<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
هل أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» الحرب على عواصم التحالف الستيني؟
التاريخ: 28 مارس, 2016
فلاش بريس = عبد الباري عطوان
تعيش معظم العواصم الأوروبية حاليا حالة من القلق والتوتر الأمني منذ تفجيرات مطار بروكسل، وبعض محطات المترو التي نفذتها خلية تابعة لـ«الدولة الإسلامية» التي سارعت بإعلان وقوفها خلفها، فالمطارات الأوروبية تعمل في إطار خطط طوارئ قصوى، ورجال الأمن بملابسهم المدنية، أو الرسمية، في كل مكان تقريبا، وأنا شخصيا تعرضت للمساءلة في أحدها من دون بقية الركاب، ربما لأن شكلي عربي شرق أوسطي، رغم أنني لست ملتحيا، ولكن شاربي «الصدامي» الكث يوحي بهويتي على أي حال.
أسئلة كثيرة تتردد حاليا في الصحف ومحطات التلفزة الغربية على ألسنة «الخبراء» في شؤون الإرهاب، عن أسباب استهداف بروكسل، ولماذا الآن، وهل هذه الهجمات انتقام لاعتقال الشاب صلاح عبد السلام، العقل المدبر لهجمات باريس؟ ثم أين سيكون الهجوم المقبل؟
اختيار بروكسل جاء لعدة أسباب، أبرزها وجود جالية إسلامية كبيرة، تشكل حوالي 30 بالمائة من سكانها، ولمشاركتها في التحالف الستيني الذي تتزعمه الولايات المتحدة، وتغير طائراته يوميا على مواقع «الدولة الإسلامية» في العراق وسورية (أكثر من 10 آلاف غارة حتى الآن)، ولوجود البرلمان الأوروبي، ومقر حلف «الناتو» في قلبها.
ربما لا نبالغ إذا قلنا أن بلجيكا واحدة من أكثر «الحواضن» الأوروبية دفئا بالنسبة إلى «الدولة الإسلامية» والمتعاطفين، ويعتبر مواطنوها الذين التحقوا بـ«الدولة الإسلامية» هم الأعلى نسبة بالنسبة إلى عدد السكان (400 مقاتل من مجموع 11 مليونا)، ومعظم هؤلاء المقاتلين من دول المغرب الإسلامي، وغادروا فعلا إلى سورية والعراق عبر الأراضي التركية.
أتحدث هنا من تجربة شخصية، وأقول إنني طوال السنوات العشرين الماضية التي ترددت فيها على بروكسل للمشاركة في ندوات ومحاضرات، كان من النادر أن أدفع«يورو»واحدا لسائقي التاكسي،فقد كانوا من المغرب الإسلامي في معظمهم، ويتعرفون علي من خلال ظهوري التلفزيوني ،ويرفضون تقاضي أي أجرة،ولكن أثناء آخر زيارة لي بعد تفجيرات باريس،لاحظت حالة القلق والخوف في أوساطهم،حتى أن السائقين أنفسهم تجنبوا الحديث معي باللغة العربية مثل المرات السابقة،ولم يتحدثوا في السياسة وشؤون المنطقة كعادتهم،ودفعت الأجرة كاملة هذه المرة.عندما أقول أن هناك حاضنة لـ«الدولة الإسلامية»في بروكسل فإنني أشير إلى الكثافة السكانية العربية والإسلامية فيها، ووجود نسبة من المتعاطفين، لكن الأغلبية الساحقة معتدلة ومسالمة، وتتبرأ من العنف والإرهاب ومنظماته، فالشاب صلاح عبد السلام استطاع التخفي لمدة أربعة أشهر من الشرطة البلجيكية التي كانت تطارده في منازل معارفه وأصدقائه في ضاحية «مولينبيك» التي يشكل العرب والمسلمون الغالبية العظمى من سكانها،وتعتبر منطقة مغلقة بالنسبة إلى الشرطة،ولم يبلغ أحدهم الشرطة عن مكانه، وعملية الاعتقال تمت بسبب مكالمة هاتفية لأحد أصدقائه، تماما مثل أخطاء مماثلة أقدم عليها قادة في تنظيم«القاعدة»مثل خالد شيخ محمد، ورمزي بن الشيبة،وأبو مصعب السوري.لا نعتقد أن تفجيرات بروكسل التي وقعت يوم الثلاثاء الماضي جاءت انتقاما لاعتقال الشاب عبد السلام،لأن مثل هذه الهجمات تحتاج إلى تحضير مسبق يستغرق بضعة أسابيع، أو حتى أشهر، خاصة الشق المتعلق منها بالتفجير الانتحاري في قاعة المغادرة في مطار بروكسل، ونرجح أن تكون وراءها خلية منظمة ومدربة جيدا، وتضم أكثر من عشرة أشخاص على الأقل. «الدولة الاسلامية» بدأت تتبنى إستراتيجية جديدة تقوم على نقل الحرب إلى عواصم الدول التي تحاربها، والأوروبية منها على وجه الخصوص، في ظل اشتداد الخناق عليها، وتصاعد استعدادات دول التحالف العربي والغربي للهجوم على مقريها في الموصل والرقة، الأمر الذي سيدفعها إلى الانتقال إلى مراكز أخرى، واللجوء إلى العمل السري (تحت الأرض) انتظارا لمرور«العاصفة» الحالية تماما مثلما فعل تنظيم «القاعدة» الأم بعد الغزو الأمريكي الغربي لأفغانستان في أكتوبر عام 2001، في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، عندما انتقلت قيادته إلى اليمن، وبعد ذلك إلى سورية عبر تشكيل «جبهة النصرة».. ومنطقة الساحل الإفريقي (مختار بلمختار).
