<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
أكباش العيد
المساء = جمال بدومة
أكتوبر 01، 2015، العدد: 2795
الفاجعة، التي وقعت في مكة المكرمة يوم العيد، جعلتنا نكتشف، مرة أخرى، أن المواطنين في بلاد «الدوارة» لا يساوون «كرداسة» في أعين الدولة، رغم أنهم يدفعون الضرائب التي تتحول إلى رواتب يتقاضاها الوزراء والسفراء وغيرهم، من أجل مهمة واحدة على ما يبدو: أن يضعوا رجلا على رجل في مكاتبهم الأنيقة.
في الوقت الذي انقطعت فيه أخبار العشرات من زوار بيت الله الحرام، ومعها شهية الملايين أمام خروف العيد، وبدأت وسائل الإعلام تتحدث عن حصيلة تناهز الـ87 قتيلا في صفوف حجاجنا المساكين، كان المسؤولون المغاربة يضربون «الطم» مع «بولفاف»، دون أن يرف لهم جفن!
وما زاد حسرة المغاربة أمام الفاجعة هو المفارقة الصارخة التي ظهرت بالمقارنة مع إيران. الدولة الفارسية أعلنت الحداد على أرواح الضحايا واستدعت السفير السعودي وطلبت المشاركة في التحقيق واسترجعت أول قتلاها… ومسؤولونا غارقون بين «القطبان» و«التقلية» و«لحم الراس»، كأن من فقدوا أثناء رمي الجمرات مجرد أكباش مصيرُها الطبيعي أن تموت يوم العيد. وحده الديوان الملكي كسر الصمت وأصدر بلاغا يقدم حصيلة أولية، رغم أنها بدت بعيدة عن الرقم الذي تداولته وسائل الإعلام. والسؤال الذي يطرح نفسه: ألم يكن حريا بوزارة الخارجية أو الأوقاف أو رئاسة الحكومة أو وزارة الاتصال أو حتى وزارة الفلاحة أو البيئة أو الماء أن تتفاعل بسرعة مع الكارثة وتقدم للمغاربة أولى المعطيات، أو تتقاسم معهم القلق على مصير ذويهم، وذلك أضعف الإيمان؟
صحيح أن الطريقة التي تدبّر بها وزارة الأوقاف شعيرة الحج تجعل التأكد من عدد الذين ماتوا في الحادث مهمة مستحيلة، لأن القيّمين على وفد الحجاج باسم وزارة التوفيق، يتركون زوار بيت الله الحرام يهيمون على وجوههم طيلة المدة التي تستغرقها الشعائر، لا يلتقون بهم إلا في اليوم الأخير، «من الطيارة للطيارة» كما يردد كل من جرب ما يسميه المغاربة بـ«الحج مع المخزن»، لذلك ينبغي أن نصدق وزير الأوقاف عندما قال للصحافة إنه لا يستطيع أن يقدم أي حصيلة. ومن الخطأ اعتبار كل مفقود بمثابة ضحية من ضحايا التدافع، أن يكون الحاج «مفقودا» هو القاعدة في صفوف الوفد المغربي طيلة تأدية المناسك، بخلاف الدول الأخرى التي تعتني بحجاجها وتبذل كل ما يلزم كي يظلوا تحت مراقبتها طوال الوقت، تحصي عددهم كل يوم، وتتأكد من راحتهم، وتطمئن على صحتهم وعلى وحسن سير شعائرهم. هذه البلدان لم تجد مشكلة في إحصاء قتلاها، بخلاف وزارة الأوقاف التي «تلف لها الحساب»، وجاءت كارثة الحرم المكي كي تكشف حقيقة تعاملها مع وفد الحجاج في مكة المكرمة، الذين يتم التخلي عنهم بمجرد أن تحط بهم الطائرة، مما يدفع كثيرا منهم إلى ترك الوقوف على عرفات للوقوف احتجاجا على سلوك المسؤولين، الذين يتركونهم في ظروف لا إنسانية، مثل لاجئين، بلا خيام ولا مأكل ولا وسائل نقل. كثير منهم يضيع، والنتيجة تظهر في مثل هذه الكوارث، حيث لا تستطيع الوزارة أن تضمن الحد الأدنى من المعلومات عنهم، وتترك عائلاتهم عرضة للقلق والشك. هؤلاء المواطنون يدفعون ثمنا غاليا كي يزوروا المقام الطاهر، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في الاهتمام بهم، وتضع حدا للتشريد الذي يتعرضون له بين الصفا والمروة ومنى وعرفات.
ما حدث في مكة المكرمة يذكرنا بما جرى في كلميم، أثناء الفيضانات التي نكبت عشرات المواطنين.. نفس الاستهتار بأرواح الناس. الحكومة الثرثارة، التي تتحدث في كل شيء، تفقد لسانها فجأة، كأنها أصيبت بـ«اللقوى»، لا تصدر حتى بلاغا صغيرا تعزي فيه عائلات الضحايا وتشارك المغاربة قلقهم وحزنهم!
ساحة النقاش