<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
ثورة السكاكين.. انتفاضة فلسطينية ثالثة
المساء = بلال البوجدايني
أكتوبر 15، 2015، العدد: 2807
لاشك أن فلسطين تعيش انتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي، يمكن أن نسميها انتفاضة السكاكين، بحكم إقدام شباب فلسطينيين على طعن المستوطنين وجنود الاحتلال. لم يجد شباب فلسطين وسيلة للدفاع عن مقدساتهم ودمائهم، غير الحجارة والسكاكين، في ظل صمت الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية عن انتهاكات الصهاينة للمقدسات في الأراضي الفلسطينية. فهل هي استرجاع لأمجاد انتفاضتي الحجارة والأقصى وبداية انتفاضة ثالثة؟
«عندما يُشهر السلاح في وجهك يكون لديك كامل الحق في الدفاع عن نفسك»، كانت هذه الكلمات آخر ما كتب الشهيد الفلسطيني مهند حلبي ابن بلدة سردا شمال رام الله، وهي كلمات تشير إلى اندفاع كثير من شباب فلسطين لتنفيذ عمليات الطعن ضد المستوطنين وجنود الاحتلال الذين يواجهونهم بالرصاص المطاطي والحي.
عجز السلطة الفلسطينية وصمت العرب دافع قوي
يشير محللون إلى أن توجه السلطة الفلسطينية نحو المهادنة والمفاوضات في خضم الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات، واستباحة الدم الفلسطيني، يدفع بالشباب الفلسطيني الذي يحس بالقهر واستمرار الاعتداءات على الفلسطينيين، للخروج في وجه الاحتلال.
يعتبر عنصر القدس والأقصى وتطرف المستوطنين أكبر دافع، فما يمارسه هؤلاء في الضفة والحرم القدسي أصبح يغذي غضب الفلسطينيين، وسياسة «تدفيع الثمن» اليهودية مثل الهجوم على عائلة دوابشة في قرية دوما قبل حوالي شهرين، مثال واضح على الدور الذي يلعبه الاستيطان في توتر الأوضاع، والأهم من كل هذا هي سياسة إسرائيل في الأقصى. فالموجة الجديدة من الاضطرابات لم تحدد بالضفة الغربية، ولكنها كانت حاضرة بشكل كبير في القدس الشرقية المحتلة، وكانت تغلي تحت السطح منذ الصيف الماضي. وعندما يحاصر الأقصى ويطلب نير بيركات، عمدة المدينة، من سكانها اليهود حمل السلاح للدفاع عن النفس، وعندما يكتب مهند حلبي (19 عاما) الذي قام بطعن إسرائيليين يوم السبت الماضي بأن عمليته هي جزء من «انتفاضة ثالثة»، وفي الوقت الذي تتوسع فيه دائرة المواجهات، فعندها لن ينحصر سفك الدماء في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر، ففي تاريخ هذا الصراع كانت أزماته باستمرار تتجاوز حدود تلك المساحة، وتفاقم من سيل الدماء التي تسفك في أماكن أخرى من العالم.
يقول الخبير العسكري واللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي: «إن عجز الفصائل الفلسطينية، لأسباب مختلفة، عن الاقتصاص من القتلة والرد على مجزرة عائلة دوابشة واقتحامات الأقصى، شكلت دافعا رئيسيا لجيل الشباب المتحمس لاتخاذ زمام المبادرة».
لم يعد مستبعدا أن يُقدم شبان في مقتبل العمر على تنفيذ عمليات انتقاما لأصدقائهم أو أقاربهم، فأهم رسالة لهذا النوع من العمليات أن الفصائل فقدت مفعولها، ولم تعد قادرة على قيادة وتحريك الشارع، ليحل الاقتصاص مكان المقاومة، كما يشير محللون إلى أن العامل الانتقامي هو الدافع الأول للعمليات الفردية ضد الاحتلال والمستوطنين، وأن تصرفات المستوطنين والجنود من حواجز واستخفاف واستهتار بالفلسطينيين وأرواحهم تدفع لردات فعل انتقامية.
