<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
اجتماع الدوحة النفطي انتهى بالفشل ورفض الشرط السعودي بالتزام الجميع بتجميد الانتاج بما في ذلك ايران.. هل ينفذ الامير محمد بن سلمان تهديداته ويغرق الاسواق بمليوني برميل ويخفض اسعار النفط الى عشرين دولارا؟ وكيف سيكون الرد الروسي؟ ومن هو الخاسر الاكبر؟
رأي اليوم = الافتتاحية
لاول مرة، ومنذ عدة اشهر، تجد المملكة العربية السعودية نفسها ليست صاحبة الكلمة الاولى والاخيرة، ومثلما كان عليه الحال في اجتماعات قمة منظمة التعاون الاسلامي في اسطنبول، وقبلها اجتماعات وزراء الخارجية والداخلية العرب، فهناك قوى عظمى، واخرى متوسطة، لا تتردد في قول كلمة “لا” اذا تعارضت مواقف المملكة مع مصالحها.
نحن نتحدث هنا عن المؤتمر الذي انعقد اليوم في العاصمة القطرية الدوحة، وشارك فيه وزراء نفط دول منظمة “الاوبك” (12 دولة)، الى جانب ستة وزراء يمثلون دولا منتجة خارجها، على رأسهم وزير النفط الروسي.
الاجتماع الذي استمر لاكثر من ست ساعات كان يدرس اقتراحا سعوديا روسيا بتجميد الانتاج وفق معدلات شهر كانون الثاني (يناير) الماضي حتى شهر تشرين الاول (اكتوبر) المقبل لحين انعقاد اللقاء الثاني في موسكو، وكانت العقبة الرئيسة تتمثل في اصرار المملكة العربية السعودية على التزام جميع الدول المنتجة، خارج “اوبك” وداخلها، باتفاق التجميد بما في ذلك ايران.
ايران قاطعت الاجتماع، واكد السيد بيجان زنقنه، وزير نفطها، بأنها لن توقع اي اتفاق يتمخض عن الاجتماع في الدوحة، وقال ان انتاج بلاده انخفض الى مليون برميل بسبب الحصار الذي كان مفروضا عليها، الامر الذي يقل كثيرا عن حصتها المقررة من قبل منظمة “اوبك”، وهي 2.4 مليون برميل، وتجميد انتاجها يعني البقاء وفق المعدل المتبع اثناء الحصار، وهذا ليس في صالح ايران.
عندما قبلت المملكة العربية السعودية بلعب دور المنتج “المتأرجح” في منظمة “اوبك” عام 1990 كانت حصتها 5 ملايين برميل يوميا، الآن ارتفع الانتاج الى عشرة مليون برميل، وجاءت هذه الزيادة المستمرة منذ سنوات على حساب العراق الذي كان محاصرا، وممنوع عليه التصدير، وحصته كانت 3.5 مليون برميل، وايران التي خضعت لحصار امريكي غربي لاحقا.
السعودية هي التي خلقت هذه الازمة قبل عامين عندما رفضت اي تخفيض في الانتاج داخل “اوبك” لتعزيز الاسعار التي كانت تتراوح بين 118 ـ 120 للبرميل، ومن اجل دفع الاسعار للهبوط وبما يؤدي الى احداث حالة من الشلل في الاقتصادين الايراني والروسي، بسبب دعم البلدين للنظام السوري و”حزب الله” في لبنان، واعتقدت ان حجم الانخفاض لن يزيد عن 70 دولارا ولفترة قصيرة، ولكن تقديراتها كانت خاطئة كليا.
الاسعار انهارت بالفعل بأكثر من الثلثين، وانخفضت الى حوالي ثلاثين دولارا للبرميل، وكانت السعودية ودول الخليج من اكبر الخاسرين، وبلغ حجم هذه الخسائر في حدود 370 مليار دولار سنويا، اما النفط الصخري الذي ارادت السعودية اخراجه من الاسواق بسبب ضخامة تكاليف انتاجه في امريكا خاصة (تكلفة انتاج البرميل في حدود 60 دولارا)، فاستطاع بعض منتجيه التكيف جزئيا مع انخفاض الاسعار بتطوير وسائل الانتاج، واستمر معدل الانتاج الامريكي من هذا النفط في حدود 9.5 مليون برميل يوميا.
