<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
حتى في الحافلات…
المساء = حسناء زوان
أغسطس 05، 2015، العدد: 2750
بعد تورم ساقي جراء انتظاري الطويل لسيارة أجرة تقلني إلى بيتي لم أجد غير حافلة أنقذتني من هذا الوضع، فصعدت وأنا أحاول البحث عن مكان أدس فيه جسدي وسط كومة هائلة من المواطنين، الذين تضطرهم الظروف يوميا للتكدس مثل السردين.
بصعوبة وجدت مكانا، فحمدت الله على ذلك، وأمسكت كغيري بالمقبض الحديدي، خشية أن تحدث فرملة مجنونة أو شيء غير متوقع. بالقرب مني كان أحدهم لم أرتح لمظهره، ورائحة العرق تفوح منه، لكن ماذا عساي أن أفعل. مرت لحظات وإذا بيده تتحسس جانبي الأيسر. في تلك اللحظة بالذات أحسست بحالة استنفار داخلي، وبدأت أترقب الخطوة التالية وأنا عازمة على ارتكاب أي فعل جنوني لو تمادى في كبته. لكن لحسن حظي أو لحسن حظه، لا أدري، غادر أحد الراكبين المقعد الذي كان بقربي، فانقضضت عليه بسرعة، وأنا ألعن الظروف التي اضطرتني إلى ركوب هاته الحافلة. في تلك اللحظة التي جلست فيها على المقعد نظرت إليه بكل حقد فوجدته يتفرس في امرأة أخرى كانت بجانبي. ولسوء حظها شغلت المكان الذي كنت أقف فيه بعد أن جلست أنا على الكرسي. ظللت أراقب خفية ما يمكن أن يقدم عليه ذلك الشخص، ولم تمض سوى لحظات قليلة حتى وجدته يلتصق بتلك المسكينة، فتأكدت أنه فعلا من أولئك الذين يستغلون أي زحام كي يفرغوا مكبوتاتهم في أجساد النساء. في تلك اللحظة، كنت على وشك أن أنبه تلك المرأة إلى ما يحيكه ذلك «المريض»، لكن حين تفرست في وجهه المخيف وعينيه الغائرتين ترددت، خفت صراحة أن ينتقم مني، ولعنت في داخلي هذا الخوف، الذي «ربّوه» فينا، وجعلونا كائنات تعجز عن الجأر بغضبها وحقدها في وجه كل من يعتدي عليها. ظللت أراقب ما يحدث وداخلي يغلي. وكان هو يستغل أي اهتزاز في الحافلة كي يلتصق بها أكثر، فيما كانت هي غائبة عما يحدث حولها، ولم تلق بالا لتحرش ذلك الشخص. لم يدم الأمر طويلا، وغادر ذلك المتحرش مكانه في اتجاه الباب الأمامي للحافلة، بعدما قضى وطره من تلك المرأة. فيما بقيت هي في مكانها، وجاهلة بما وقع لها. فكرت أن أخبرها، لكنني ترددت مرة أخرى، وماذا عساي أن أقول لها، ولو سألتني لماذا لم أفعل شيئا، بما كنت سأجيبها. أنا متأكدة أنني لست الوحيدة من شاهدت ما فعله ذلك الشخص، لكن لا أحد استطاع الكلام أو الاحتجاج أو فعل أي شيء يوقف مثل هذه الممارسات البهيمية، وربما وجدها بعضهم فرصة للتمتع والاستمناء على تلك المرأة في خياله. حين غادرت الحافلة تركت تلك المرأة لا تزال في مكانها. فيما وجدت ذلك الحقير قد غادر الحافلة قبلي، بعد أن أفرغ مكبوتاته الجنسية. نزلت وسألت نفسي: ترى من ستكون الضحية المقبلة لذلك المختل جنسيا، وفي أية حافلة سيمارس كبته؟. كما ترون، فالحافلات لدينا لم تعد فقط وسيلة لنقل المواطنين، وإنما مكانا لإفراغ المكبوتات أيضا.
ساحة النقاش