سلاح السكاكين
شكلت عمليات الطعن الأخيرة، التي أدت إلى قتل وجرح العديد من جنود الاحتلال والمستوطنين حالة من الرعب في كافة مناحي الحياة في الكيان الإسرائيلي، وبات كل فلسطيني يشكل خطرا على الصهاينة.. قد يخرج سكينا ويطعن صهيونيًّا!، وذلك حسب ما أوردته صحف الاحتلال التي أكدت ورود آلاف المكالمات الأمنية على شرطة الاحتلال حول مقاومين أو الاشتباه بهم.
العامل محمود خواجة، يعمل داخل تل الربيع (تل أبيب)، يقول إنه قبل العمليات الأخيرة كان الصهاينة يعيشون حياتهم بشكل اعتيادي، ولكن بعد عمليات الطعن باتوا يخشون اقترابنا منهم على مواقف الحافلات، ويخشون الحديث معنا، وإن الكثير منهم فضل البقاء في منزله خشية تعرضه لعملية طعن.
ووسط الفخر والاعتزاز بعمليات الطعن، يقول المقدسي إبراهيم باسل إن سلاح السكين «خفيف الحمل وقليل الكلفة.. يرهب العدو بشكل كبير جدًّا، ويوجعه ويربكه، وإن الاحتلال يجب أن يدفع ثمن حرق عائلة دوابشة أحياء، وممارساته وتدنيسه لباحات المسجد الأقصى المبارك، وإن شهداء عمليات الطعن سواء نجحوا بقتل الصهاينة أم لم ينجحوا هم أبطال وشهداء أحياء يرزقون عند ربهم».
نشرت صحيفة «لو جورنال دى ديمونش» الفرنسية، تقريرا حول عجز الاحتلال «الإسرائيلي»، أمام تنامي ظاهرة الهجمات بالسكاكين، التي ينفذها فلسطينيون ضد المستوطنين، حيث تم إحصاء ستة من هذه الهجمات خلال أيام، ما تسبب في مقتل اثنين من «الإسرائيليين» مع جرح سبعة آخرين، وهو ما جعل البعض يتحدث عن انتفاضة ثالثة أو «انتفاضة السكاكين».
وقالت الصحيفة، في تقرير لها، إنه خلال الأيام الأخيرة، قامت شرطة الاحتلال الإسرائيلي بتثبيت أجهزة للكشف عن المعادن عند مدخل البلدة القديمة في القدس، بالإضافة إلى نشر 600 جندي داخل البلدة القديمة لتأمين الطريق الموصلة لحائط البراق للمصلين اليهود.
وأوضحت الصحيفة أن منفذي هذه الهجمات هم من الشباب ومن المراهقين، وممن ليست لديهم سوابق جنائية، ما زاد من صعوبة تعقيد متابعة الوضع الأمني بالنسبة لجهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلي «الشاباك»، خاصة وأن المشتبه بهم لا ينتمون إلى أي تنظيم فلسطيني، ويتحركون كـ»ذئاب منفردة».
ونقلت الصحيفة تعليق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على هذه الهجمات ومحاولته التخفيف من وطأتها، قائلا: «لقد مررنا بظروف أكثر صعوبة»، مذكرا بالتفجيرات التي ضربت «إسرائيل» في سنوات الألفين، خلال الانتفاضة الثانية.
وجاء في الصحيفة أنه للحد من هذه الظاهرة، أقرت سلطات الاحتلال جملة من التدابير الانتقامية على أمل أن تكون رادعة، والتي تتمثل خاصة في تدمير منازل عائلات منفذي هذه الهجمات من الفلسطينيين.
وقد أقدم جنود الاحتلال الإسرائيلي على تفجير منزل عائلة غسان أبو جمال، في قرية جبل المكبر في القدس الشرقية، بعد أن قام غسان، بمساعدة ابن عمه بقتل أربعة مصلين يهود وضابط شرطة في كنيس يهودي في المدينة المقدسة، في نونبر من سنة 2014، قبل أن تقتلهما الشرطة.
وذكرت الصحيفة أنه خلال هذا الأسبوع، قررت الحكومة الإسرائيلية إلغاء وضع الإقامة بالنسبة لفلسطينيين من القدس الشرقية، وهما رجل وامرأة، بحجة طعنهما عددا من الإسرائيليين.
