<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الرقّة بين الـ«رامبو» الأميركي و«السوبرمان» الكردي..
الخميس 26 أيار 2016
عمر معربوني - بيروت برس -
المتتبع لمسار القوات الكردية منذ إعلان الحرب على سوريا لا يحتاج الكثير من الاجتهاد ليتبين طبيعة الأهداف التي ترتبط بطموح تاريخي لإقامة الدولة الكردية يجد طريقه إلى العلن أحيانًا وينكفئ أحيانًا أخرى، وأنا هنا لا أتكلم عن مرحلة بعينها وإنما عن مراحل مختلفة ترجع إلى مئة عام مضت.
إذًا، يمتلك الأكراد هدفًا يعملون من أجل تحقيقه وهم استطاعوا في العراق ان يُنجزوا جزءًا من هذا الهدف عبر قيام إقليم كردستان الذي ينتظر بدوره الانتقال إلى مرحلة الاستقلال الكامل، وهو أمر لم يعد خافيًا وقد أعلنه الكثير من المسؤولين الأكراد وعلى رأسهم رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، عبر مناورة دعا فيها خلال شهر شباط الفائت إلى الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن العراق، وهو أمر سبقه في شهر تموز عام 2015 إعلان إقليم كردستان استقلاله في بيع النفط الخاضع لسيطرة الإقليم.
أمر آخر لا بد من تذكره، وهو العلاقة الحميمة التي تربط الأكراد بكل من أميركا والكيان الصهيوني والتي ترجع إلى ستينيات القرن العشرين، وما نراه اليوم من تعبير عن هذه العلاقة يجب ألّا يكون موضع استغراب أو استهجان من أحد، وما تبيان هذه العلاقات إلّا بهدف الذهاب في التحليل نحو الواقعية خصوصًا أنّ المسألة مرتبطة بعنوان الموضوع والذي لا يستهدف الإثارة ولا التشويق بقدر ما يستهدف الدلالة على طبيعة المعركة التي ستخوضها القوات الكردية بدعم أميركي بمواجهة تنظيم "داعش"، الذي أعلنت أكثر من شخصية أميركية ومنهم هيلاري كلينتون والجنرال ويسلي كلارك وغيرهم الكثير أنّه صناعة أميركية وهو امتداد لتنظيمات عديدة تم إطلاقها ودعمها منذ عام 1978 مع انطلاق العمليات "الجهادية" في أفغانستان لمواجهة الإتحاد السوفياتي.
والسؤال الذي يتبادر للأذهان بعد هذه المقدمة هو: هل نحن أمام تمثيلية المخرج فيها أميركا والممثلون القوات الكردية و"داعش"؟
المسألة ليست بهذا التبسيط طبعًا، وهي تتجاوز الكلام الشعبي المتداول إلى الكثير من التراكمات والتعقيدات والتي تتم إدارتها من قبل أجهزة المخابرات ضمن اعتراض القوى الإقليمية الداعمة للجماعات المسلّحة وعلى رأسها تركيا وقطر على موقف أميركا الداعم للقوات الكردية، أميركا التي حاولت على مدى خمس سنوات أن تجد لها "معارضة معتدلة" لم تفلح إلّا بتدريب 60 طرزانًا، سلم 55 منهم أنفسهم وأسلحتهم لجبهة النصرة بعد انتهاء تدريباتهم وتكليفهم بمهامهم، تجد نفسها أمام نموذج منظم ومتماسك يمثله الأكراد يمكنها من خلاله تحقيق مجموعة من المسائل المباشرة وغير المباشرة.
وبحسب ما تجري الأمور فإننا سنكون أمام تكرار لنصر عين العرب "كوباني" يؤدي في المباشر إلى ترسيخ القوات الكردية كقوات فاعلة وقادرة، ويفرضها كأمر واقع يساعدها في بناء الكانتون الكردي ويمكن من خلاله لأميركا التحكم ببعض مفاتيح المفاوضات، علمًا بأنّ هدف أميركا المباشر هو التوجه للرأي العام الأميركي بنصر على الإرهاب المتمثل بتنظيم "داعش" لاستثمار "الانتصار" في انتخابات الرئاسة الأميركية.
في معركة عين العرب سقطت كل المعايير المتعارف عليها في خوض المعارك، واستطاع الأكراد الانتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم المضاد، وألزمت أميركا تركيا بالسماح لقوات البشمركة الكردية المرور عبر أراضيها والدخول إلى عين العرب، وهو أمر سيتكرر عبر تراجع تركيا عن تلويحها بإغلاق المجال الجوي أمام طائرات التحالف الأميركي، فعندما يتعلق الأمر بمصالح أميركا تصبح الرغبات والهواجس التركية مجرد صراخ في الفراغ.
في الجانب العسكري سنكون أمام مشهد فيه الكثير من التشويق والبروباغندا حيث سنشهد تساقطًا غير متوقع لمواقع تنظيم "داعش"، خصوصًا أنّ التنظيم بدأ بتنفيذ إعادة تموضع لقواته وتضييق مساحة سيطرته الجغرافية والسماع لعائلات مقاتليه في الرقّة الانتقال إلى أماكن أكثر أمنا. وبتقديري أنّ سيطرة القوات الكردية على الرقّة لن يؤدي إلى إضعاف تنظيم "داعش" إذا ما علمنا أن مراكز القيادة والسيطرة للتنظيم لم تعد موجودة في الرقّة، وهي إجراءات ينفذها التنظيم تحت مرأى أميركا، فمن يعتقد أن أميركا تهدف إلى القضاء على "داعش" في الوقت الحالي هو واهم، حيث يوفّر هذا التنظيم لأميركا فرصة محاربة الوحش للاستمرار في استثمار الفوضى وما سيحصل هو استمرار لسياسة ترويض الوحش وليس القضاء عليه.
واقعيًا لا تستطيع القوات الكردية (12 ألف مقاتل) المطعّمة ببعض العرب من تحقيق السيطرة على مساحات شاسعة، بما فيها مدينة الرقّة التي إذا انسحب منها تنظيم "داعش" سينسحب بالتأكيد إلى أماكن تمكنه من الحفاظ على الطريق الرابط بين جرابلس ومنبج ودير الزور وصولًا إلى الميادين والبوكمال، وهو ما سيحصل برأيي لأن أميركا لا تريد اقله حتى نهاية العام الحالي أن ينهزم "داعش" كليًا.
مع بداية العمليات باتجاه الرقّة سنشهد تعاظمًا لرامبو الأميركي وسوبر مان الكردي عبر مشاهد متتالية تظهرها أميركا كمنتصر وقادر على تحقيق الهزيمة في الإرهاب، وإبراز الأكراد كشريك يعوّل عليه لتحقيق الهدف الأكبر لأميركا وهو زرع إسفين التقسيم الأول كنموذج ستعمل أميركا على تعميمه، فإن كان النموذج الأول سيكون على أساس قومي فما يحصل في العراق من تباطؤ في القضاء على "داعش" قد يؤدي الى بروز النموذج الثاني على أساس مذهبي.وإن تكلمنا عن الأهداف الأميركية، فإنّ المحور المضاد وهو محور المقاومة يمتلك بالتأكيد ما يمكنه من منع الكثير من هذه الأهداف الأميركية أو إعاقة تنفيذها على الأقل في المرحلة القادمة التي ستشهد حماوة غير مسبوقة، في ظل وصول الأميركيين والروس إلى خط مسدود في عدم التمكن من التفاهم على الكثير من القضايا ما سيفسح المجال لعودة المعارك الكبرى.
ساحة النقاش