http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

الطفل والبحر

05 أيلول ,2015  03:12 صباحا

عربي بريس: عصام الحاج

الرمل فراش، والبحر لِحاف، والموجُ وسادة. لكنَّ الطفل لا ينام.. للملح طعمٌ غريب! لم يُمهله العمر وقتاً، ليألف طعمهُ. هو يجثو، كأنه يُصلي صلاة الفجر.. يتضرع للبحر ألا يُبلل أحلامه. لكن عيونه ما زالت ترصدُ حركة الموج القادم.. علَّ آخرين.. يصلون بعد حين.

القدمان تتحفزان للوثب، كعدّاء يتأهب للانطلاق. لكن البحر مصرٌّ أن يبقيه على الشاطئ. هو صغير جداً.. بحجم جواز سفر لا يملكه. لكن للبحر ضميراً يؤنبه. قال البحر:

لم أغرقه. لقد وصل إليّ غارقاً ببؤسه وفقره، وقهره، بل لعله أرجأ موته منذ أربع سنوات حين كان يلعب برأسه المقطوع كرة القدم.. جاء إليّ يحمل موته ورأسه. يريد عنواناً أو قبراً.. حيث لم يجد في اليابسة مكاناً فأعطيته ما أراد.

لكن الطفل سرعان ما اشتاق أن يُعانق أهله. صار يبكي. فأعدته إلى الشاطئ بسلام.. بات ليلته كملاك يغفو بانتظار الغد، الآتي..

لكن أحداً، مع شروق الشمس، لم يصل. لا أم، لا أب، لا أخ، لا قريب. بقيت أحرسه كل الليل.. حتى أني حذرت الأسماك من أن تنهش لحمه الغض. لم أرتكب إثماً، لم أرتكب جرُماً. الطفل وصل غارقاً في موته منذ 4 سنوات. فكما تُحملونني كل خطاياكم، وجرائمكم، وكُفركم، وعُهركم، لماذا تجعلونني قاتلاً ولست بقاتل؟

أنا البحر. كنز العشاق.. وشاطئ الشعراء ومُلهمهم..

أنا رفيق الشمس. تغرق من زُرقتي كل صباح..

الصدف والضوء واللؤلؤ تغفو في لجتي، والأسماك الملونة اختارت حديقتي.

«لست قاتلاً» يصرخ البحر: أنتم القتلة والمجرمون، أنتم الكفرة والمشعوذون. أنتم سماسرة الدم والبشر، تزنون بالسلاح والإنسان. أنتم من اقتلع العيون والقلوب، أنتم تجار أعضاء البشر، أنتم من صلب الأحياء ونكل بهم ثم أحرقهم!

أعفوني من رذائلكم وموبقاتكم. اتركوني.. ابتعدوا عني.. دعوني بسلام.

الطفل ما زال نائماً.. غارقاً في موته.. لكنه يسمع، ولا يُبالي.. انتهت الحرب بالنسبة له، عاد حراً. لا قذائف

تصم أذنيه ولا أزيز رصاص يلعلع حوله. بات سعيداً أن الحرب مضت. بات باستطاعته الآن أن ينصت لصوت الموج يتكسر تحت أذنيه كموسيقى، كنغم ينام عميقاً على لحنه.

حركة الرمل والموج والماء تهزه بحنان. لعله يتذكر يد أمه وهي تهز مهده، لكنه سعيد أكثر بسريره الجديد.

الطفل نائم.. لكنه ما زال يوشوش البحر ويتوسله بحرقة أن يعيده إلى الداخل حيث الدفء، وحيث يستطيع أن يجد له عنواناً ثابتاً: هو «لاجئ في قعر البحر».

المصدر: عربي بريس: عصام الحاج
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 6 سبتمبر 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

279,966