ونقلت الصحيفة عن وزير داخلية الاحتلال، سيلفان شالوم، قوله: «لا يمكننا السماح للإرهابيين بالاستفادة من الجنسية ولا الإقامة في بلادنا لتنفيذ مثل هذه الهجمات».
وأضافت الصحيفة أنه من الممكن تطبيق هذا الإجراء على إسراء عابد، وهي شابة من عرب الداخل، تبلغ من العمر 30 سنة، بعد أن قام شرطي بإطلاق النار عليها يوم الجمعة الماضي، في محطة للحافلات في العفولة، شمال البلاد، بعد أن لوّحت بسكين، علما بأن هذه الشابة لم تكن لها أي سوابق جنائية، كما أنها درست في الجامعة العبرية في القدس.
مسافة الصفر
يروق مصطلح عملية طعن «من مسافة صفر» للطالبة شروق المصري من جامعة النجاح في نابلس؛ حيث تقول: «كل عملية طعن هي مباركة، كونها تربك أمن الاحتلال وتدب الرعب في كيانه، ويكفي أن حركة المستوطنين قد خفت على الطرق الالتفافية، وما عادوا يدخلون البلدة القديمة في القدس المحتلة كما كانوا في السابق».
وقد شاع مصطلح «من مسافة صفر» بين الفلسطينيين خلال الحرب العدوانية صيف العام الماضي على قطاع غزة، من خلال العمليات النوعية لكتائب القسام خاصة عمليات التسلل خلف خطوط العدو، والتي كانت تتم من مسافة صفر، والاشتباك المباشر مع الجنود.
من جهته، يشير أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم إلى أن عمليات الطعن «تزامنت مع توغل غير مسبوق في الاستيطان، ومحاولات تقسيم المسجد الأقصى، وبعد أسابيع من حرق عائلة دوابشة، وفشل ذريع لـ»أوسلو» الذي من المفترض إسقاطه بشكل تام وإسقاط السلطة وإطلاق يد المقاومة كونها القادرة على التحرير كما جرى في جنوب لبنان وقطاع غزة ولو بشكل أقل».
ويرى قاسم في عمليات الطعن أنها «تمكن شبابا بمقتبل العمر، مثل الشهيد مهند، من تخطي وتجاوز حواجز الاحتلال الأمنية المنتشرة حول مدينة القدس، ونجاحهم في الوصول لمكان العملية، وتنفيذ خطتهم بالهجوم على جنود الاحتلال دليل على قدرة المقاومة على خرق نظرية أمن الاحتلال وهشاشتها».
يوم قبل الإضراب العام
جاء إضراب فلسطينيي الداخل بدعوة من لجنة المتابعة العربية، وهي الجسم السياسي الممثل لفلسطينيي أراضي 48، كما أيدته الحركة الإسلامية في الداخل.
ويوما قبل الإضراب، شيّع أهالي محافظة رام الله والبيرة الشهيد الطفل أحمد شراكة في مخيم الجَلَزون للاجئين شمالي رام الله. كما اندلعت مواجهات بين قوات إسرائيلية وشبان فلسطينيين قرب مستوطنة بيت إيل شمال مدينة رام الله في الضفة الغربية، واستخدمت قوات الاحتلال قنابل الغاز والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين، مما تسبب في إصابة عدد منهم.
وفي نابلس (شمال الضفة) نقلت تقارير إعلامية عن مدير جمعية الإغاثة الطبية غسان حمدان أن عدد الإصابات بالرصاص الحي بين صفوف المحتجين الفلسطينيين عند حاجز حوارة ارتفع إلى عشر إصابات، إحداها حرجة والأخرى متوسطة، وتم نقلهم جميعا إلى مستشفيات مدينة نابلس.
كما استشهد ثلاثة فلسطينيين في مدينة القدس ومحيطها بعد تنفيذ عدة عمليات طعن. وكان آخر شهداء الاثنين شابا تقول رواية الشرطة الإسرائيلية إنه صعد إلى حافلة وحاول خطف سلاح جندي، وعندما لم يتمكن من ذلك طعن الجندي في رأسه، قبل أن يَصعد جندي آخر ويقتل الشاب الفلسطيني.
