<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الشعب عاقْ
المساء = حسناء زوان
سبتمبر 02، 2015، العدد: 2772
مشهد أثارني، خصوصا أن أغلب المارة كانوا يرفضون حتى مد اليد لتسلم الأوراق من حامليها، الذين أعتقد أن معظمهم لم يكن يفقه كلمة مما كتب فيها.
مثل هذا المشهد رأيته يتكرر في مواكب أخرى صادفتها تجوب الأزقة حاملة شعارات من قبيل: «صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح»، «صوتنا فرصتنا للتغيير»، و»روح المواطنة في خدمة المواطن»، و«لنعمل جميعا من أجل التغيير».
أي مغربي يتأمل مثل هذه الشعارات الفضفاضة، التي تصب جلها في خانة مواجهة الفاسدين والقضاء على الفساد، قد ينتابه ربما سؤال كبير: أي تغيير تريده كل هاته الأحزاب، التي تشير كلها أيضا بأصابع الاتهام إلى الفاسدين الذين يمنعون التغيير؟
أغلب هذه الأحزاب أو جلها تحاول أن توهمنا بأن لا يد لها في الفساد السياسي وحتى الاقتصادي الذي ينخر البلاد. كما تحاول أن توهمنا أيضا أنها مع التغيير، لكن أي تغيير بالتحديد؟ نحو الأفضل أم نحو الأسوأ؟ من يتابع ما يحدث هذه الأيام من صراعات ومهازل بين الأحزاب سيدرك أن التغيير لن يكون سوى نحو الأسوأ لا قدر الله.
لا أنكر أن هذه الانتخابات لها خصوصية وأهمية كبيرة كونها أول انتخابات بلدية في ظل الدستور الجديد، وتكتسي أهمية كبيرة في ظل نظام الجهوية الموسعة الذي اعتمده المغرب، والذي يوسع الصلاحيات على مستوى التدبير الذاتي للمناطق. لكن هذه
الأهمية لا يدركها غالبية من اصطفوا وراء سياسيين تقمصوا هذه الأيام أدوارا لا تليق بمقامهم. عدد منهم لا علاقة لهم نهائيا بالمناطق التي ترشحوا بها ولا بهموم سكانها، ولا أعتقد أنهم يعرفون أين تقع تلك المناطق أصلا. هم يعيشون في عالم آخر غير عالم البسطاء، ورغم ذلك يحاولون إيهامهم بأنهم سيكونون منقذيهم من الفقر والبطالة وووو…، مع أن منهم من كان سببا مباشرا أو غير مباشر في معاناة هؤلاء المواطنين وسبب فقرهم وبطالتهم. لكنهم طبعا لا يريدون أن يعترفوا بأنهم جزء من هذا الفساد، الذي يوهمون الناس بأنهم جاؤوا لمحاربته.
ما لا يدركه أمثال هؤلاء المرشحون وأحزابهم أن الفساد، الذي يتصارعون اليوم بخطاباتهم من أجل القضاء عليه لغويا، طبعا، هو بضاعة محلية ساهموا جميعا في صنعها. وحين يلقي المواطنون أوراق الأحزاب، ويدوسونها بالأقدام في الأزقة والشوارع فهذا لا يعني سوى أنهم فعلا «عاقوا» باللعبة، وملوا كل هذه المسرحيات المتشابهة التي تتكرر كل انتخابات.
الكرة الآن في ملعب الأحزاب. لذا عليها أن تفكر جيدا، وأن تغير خطاباتها، ليس في الشكل طبعا، وإنما في العمق. ولكي يكون هذا التغيير في الاتجاه الصحيح عليها أن تنظف بيتها الداخلي أولا، أن تطرد المفسدين، وأن ترشح أطرها ومناضليها الحقيقيين الأكثر التصاقا بالشعب وبهمومه ومعاناته بدل الأعيان وأصحاب الشكارة. بمعنى أكثر وضوحا أن تثور على نفسها، وأن تغير ذاتها قبل أن ترفع شعار التغيير الذي صار أسطوانة مشروخة، الكل يردده دون أن يفهم أحد ما يعنيه بالتحديد.
ساحة النقاش