<!--
<!--<!--<!--
حلب... فلتسقط السياسة أمام الإنسان
الاثنين 25 نيسان , 2016
باسل أبو شاش - بيروت برس -
قبل خمسة أعوامٍ، كان توجهه يوميًا إلى عمله أمرًا روتينيًا.. اليوم باتت العملية السابقة عاملًا قد يسهم في فقدانه لحياته.أحمد، شابٌ من مدينة حلب شمال سورية، يخرج كل صباحٍ من منزله دون أن يعلم إن كان سيعود هذه المرة سالمًا معافى إلى أسرته المكونة من ثلاثة أفرادٍ "زوجته وطفلين"، فالقذائف اليومية ورصاص القناصات والتفجيرات التي نفذتها التنظيمات المسلحة في المدينة كانت سببًا لارتقاء عشرة آلاف شهيد، وإصابة ما يقاربُ مئة ألف جريحٍ، وفقًا للمصادر الميدانية.قصة أحمد هي واحدةٌ من قصصٍ كثيرةٍ يعيشها أبناء أقدم مدن العالم، وأكبر المحافظات السورية، والتي كانت تعتبر يومًا ما شريان سورية الاقتصادي، قبل أن تدخل الحرب إلى أزقتها وتمزق ما فيها من مظاهر حياةٍ وجمالٍ عرفت بها خلال الماضي القريب.
يومُ حلب الأسود
كلُ ما سبق عاشته مدينة الشهباء سابقًا، وتعيشه اليوم، على الرغم من دخول المدينة في اتفاق وقف الأعمال القتالية أو ما يعرف بالهدنة السورية، التي شارفت على إكمال شهرها الثاني، فعدد القذائف اليومية وصلَ خلال الأيام القليلة الماضية إلى مئةِ قذيفةٍ تنوعت بين الصاروخية والهاون، وهو ما تجسد في ليلة 23 نيسان الجاري حيث انهمرت عشرات القذائفِ على أحياء الخالدية، ومساكن الخالدية، ومساكن السبيل، وحي السبيل، والموكامبو، وشارع النيل، وشارع تشرين، والشهباء الجديدة، وحي الروضة، وجمعية الجامعة، ما أسفر عن ارتقاء عشرة شهداء بينهم طفلتان وإصابة ما يزيد عن خمسين آخرين بجروح متفاوتة، وانهيار عددٍ من الأبنية السكنية. اللافت في الموضوع أن هذه الجرائم التي ترتقي إلى مستوى المجازر بحق البشرية، تحدثُ أمام أعين المنظمات الإنسانية والحقوقية، وأمام أعين الدول الغربية والإقليمية، التي ومنذ خمس سنواتٍ وإلى اليوم لطالما تحدثت بلسانِ المواطن السوري، وبالإنسانية وحقوق الإنسان في سورية. وبالتالي، أليس ما تعيشه حلب اليوم من هجمةٍ إرهابية يتنافى مع جميع الأعراف والمواثيق الدولية، وأليست الدماء التي تسيل يوميًا على طرقات المدينة تستحق من هذه الدول أن تقفَ ولو لمرةٍ واحدة فقط، لإدانة هذه المجازر..!!
إلى متى..!
الأكيد في الموضوع أنّ أبناء مدينة حلب لم تعد يعنيهم أحاديث السياسة والسياسيين، وثبات الهدنة من عدمها، فمنسوب الألم والوجع بلغ حدًا يصعبُ تحمله،ومهما تحدثنا عنه لا يمكن للكلمات أن تصفَ حكم المأساة التي باتت تعيشها حلب،فالقضية باتت بحاجة إلى حل عسكري وجذري.
"فلتسقط الهدنة وليعيدوا إلينا حياتنا"... هي الكلمات التي يؤكدها أبناء المدينة صباحَ مساء، مشيرين إلى أن الحل الوحيد لقضيتهم يكمن في إنهاء الوجود المسلح، وإعادة الأمن والاستقرار إلى حياتهم، سيما وأن التنظيمات المسلحة هي التي بادرت على حد وصفهم إلى خرق الهدنة، ولم تحترم بنودها منذ اليوم الأول لتطبيقها.
معركة حلب الكبرى
المتابع لما يجري في حلب وريفها، يلحظ أن هناك ما يُحضر على هذه الجبهة عسكريًا وميدانيًا، من قبل جميع الأطراف، الجميع اليوم بات يستعدُ للحظة التي تطلقُ فيها رصاصة الرحمة رسميًا على اتفاق "الهدنة" لتعودَ كلمة الفصل أخيرًا إلى الميدان... فالفصائل المسلحة بدأت منذ أسابيع بحشد الآلاف من مقاتليها في الريفين الشمالي والجنوبي، وهو ما أشارت إليه وزارة الدفاع الروسية بقولها عن حشدِ "جبهة النصرة" لأكثر من 1200 عنصرٍ في شمال المدينة،وأضعاف هذا الرقم في الريف الجنوبي.الأنباء القادمة أيضًا من الشمال السوري، تشير إلى استعداداتٍ يقوم بها الجيش السوري مع الحلفاء، بهدف التحضير للمعركة في حال انطلاقها، حيث وصلت خلال الأسابيع الماضية حشودٌ روسية وإيرانية وروسية ومعهم عناصرٌ من حزب الله اللبناني، إلى جبهاتِ حلب المختلفة، سيما وأن التقديراتُ تشير إلى أن المعركة في حال انطلاقها ستشمل ثلاثة محاور، هي الريف الشمالي والجنوبي الشرقي والجنوبي الغربي، بالإضافة إلى الاعتماد أيضًا على الثقل الجوي الروسي.إذًا، من سيطلق شرارة المعركة الأولى، وكيف ستكون تداعياتها الإقليمية والدولية في ظل الدعم التركي والسعودي للفصائل المقاتلة في حلب وريفها..؟ سؤالٌ سنترك الجواب عليه للأيام القادمة.
ساحة النقاش