وكان إسرائيليان أصيبا قبل ذلك بجروح خطيرة في عملية طعن نفذها فلسطينيان -استشهد أحدهما- في مستوطنة بسغات زئيف شمال القدس المحتلة.
وحسب الشرطة الإسرائيلية، فإن الجنود أطلقوا النار على فلسطيني بعد طعنه إسرائيليين، وإن فلسطينياً آخر كان على مقربة من المكان باشر عملية طعن، إلا أن الشرطة أطلقت النار عليه وأصابته بجروح خطيرة.
كما استشهد الشاب الفلسطيني مصطفى الخطيب (18 عاما) برصاص قوات الاحتلال، وذلك بزعم أنه حاول طعن جندي إسرائيلي عند باب الأسباط في القدس المحتلة. وقد شككت جهات فلسطينية في رواية الشرطة واتهمتها باتباع منهج الإعدام الميداني.
وفي وقت سابق، أصيبت فتاة فلسطينية بجروح خطيرة إثر إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار عليها في القدس الشرقية.
وقال مراسل الجزيرة إن سلطات الاحتلال تذرعت بأن الفتاة طعنت شرطيا قبالة مقر قيادة الشرطة في القدس المحتلة. كما أصابت قوات الاحتلال شابا فلسطينيا آخر واعتقلته بحجة أنه كان يساعد الفتاة.
وفي السياق ذاته، تعرضت فتاة عربية في مدينة تل أبيب إلى اعتداءات من قبل إسرائيليين بذريعة أنها كانت تحمل سكينا.
ويُظهر تسجيل مصور لحظة اعتقال الفتاة دون أن يكون بحوزتها أي سلاح، كما يُظهر الإسرائيليين وهم يطالبون بقتلها ويشتمونها ويحاولون الاعتداء عليها. وقالت مصادر بالشرطة الإسرائيلية إنه تم اعتقال الفتاة للتحقيق معها.
جهود الاحتلال لقمع الانتفاضة
كثف الاحتلال في الأيام الأخيرة، خصوصاً بعد أحداث نهاية الأسبوع، من محاولاته احتواء الانتفاضة، عبر الاتصالات المتواصلة مع السلطة الأمنية الفلسطينية، التي بدت كأنها تتولى بأجهزتها مهام ضمان عدم وصول المتظاهرين الفلسطينيين إلى خارج مدنهم، والاقتراب من حواجز جيش الاحتلال، بينما تنصرف القوات الإسرائيلية إلى تطويق عمليات المقاومة داخل القدس المحتلة، عبر الدفع بقوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية، ليس إلى القدس المحتلة والبلدات القديمة داخل الأسوار فحسب، وإنما أيضاً بدفع قواتها في عمق الأحياء والبلدات المحيطة بالقدس، حسب ما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وهي المناطق التي يعتبرها الاحتلال جزءاً من القدس ويخضعها لنفوذ سلطة بلدية الاحتلال.
وفي الوقت الذي بدأ فيه المحللون في إسرائيل يقرعون خطر دخول حركة المقاومة الإسلامية، «حماس»، على خط المواجهة وتشجيعها الانتفاضة الفلسطينية، من دون أن تكون طرفاً مباشراً في الصراع، داخل الضفة الغربية المحتلة، تزايدت الاشتباكات على السياج الحدودي مع قطاع غزة، ما يؤشر على قلق الطرف الإسرائيلي من توجّه «حماس» فعلاً إلى التدخل في فتح جبهة القطاع.
لم تثمر الجهود التي تشترك فيها السلطة الفلسطينية في تهدئة الأوضاع أو التخفيف من حدة المواجهات والعمليات، لا سيما على إثر الغضب الفلسطيني العارم من سقوط عدد كبير من الشهداء في أقل من يومين. وحذّر عدد من محللي الشؤون العسكرية في إسرائيل من رفع هذا الغضب في نهاية المطاف، فضلاً عما وصفته أوساط إسرائيلية بأنه «حرب لخلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس»، بالذراع العسكرية لحركة «فتح» للانخراط في الانتفاضة الفلسطينية.
