<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
جنيف 3.. ضرورات الحل وعبثيته
27 كانون الثاني ,2016 21:57 مساء
عربي برس - محمود عبداللطيف
تمارس المعارضة الخارجية ومن خلفها القوى الإقليمية الداعمة لها سياسة إنكار الواقع المتمثل بالمستجدات الميدانية السورية، وتحاول إن تظهر بصورة الطرف القوي في محادثات جنيف 3 فيما يخص الأزمة السورية، وهذا يعكس مدى ضعف الحجة التي ستطرح على طاولة الحوار، في وقت تجهد فيه الحكومة الأمريكية على ممارسة نوع من السياسة المتضارب في التصريحات، ففي وقت تصر فيه بالعلن على إنها تريد حلا للأزمة السورية وفقا لقرار مجلس الأمن ذو الرقم /2254/، عملت من خلال صفحة سفارتها في دمشق على موقع التواصل الاجتماعي لنقل وجهة نظر مغايرة، فهي لا تريد "حكومة وحدة وطنية" تتشارك فيها الدولة والمعارضة في تسيير المرحلة القادمة، وإنما تريد "هيئة حكم انتقالي" مطلقة الصلاحيات في الأزمة السورية، وهذا يفضي إلى أن واشنطن ليست جدية في السعي إلى حل، وهذا أقرب إلى المنطق الذي تقوم عليه السياسة الأمريكية.
بعض المتفائلين يؤكد إن المحور الأمريكي وصل مرحلة يبحث من خلالها عن طريقة للنزول من أعلى الشجرة السورية بأقل الخسائر الممكنة، البعض الآخر يربط المواقف السعودية في الملف السوري بالملف اليمني، معتبرا إن الرياض تحاول خلق مقايضة مع المجتمع الدولي، ففي مقابل تقديمها تنازلات في الملف السوري سيضطر العالم أن يحمي المصالح السعودية في الملف اليمني، وفي الأمر ضرب من الخيال، لكون هذا يعتبر اعتراف من قبل الأمريكيين بعدم القدرة على المتابعة في الملف السوري، كما إنه يعطي السعودية أكبر من حجمها الحقيقي في الملفات الساخنة، فواقع الأمر يؤكد إن السعودية لم تورط نفسها بالملف اليمني عن عبث ولا بإرادة مستقلة، فالخوف الإسرائيلي من ظهور شبح إيران في اليمن، دفع حلفاء تل أبيب في المنطقة للذهاب إلى حرب مباشرة على "أنصار الله" والرئيس اليمني السابق "علي عبد الله صالح"، فإن كانت الجماعة محسوبة على إيران، فلصالح مواقف تؤيد الدولة السورية، وبالتالي لابد من إنهاء خطر انضمام اليمن إلى التحالف السوري الإيراني، ليبقى مدخل البحر الأحمر الجنوبي في حياد مطلق، وعلى ذلك فإن إعطاء السعودية أكبر من دور المنفذ في الملف السوري يفضي إلى خروج عن منطقية الصراع في المنطقة.
وبالعودة إلى جنيف السوري، من حيث البنية السياسية لمواقف الدول، يفهم إن الأمريكيين يريدون حلا للأزمة السورية، وذلك من منطلقات أهمها، الدخول إلى "السباق الرئاسي" في أمريكا بأقل قدر ممكن من الانشغال بالملفات الدولية، ولابد للديمقراطيين الذين يمثلهم في البيت الأبيض باراك أوباما من تحقيق انتصارات خارجية لضمان وجود ديمقراطي جديد في البيت الأبيض، في حين إن الجمهوريين يحاولون اللعب بورقة الملف السوري بشقيها السياسي والميداني بقوة خلال هذه المرحلة، فالحرب على داعش الذي ظهر في أمريكا وأوروبا بأكثر من مناسبة، تشابه اللعب بورقة القاعدة في الانتخابات التي جدد لجورج بوش الابن، ومنحت أوباما تأشيرة العبور إلى البيت الأبيض لولايتن متتاليتن.