فالأنباء منذ الخميس تفيد أن قوات الجيش السوري الرسمي، المدعومة بغطاء جوي روسي دخلت إلى مدينة تدمر التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة» منذ ما يقرب العام، بينما تقترب قوات الجيش العراقي المعززة بقوات خاصة وغطاء جوي أمريكي، علاوة على وحدات من قوات البشمرغة الكردية من مداخل مدينة الموصل بعد نجاحها في استعادة مدينة الرمادي قبل شهرين.
من الصعب علينا تحديد ملامح الإستراتيجية «الهجومية» الجديدة لتنظيم «الدولة الاسلامية»، ولكن يمكن التكهن بأنها اختارت ليبيا كمقر احتياطي، ومناطق درنة والجبل الأخضر في الشرق، وسرت في الغرب، والكفرة في الجنوب، حيث يبلغ عدد مقاتليها حوالي عشرة آلاف من رجال القبائل الأشداء الذين جرى تهميشهم بحجة دعمهم للنظام السابق، علاوة على عناصر أمنية كانت تابعة لنظام العقيد معمر القذافي، مضافا إلى ذلك أن هناك حوالي 30 مليون قطعة سلاح من مختلف الأنواع والأحجام في ليبيا، وآلاف الأطنان من الذخائر والعتاد الثقيل، وربما يكون اليمن هو أحد الخيارات الأخرى بالنظر إلى عمليات التنظيم الأخيرة ضد قوات التحالف السعودي في الجنوب وعدن، على وجه الخصوص.
استهداف عواصم أوروبية أخرى غير بروكسل أمر غير مستبعد في إطار الإستراتيجية الهجومية الجديدة، مثل باريس ولندن، وربما أمريكا نفسها، لأن «الدولة» تبحث عن تحقيق الشق المتعلق بـ«الصدمة الإعلامية» في إستراتيجيتها، فرغم أنها نفذت أكثر من 75 هجوما خارج سورية والعراق في الـ18 شهرا الماضية، إلا أن الهجمات الوحيدة التي حظيت بتغطية إعلامية مكثفة من بينها تلك التي وقعت في باريس وبروكسل.
وإذا صحت المعلومات التي تؤكد أن هجوم إسطنبول الانتحاري الأخير من قبل خلية تابعة لـ«الدولة الاسلامية» تعمد استهداف عدد من السياح الإسرائيليين(أوقع 5 قتلى وعشرة جرحى)،فإن هذا ربما يكون مقدمة لهجمات مماثلة في عواصم أوروبية أخرى، وسيشكل تطورا جديدا خاصة أنه منذ نجاح الدول الغربية والعربية في«تدجين»منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها، وإقناعها بوقف مثل هذه الهجمات ضد أهداف إسرائيلية مقابل الاعتراف الدولي والحلول السلمية، لم يتعرض الإسرائيليون لأي هجمات في أوروبا منذ خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت عام 1982. تنظيم«الدولة الاسلامية»الذي خسر أكثر من 30 بالمائة من الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسورية، ربما يكون أكثر خطرا في الأشهر المقبلة، فكلما اشتد الخناق عليه، كلما أصبح أكثر شراسة وتعطشا للانتقام، أو هكذا نعتقد.
ساحة النقاش