<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
عودة روسيا المدوّية
31 تشرين الأول ,2015 02:19 صباحا
عربي بريس: فريد الخازن
بعد غياب قسري مديد ومع انحسار نفوذ روسيا (والاتحاد السوفياتي) في الشرق الأوسط منذ نحو أربعة عقود، ها هي روسيا تعود بقوة واندفاع إلى المنطقة عبر البوابة السورية. وهي تعود برايات متعددة: الدولة العظمى، الجمهورية القيصرية، الحليف الموثوق، والنظام الذي للكنيسة الأرثوذكسية فيه مكانة ونفوذ في مرحلة ما بعد الشيوعية. وجامع الرايات رئيس قوي من نتاج حقبات روسيا المتعاقبة منذ نحو قرن إلى اليوم. تعود روسيا متحّصنة بالدور التاريخي وبالمصالح الاقتصادية والسياسية، وتغيب الايديولوجيا التي لازمت السياسة السوفياتية طيلة سبعين عاماً.
موسكو دعمت النظام السوري منذ بدء الأزمة في 2011 وتطوَّر موقفها مع تفاقم النزاع وبسبب أحداث تزامنت معه، أبرزها الاشتباك مع الولايات المتحدة وأوروبا في أوكرانيا والاتفاق النووي بين إيران والمجتمع الدولي. للتدخل العسكري الروسي في سوريا أبعاد أربعة. على المستوى الدولي، أولاً، فبعد خسارة الحرب الباردة وتراجع روسيا على المستويات كافة، استعادت موسكو قواها، عسكرياً وسياسياً، وكانت الفرصة متاحة في سوريا جرّاء التخبط الكبير في السياسة الأميركية. الأزمة الأوكرانية أعادت إحياء بعض عناصر الحرب الباردة. وكان سبقها الصدام بين واشنطن وموسكو في جورجيا، ولاحقاً التوسع في تفسير قرار مجلس الأمن في ليبيا وتدخّل الحلف الأطلسي لإطاحة النظام الليبي، خلافاً لموقف روسيا.
البعد الثاني مرتبط بالساحة السورية، حيث يتواجد أكبر تجمّع للتنظيمات الإسلامية المتطرفة التي حاربتها موسكو منذ التسعينيات. الحرب الروسية في سوريا هي عملياً امتداد لجبهات القتال التي طالما تهيّأ الجيش الروسي لضربها، لا سيما وإن الجماعات السلفية التي وصلت سوريا عبر تركيا من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً هي الأكثر تشدّداً وعنفاً. معركة روسيا مع الإرهاب تُخاض على أرض حليفة بالتنسيق مع الجيش السوري، وهي أوضاع قتال مناسبة، خلافاً للاحتلال السوفياتي لأفغانستان. محاولات البعض اللعب على الوتر المذهبي لا تؤثر في القرار الروسي، إذ إن القضاء على الإرهاب التكفيري يحصل نيابة عن أوروبا، المهدّدة بأزمة اللاجئين، وعن أميركا المتردّدة.
ولروسيا، ثالثاً، أجندة إقليمية عبر الأزمة السورية. بين روسيا وإيران علاقات وثيقة، لم تنقطع حتى في زمن احتدام المواجهة بين إيران والغرب، وتعزّزت مؤخراً مع اتفاق فيينا، كما أن علاقات روسيا مع مصر والعراق والأردن شهدت تحسناً في الآونة الأخيرة، بينما علاقات روسيا مع تركيا في تراجع متواصل بعدما أصبح الطيران الحربي الروسي على حدود تركيا. فبعد خسارة مواقعها في المنطقة، في المشرق العربي ومصر واليمن ودول أخرى، تعود روسيا في زمن تهالك النظام الإقليمي العربي والفراغ الذي أحدثته السياسة الأميركية المتعثرة.
وتأتي عودة روسيا بالتحالف مع إيران التي بدأت تطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي، وبعدما أحرقت تركيا أوراقها مع الأطراف جميعها، في العالم العربي، لا سيما مصر، وأوروبا، وحتى إسرائيل.
أما في سوريا، فلروسيا مصالح معروفة، قديمة ومتجدّدة، وهي حليفة أنظمة الحكم السورية منذ الخمسينيات. موسكو تدعم النظام وهي أيضاً حليفة داعميه. والأهم، أنها الدولة الوحيدة القادرة على إيجاد تسوية للنزاع بما لها من نفوذ مع النظام وتواصل مع بعض أطراف المعارضة. البداية هذه المرة من فيينا حيث أطلقت روسيا مفاوضات تشكل خريطة طريق لمرحلة انتقالية بدأت جواً علّها تحطّ رحالها براً. أما واشنطن فهي غير قادرة أو غير راغبة في إيجاد حلول للنزاع ودول الاتحاد الأوروبي، المتضرّر الأكبر من حالة الفلتان في سوريا، منهمكة بأزماتها الداخلية. السعودية منشغلة باليمن، والعالم العربي ساحة حروب متنقلة، وأنقره تخوض معركة في الداخل على قياس طموحات الرئيس التركي وأخرى أكثر شراسة ضد الأكراد، اشدّ خصوم «داعش». وبين القيصر الحاكم والسلطان الطامح، تتوسّع مناطق الحظر البرّي على تركيا ويتعطّل الحظر الجوي في سوريا الذي طالما سعت إليه أنقره.
سوريا اليوم أرض نزاع مفتوح ومعبر لكل طامح لجنّة، على الأرض أو في السماء. ويلات الحرب لا يسلم منها أحد. تبقى في النهاية محاولات إيجاد تسوية سياسية لنزاع مدوّل قبل فوات الأوان أو ربما بعده.
ساحة النقاش