وإن كانت واشنطن قد نفت سيطرتها على مطار رميلان الزراعي، وأخرجت من حساباتها رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي سياسيا، فإن ذلك لا يعني إنها أنهت حالة التسابق الميداني مع الحكومة الروسية في محاربة الإرهاب داخل سوريا، فواشنطن التي دعمت الوحدات الكردية بهدف الوصول إلى مرحلة يمكن من خلالها فرض انفصال جزء من الدولة السورية بفعل الأمر الواقع وإنشاء كيان كردي مستقل، لم تتخلى عن هذا المشروع، وإنما تعمل خلال المرحلة القادمة على قولبة شخصية بديلة لصالح مسلم الذي هرول إلى الظل الروسي لتحيصل مكان لنفسه في ناتج الحل السوري، ويؤكد الرغبة الأمريكية في دعم نشأة الدولة الكردية، ما ينقل عن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني عن نيته للتوجه نحو إقامة حق تقرير المصير للانفصال عن العراق، وللبرزاني رجالاته من الشخصيات السياسية الكردية في سوريا التي تدعم نشأة الدولة الكردية الحلم المدعوم من إسرائيل، فالأخيرة تبحث عن تقسيم المنطقة على أساس طائفي وعرقي يضمن لها طبيعية الوجود كدولة يهودية تجاور مجموعة من الدول الدينية والعرقية الأخرى، إلا أن فهم أمريكية الأمور يجبرها على الذهاب نحو مرحلة من التهدئة السياسية في المنطقة، انطلاقا من أهمية دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ والانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية، الأمر الذي يؤثر على خزائن الخليج الممول للحروب، فعمليا تقف واشنطن أمام خيارين، أولهما يعتبر مقامرة أقرب إلى الخسارة تتمثل باستمرار الحرب على سوريا واستنزاف الخزائن الخليجية بما يفضي إلى وصولها إلى مرحلة العجز عن تمويل الحروب الأمريكية وشراء الأسلحة من الشركات الأمريكية الأمر الذي يعتبر من أهم روافد الخزينة الأمريكية بالمال، أو أن تذهب إلى مرحلة من التهدئة في المنطقة فتعمل على حل للأزمة السورية مع إبقاء حالة من التوتر الأمني في العراق، وإبقاء للملف اليمني لفترة أطول، والدخول إلى الملف الليبي من بوابته الواسعة لاستثمار انشغال العالم بالكثير من الملفات بما يتيح نهب الثروات الليبية لتعويض الفاقد من انخفاض أسعار النفط، وعلى ذلك، يمكن القول إن ضبابية المواقف الدولية من جنيف 3، والتي تتضارب بين تصريح وآخر، يفهم على إنه محاولة لخلق حل يناسب الأطراف الإقليمية جميعا، بشرط أن تنهي روسيا وأمريكا حالة الاشتباك البارد بينهما، من خلال إنهاء الأزمتين السورية والأوكرانية بشكل متزامن، على إن موسكو تفهم إن المحور المنتصر في سوريا، هو من يهندس الانتصار في أوكرانيا، ولا يمكن لها أن تبيع في سوريا لتشتري في أوكرانيا، فهي تفهم تعقيدات السياسة الأمريكية الداخلية وتلعب بالأوراق الدولية على هذا الأساس.
ماذا سيحدث في جنيف 3..؟
في جنيف ستجلس الأطراف السورية إلى طاولة الحل، وينتظر المحور الأمريكي رد الفعل السوري على جملة من الأوراق، أهمها طرح مصير الأسد، أو الاستعجال بالإجراءات السياسية من قبيل الانتخابات أو تعديل الدستور، إلا أن المصادر الحكومية الخاصة بموقع عربي برس تؤكد إن دمشق لن تجلس إلى طاولة مفاوضات يحضر عليها أيا من ممثل الميليشيات المسلحة بأي صفة كانت وأيا كانت الجهة التي ترشحه وتدعمه.
ويلمس من التصريحات السورية المعلنة أو المنقولة إن دمشق لا تملك أي خطا أحمر على أي موضوع لا يخرق القانون /2254/، وبالتالي فإن طرح مسألة مصير الرئيس السوري بشار الأسد في جنيف 3 تعتبر خرقا قانونيا لهذا القرار، بكونه يصر على إن السوريين من يحددون مصيرهم، وعلى ذلك لن تذهب دمشق بوفد محاصصة طائفية على غرار الوفد المعارض، وإنما بوفد يشبه في بنيته الوفد السوري في جنيف 1 و 2 من الناحية الهيكلية التي ستضم شخصيات دبلوماسية وعلمية وقانونية، إلا أنه سيكون أوسع من ناحية العدد.
ولن تقبل دمشق بحل معلب مصنع لدى أيا من الدول، وستصر على أن تكون الحكومة القادمة حكومة وحدة وطنية، لا تمس فيها الوزارات السيادية، ولا يمكن مناقشة المؤسسة العسكرية والأمنية لا من ناحية الهيكلية أو التبعية، كما إن مناقشة مقام الرئاسة بشكل دولي خط أحمر لا تقبل دمشق مناقشته.
وتعتبر دمشق إن غموض وتخبط المواقف الدولية ورقة قوة، فمن يخفي رغباته الحقيقة هو غير قادر على طرحها بشكل مباشر، إلا أن الواقعية السياسية التي تمارسها حكومة سوريا، تفهم إن جنيف 3 لن يكون منصة لحل حقيقي ما لم تتحول المعارضات إلى مواقف إيجابية تعكس تبدلات واضحة في مواقف الدول الداعمة لها، كما إن تجاهل المجتمع الدولي لإصدار قائمة المنظمات الإرهابية، أو القيام بعمل جدي لمواجهة الإرهاب وإلزام دول الجوار السوري بإغلاق الحدود يعني إن جنيف 3 هو مجرد مؤتمر لجمع القوى السورية لا أكثر، فالحل لن يكون قابلا للصرف على أي طاولة سياسية ما لم يتم الاتفاق على مواجهة الإرهاب وإنهاء الوجود المسلح في سوريا، ليكون الحل قابلا للتطبيق، وليس مجرد حبرا على ورق، فدمشق تعي إن الميدان هو الفيصل، ويعي الجميع قوة الدولة السورية حاليا.
ساحة النقاش