ايران تريد ان تتذوق السعودية الكأس المرّ نفسه الذي اسقته اياه، اي ان لا تلتزم بالمطالب السعودية في تجميد الانتاج، لانها تدرك جيدا ان السعودية التي انهارت عوائدها النفطية، وجزء كبير من احتياطاتها النفطية بسبب العجز في الميزانية (100 مليار دولار) والتكاليف الباهظة لحربها في اليمن وسورية باتت اكثر حاجة لارتفاع الاسعار لسد جزء معقول من احتياجاتها، وتخفيض معاناة شعبها الناجمة عن اجراءات التقشف.
الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، رجل السعودية القوي، ورئيس اللجنة الاقتصادية السعودية العليا المشرفة على قطاع الاقتصاد والنفط، هدد في تصريحات لوكالة “بلومبرغ” اليوم بان المملكة ستزيد انتاجها بمعدل مليون او مليوني برميل اذا لم يتم التوصل الى اتفاق في الدوحة، او جرى التوصل اليه ولم تلتزم به ايران، واذا نفذ تهديده هذا فان الاسعار ستهوي الى حاجز العشرين دولارا للبرميل النفسي، وربما اقل، وهو في هذه الحالة كمن يطلق النار على قدمه.
الدكتور عبد الصمد العوضي الخبير النفطي الكويتي ووكيل وزارة النفط الاسبق اكد لـ”راي اليوم” ان الفائض في السوق حاليا يقدر بحوالي مليون برميل، واي زيادة جديدة في الانتاج من السعودية او غيرها سيؤدي الى انخفاض كبير في الاسعار التي تعافت قليلا مؤخرا، ووصلت الى ما فوق الاربعين دولارا للبرميل بسبب تصاعد الآمال بتجميد الانتاج في مؤتمر الدوحة”.
ويعتقد الدكتور العوضي “ان السوق سيبقى على حاله سواء اتفقوا في الدوحة او لم يتفقوا، فالازمة اساسها التخمة في الاسواق”.
السعودية تجد نفسها الآن في مواجهة روسيا والمعلومات التي رشحت عن محادثات الدوحة تحدثت عن صدامات كبيرة بين الطرفين حول صياغة بنود الاتفاق وآليات الرقابة، والانتاج الايراني.
ايران ستنتج نصف مليون برميل اضافي حتى نهاية العام الحالي، وربما يتضاعف الرقم العام المقبل، الامر الذي سيشكل صداعا مزمنا للمملكة العربية السعودية ودول الخليج.
السعودية، وحسب اعتقاد الكثير من الخبراء، هي التي تسببت بهذه الازمة عندما اصرت على عدم تجميد الانتاج، وضخت اكثر من مليون ونصف المليون برميل اضافي في الاسواق، وتريد الاحتفاظ بحصتها الحالية، واجبار الآخرين على التجاوب مع شروطها في تجميد الانتاج، والا ستهدم المعبد فوق رأسها ورؤوس المنتجين الآخرين، ولا نعتقد انها ستنجح في ذلك، فروسيا ليست مصر وباكستان ودول الخليج الاخرى، وايران التي اهينت وتعرضت وحلفاؤها للعزل في القمة الاسلامية ربما تتصرف بطريقة مختلفة هذه المرة.
اسعار النفط باتت على كف عفريت، والانخفاض هو الاكثر ترجيحا، وعلى شعوب الدول الخليجية، والدول المنتجة العربية الاخرى، شد الاحزمة على البطون، وانتظار المزيد من الاجراءات التقشفية، اللهم الا اذا حدثت معجزة.
نحن لسنا في زمن المعجزات، واجتماع الدوحة انفض دون اتفاق، والعالم في انتظار رد الفعل السعودي، فهل سينفذ الامير محمد بن سلمان تهديداته، ويغرق الاسواق بمليوني برميل اضافية، ويهوي بالاسعار الى ما تحت العشرين دولارا؟ لا نستبعد ذلك فنحن في زمن “عاصفة الحزم”. الساعات المقبلة حاسمة.. ولا شيء يبعث على التفاؤل.
ساحة النقاش