<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الشهيد ذوالفقار وسلاح المصداقية
الأحد 15 أيار 2016
إيهاب زكي - بيروت برس -
"كيري في جولة عالمية لوقف النزاع المدمر في الشرق الأوسط"، هذا ليس بيانًا صادرًا عن الخارجية الأمريكية، بل عنوان في جريدة الشرق الأوسط السعودية، فالخارجية الأمريكية أقل استخفافًا بعقول العرب من العرب أنفسهم، فهذا الدمار أرادته الولايات المتحدة وكانت السعودية أحد معاوله، وهذا التناول لزيارة كيري المرتقبة إلى السعودية يتنافى مع التحليلات السابقة عن "جرد" ناتج عن تمرد سعودي على الإدارة الأمريكية، وهي التحليلات التي تستحق تصدر كتاب غينيس للضمور العقلي. وهذا التعاطي لا يتنافى مع نفس المنطق الذي يتم من خلاله تحليل جريمة اغتيال الشهيد مصطفى بدر الدين-ذوالفقار-، فقد تم التركيز بشكلٍ مُلح ومستبق لنتائج التحقيق، على صِلات الشهيد المفترضة تلفيقًا بعملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، أو بالتذكير باعتقاله في الكويت، كما قال أحد المحللين الكويتيين على قناة العربية تنطعًا "إن هذا ثأر عمره عشرات السنين"، وهو المنطق الأقرب لأحد أوجه المنطق الصوري، حيث نقول مثلًا: (الهروب من المعركة جبن، الجبن أحد مشتقات الحليب، فتكون النتيجة: الهروب من مشتقات الحليب)، فإعلام النفط ومحلليه يريدون إقناعنا بالهروب من مشتقات الحليب.إنّ الحقيقة التي لا يمكن أن يكون لها متسع في تلك العقول والضمائر بحكم الضمور العقلي طبعًا، هي أنّ المصداقية هي الرأسمال الأكبر لحزب الله كمًّا ونوعًا، كما أنها احتياطيّه الذي لا ينضب،وبالتالي فإنّ المنطق يعني أنه وتحت أي ظرفٍ من الظروف لا يمكن له وضعها على المحك، فالتضحية بكل كوادره من حارس المسجد إلى حارس الدم خيارٌ أهون بكثير من التضحية بمثقال ذرةٍ من مصداقية، لأنّ هذه المصداقية ليست ترفًا أو مجرد طبائع شخصية ناتجة عن خلفيات دينية أخلاقية أو تربوية، بل جزءٌ من ميزان الردع الذي يمتلكه الحزب، حيث تكفي شق كلمة من السيد نصرالله لتشعر "إسرائيل" بالخطر الفعلي والقريب. وبما أن جميع الأعداء يدركون حدة هذا السلاح فهم يحاولون خدشه بلا كللٍ ولا ملل، وآخر الأمثلة على ذلك هو البيان الذي أصدره الحزب في اتهام جهاتٍ تكفيرية في سوريا لم يحددها باغتيال الشهيد ذو الفقار،فبدأ الهجوم على البيان في محاولاتٍ لنقده حد نقضه،باعتباره بيانًا مراوغًا في أفضل الحالات وكاذبًا جبانًا في أسوأها،وكما يقول فولتير"من الخطير أن تكون على صواب حين تكون الحكومة على خطأ"، وحزب الله في خطرٍ شديد لصوابه أمام"حكومة"الجماهير المثخنة بالنفط والغرائز.إنّ بيان الاتهام الذي أصدره الحزب شديد الاقتضاب،وفيه معلومة واحدة وخيارٌ أوحد سابق ولاحق على جريمة الاغتيال،المعلومة هي اتهام جهة تكفيرية غير محددة، وعدم تحديدها لا ينفي قطعًا صدقية الاتهام،فـ"السياسة حرب باردة والحرب سياسة ساخنة"كما يقول المؤرخ آرنست رينان،وحزب الله يتقن الحربين، فعدم تحديد الجهة يدخل في إطار السياسة الباردة، فيما الخيار الأوحد في البيان يدخل في إطار السياسة الساخنة، فالتعاطي مع هذا النوع من العمليات الأمنية لا يمكن أن يكون بمنطق الثأر العشائري، بل بمنطق الحرب وأهدافها الإستراتيجية التي تشنها الولايات المتحدة على منطقتنا وشعوبنا باستخدام كل معاولها حد استهلاكها، فإنّ هذا الاغتيال جاء بعد خرقٍ للهدنة في خان طومان وانتزاعها من سلطة الدولة السورية بما كلفته من شهداء، ومذبحة مستعارة من همجية النفط في قرية الزارة، أدمت كل قلبٍ باستثناء إعلام منطق "مشتقات الحليب" ومموليه، حيث بدا أنّ الهدنة أخطر من الحرب، وعليه فإن منطق الحرب الساخنة بدأ يدخل حيز التنفيذ على حساب هدنة الحرب الباردة،حيث أن هذه الخسارات ثلاثية الأبعاد، سوريا إيران وحزب الله لم يعد من الممكن إلا أن تكون توطئة لردة فعل ليس فقط ساخنة بل ومميتة.
وبالعودة إلى نفس منطق"مشتقات الحليب"فإنّ هناك حديث يدور حول أنّ الحزب اتهم الجماعات التكفيرية هربًا من المواجهة مع "إسرائيل"، ولكن الحقيقة هي العكس تمامًا، فـ"إسرائيل" هي الخيار الأسهل على الإطلاق هذا أولًا، وتهرب حزب الله من اتهامها في حال كانت هي المنفذ المباشر، فهذا يعني تهشم قدرة الحزب الردعية ثانيًا، ولكن بكل الأحوال فإنّ هذه الجماعات التكفيرية أضافت خدمة عظيمة لسجلها الحافل بالخدمات المجللة بالعار لـ"إسرائيل"والمشروع الأمريكي في المنطقة، فلم يعد التمييز بين أطراف العدوان منطقيًا، فهم يحاربوننا كافةً والجزاء من جنس العمل، فالواجب أيضًا محاربتهم كافة، وبما أنّ السيد نصرالله قد أرجأ ظهوره ليوم الجمعة القادم في تأبين الشهيد ذوالفقار، وبما أننا نعتبر أنّ المصداقية جزء من سلاح الردع، وبما أنّ السيد تحدث سابقًا عن شهورٍ ساخنة، فإنّ يوم الجمعة القادم سيكون يومًا مشهودًا، فلا خيارات إلا النصر ولا سبُل إلا البندقية.
ساحة النقاش