مسارات الانتفاضة
هي القدس التي شكلت ولا تزال بوصلة المقاومة والانتفاضات ضد سياسات الاحتلال، قدرها أن تكون الشعلة الدائمة التي تُضيء درب المنتفضين المقاومين، وهي مرة جديدة تفاجئ البعض وتُخيب آمال آخرين في العالمين العربي والإسلامي ممن شكلوا رافعة سياسية للمخططات التهويدية حيال المسجد الأقصى، بدوا متضررين من صمود الشعب الفلسطيني.
المُلاحظ في الهبة الفلسطينية في أسبوعها الثاني أخذها منحى تصاعدياً مع تنوعها بين عمليات الطعن والتصدي لاقتحامات العدو في مختلف مدن الضفة الغربية. والأهم هو مساندة قطاع غزة لإخوانهم في الضفة بالدم، فيما بدا أن فصائل المقاومة تتوقع ردا أوسع في حال أراد قادة الاحتلال الذهاب نحو مواجهة مفتوحة مع الفلسطينيين.
كما أن المُراقب لطريقة التعاطي الرسمي الصهيوني يلحظ تخبطا حول كيفية التصدي لعمليات الطعن التي أثارت ذعرا كبيرا في أوساط المستوطنين، حيث أضحوا يعيشون هاجساً أمنياً بعد كل عملية طعن أو دهس فلسطينية، فيما الوسط السياسي يعيش تخبطا واضحا حيال طريقة التعاطي مع العمليات الفلسطينية.
وللتأكيد على هذا الاستنتاج، يقول المحلل العسكري في صحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هارئيل إن «التقديرات السائدة لدى جهاز الأمن الإسرائيلي هي أن الهبة الحالية قد تستمر لفترة طويلة، لأن أجهزة الأمن الإسرائيلية تواجه صعوبة في التوصل إلى رد فعل على ظاهرة عمليات الطعن التي ينفذها أفراد، ليس لديهم ماض أمني».
ورأى هارئيل «أن التطورات في الأيام المقبلة متعلقة بقدر كبير بأحداث موضعية، مثل نجاح فلسطيني وحيد في إخراج حملة (قتل دموية) إلى حيز التنفيذ، ورد فعل إسرائيلي مبالغ به أو عملية دموية ينفذها متطرفون إسرائيليون».
وأضاف هارئيل «أنه بمفهوم معين، الهزة في العالم العربي وصلت، متأخرة، إلى المناطق (أي الضفة والقدس). وتم أخذ قسم على الأقل من قوة وتأثير القيادة وأجهزة الأمن لديهم، وعادت إلى أيدي المواطن الوحيد في الشارع. ولأن هذا المواطن يائس، محبط، أو أنه يتعرض أحيانا لغسيل دماغ ودعاية دينية فإن احتمالات استمرار التصعيد عالية».
كلام يعكس تخوفات القسم الأغلب من المحللين الصهاينة من تصاعد الهبة الفلسطينية الحالية التي تتنوع المشاركة فيها بين الأطفال والنساء والرجال والمسنين وحتى عائلات بأكملها شاركت في عمليات التصدي للاعتداءات الإسرائيلية.
في المقابل، يتحدث الكثير من المحللين الفلسطينيين والعرب عن ضغوط عربية على القوى الفلسطينية للعمل على التهدئة ومنع تصعيد الأمور وصولاً إلى انتفاضة ثالثة تهدف إلى استرداد الحقوق ومجابهة العدوان.
وفي هذا الإطار، يسخر الكاتب عبد الباري عطوان في مقالة له في صحيفة «رأي اليوم» من لجوء «بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الاستعانة بأصدقائه العرب، وطلب نجدتهم من أجل التدخل لتهدئة الأوضاع الملتهبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنع انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة».
ويرى عطوان أن نتنياهو يريد من هؤلاء «الأصدقاء» و»الحلفاء» «المخلصون»، أن يمارسوا ضغوطا على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس،للدفع بقواته الأمنية إلى الشوارع جنباً إلى جنب مع قوات الاحتلال الإسرائيلي لإطلاق النار على الشباب الثائرين وقتل المزيد منهم، على حد قول عطوان.
ساحة النقاش