك والاتهام بوجود اتفاق أميركي - روسي يهدف إلى تقاسم النفوذ في سوريا في حين أنّ نظرة عقلانية على مسار العلاقة الأميركية - الروسية في الشهرين الأخيرين تذهب بنا إلى غير ذلك تمامًا، حيث تبدي روسيا ومعها أيضًا الدولة السورية أعلى مستويات الالتزام والاحترام للقرارات الدولية وتقتصر التصريحات على التمسك بالثوابت، بينما ذهبت أميركا بعيدًا في الإمعان بضرب القرارات الدولية عرض الحائط طالما لا تحقق مصالحها، والتعامل مع الأمور على قاعدة العصا والجزرة أحيانًا والذهاب إلى الخبث والعبث والمناورة أحيانًا أخرى.
وأكثر ما لفت نظري حول دقّة الموقف هو كلام للرئيس بوتين أنّ السلوك الأميركي قد يذهب بالأمور إلى حدود الصراع الشامل والمدمّر، وهو ما يعني أن العلاقة الأميركية – الروسية تسير ضمن تفاهمات الحدّ الأدنى للحفاظ على عدم ذهاب الأمور إلى الهاوية.
وان كان هناك الكثير من التفاصيل في هذه العلاقات، إلّا أنّ أمورًا أساسية لا يمكن إغفالها وهي الضغوطات والتحديات التي تتعرض لها روسيا انطلاقًا من مشكلة أوكرانيا وما نتج عنها من عقوبات اقتصادية أميركية– أوروبية على روسيا،أو من خلال مشاكل القوقاز أو مسالة الصواريخ في رومانيا وعلى ما يبدو قريبًا في بولندا إضافة إلى مشكلة البحر الأسود وغيرها من المشاكل.
ورغم كل تلك المشاكل والضغوطات، فإنّ روسيا أقدمت على استعادة شبه جزيرة القرم وأعلنت الدخول إلى سوريا وقلبت ميزان القوى بشكل دراماتيكي. والسؤال الملّح هنا: هل أميركا تدرك فعلًا أن كسر روسيا لمزيد من الخطوط الحمراء سيؤدي إلى صراع شامل، وبالتالي تُمسك روسيا من يدها؟ أو أنّ الروس يتريثون ويستنفذون ما تبقى من الأوراق لقلب الطاولة مجددًا على الأميركيين الذين يبدون من خلال مواكبة عمليات القوات الكردية مرتاحين لسير العمليات، ويعرفون نتائجها المستقبلية التي تحقق أهدافهم؟ بكل الأحوال، فنحن في الآونة الأخيرة كنا أمام مستجدين كبيرين لا يمكن تجاهلهما، وهما:
- اجتماع وزراء دفاع سوريا وروسيا وإيران في طهران، وما لمكان الاجتماع من دلالات حيث لم يكن هناك سابقة لاجتماع الوزراء الثلاثة ما يعني أنّ الأمور لو كان يجب أن تسير بحسب البروتوكولات فكان يجب أن يعقد الاجتماع في موسكو كونها الدولة الأكبر في كل المجالات، وما عقد الاجتماع في طهران إلّا إشارة روسية لباقي أطراف حلف المقاومة بأنّ روسيا وقعت في الخديعة الأميركية، وان الأمور يجب أن تسير بمنطلقات ومسارات مختلفة.
-الزيارة المفاجئة لوزير الدفاع الروسي للرئيس السوري بشار الأسد والتي اقتصرت على الرئيس الأسد في الجانب السوري ووزير الدفاع الروسي ونائبه جنرال الجيش ديميتري بولياكوف، المسؤول عن التجهيزات في الجيش الروسي، مع العلم أنّ لوزير الدفاع الروسي نواب عديدين، ما يعني أنّ مرافقة مسؤول التجهيزات ترتبط بمسألتين تتعلق إحداهما بقاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية، والثانية مرتبطة بحاجات الجيش السوري حيث سبقت زيارة وزير الدفاع الروسي تصريحات روسية حول التزام روسيا تنفيذ العقود بتوريد السلاح إلى الجيش السوري.
إذًا نحن أمام مستجدات غير اعتيادية تتزامن مع حسم لمعارك الفلوجة وانطلاق معارك أخرى في العراق تمهيدًا لمعركة الموصل، ما يعني بوضوح لا يحتاج كثيرًا من التحليل انه بالإضافة إلى استئناف العمليات في حلب وإكمال تنظيم نقاط الارتكاز وتحضير الميدان نحو الطبقة، فالرقة إضافة إلى العمليات باتجاه السخنة والتي وصل فيها الجيش إلى حقول الأراك النفطية ومحيطها ما يعني أنّ اتجاه الهجوم هو نحو دير الزور.
ويبقى أن نشير إلى أن العديد من العمليات في محيط الضمير في البادية شرق دمشق قد تم بعضها سابقًا، ويمكن أن تُستكمل قريبًا، تصب كلها في رؤية مشهد واضح المعالم هو إعادة ربط العراق بسوريا عبر أكثر من طريق بري، ما يعني أنّ خطوط الإمداد البرية إلى طهران ستكون جاهزة لنقل المعدات والسلاح والرجال أضعاف مضاعفة عما يمكن أن تؤمنه خطوط الإمداد الجوية الحالية.
ولأنّ المشهد بهذا الوضوح، تقوم أميركا باستعجال العمليات بواسطة القوات الكردية وتقوم الجماعات المسلحة في أرياف حلب بعملياتها الهجومية بهدف تأخير وإعاقة العمليات الكبرى التي تحتاج إلى الكثير من التحضير وصولًا إلى وضع اللمسات الأخيرة، علمًا بأن تطورات ومتغيرات المشهد لن تتم بسهولة وبسرعة كما يتصور البعض، فالمعارك القادمة هي معارك حسم الخيارات الجيوسياسية والتي ستكون مرتبطة بمن يحقق النصر النهائي، رغم أنّ الكثيرين يقولون بأن لا منتصر إلّا أنّ قناعتي هي انه لا بد من منتصر وإلّا ستستمر الحرب لعقود طويلة.
ساحة النقاش