<!--
<!--<!--<!--
لماذا دفعت الكويت الثمن..هل قتلت الشقيقة الكبرى شقيقتها؟
01 أب ,2015 16:27 مساء
عربي بريس: حنيف عبد الله
منذ أربعين يوما مضت وعند توافد مواطنين صائمين إلى مسجد الامام الصادق بمنطقة الصوابر في الكويت لاداء فريضة صلاة الجمعة، خرجت يد حاقدة من رداء أعداء الوحدة الاسلامية في بلد ينعم بالاستقرار في منطقة الخليج، واستهدفت أكثر من 250 مصليا، بتفجير انتحاري أوقع 27 قتيلا و أكثر من 227 جريحا بحسب بيانات وزارة الداخلية الكويتية. وتبنى تنظيم داعش الموغلة يداه بارتكاب المجاز، مباشرة العملية الإرهابية عبر بيان على صفحات الإنترنت، مبديا افتخاره واعتزازه بالجريمة البشعة، إذ ان استهداف مسجد للشيعة في الكويت تعدّ سابقة وصدمة قوية في الوقت عينه منذ عقود. وانبرت وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية بنشر الأفلام والصورالمسجلة للحادث اللاإنساني وأشارت بعضها بأصابع الاتهام للحكومة السعودية، لكون أن منفذ العملية سعودي الجنسية ويدعى "أبوسلمان الموحد" ويعتنق أفكارا متشددة، وعلى ضوء اعترافات بعض المعتقلين من داعش الذين أقروا بالتخابر مع مسؤولين عسكريين واستخباراتيين سعوديين، فان الرياض تتصدر قائمة الاتهام في حادثة الكويت. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا تدفع الكويت ثمن الاستعلاء السعودي؟، وهل القرارات والإجراءات الإقليمية التي اتخذته الكويت، أغضبت القيادة الشابة والجديدة في السعودية؟ لماذا الشقيقة الكبرى للدول الخليجية قتلت شقيقتها الأخرى؟، ثمة وجهات نظر كثيرة حول هذه الاسئلة إلا أنه وبإيجاز يمكن القول:
أولا:
أن من بين الدول الخليجية، يتمتع الشعب الكويتي بوعي سياسي ومستوى علمي جيد، مقارنة مع الدول العربية، بجانب التعددية الصحفية وحرية التعبير عن الرأي، وتنوع المشارب السياسية والمذهبية المتابينة عقائديا، أفضت جميعها إلى بلورة مناخ سياسي منفتح نسبيا تحولت الكويت بموجبه الى أنموذج سياسي ديموقراطي متقارب مع الغرب. وعلى ضوء ذلك سعت الكويت بجانب سلطنة عمان إلى تقديم نفسها كوسيط محايد في النزاعات الأقليمية، في الوقت الذي سئمت المنظمات الحقوقية من انتهاكات حقوق الإنسان ومن الهيكلة السياسية المنغلقة في السعودية، بجانب تذمر شعوب المنطقة من التدخلات السعودية في الشؤون الداخلية لبلدانها.
ثانياً:
قطر بجانب تركيا من أكثر الدول التي قدمت أشكال الدعم لوصول حركة الإخوان المسلمين للسلطة في المنطقة، وأن هذا الدعم لطالما اصطدم برفض بعض دول المنطقة وتحديدا السعودية والامارت العربية المتحدة، حيث أن وبعد الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي ووصول العسكر إلى السلطة عبر الفريق عبد الفتاح السيسي، في ظل تواصل الدعم الإعلامي والسياسي القطري للإخوان، أدى ذلك إلى تدهورعلاقات قطر مع السعودية والإمارات والبحرين التي قررت استدعاء سفرائها من الدوحة. وأعلنت تلك الدول أن قرار الاستدعاء جاء أثر عدم التزام قطر بقرارات مجلس التعاون الخليجي، فيما اعتبرت الاخيرة عملية استدعاء السفراء تجاوزا لاطار مجلس التعاون. من جانبها رفضت عمان والكويت استدعاء سفرائهما أو المبادرة لقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، فيما رأى البعض إن أحجام الكويت عن استدعاء سفيرها في قطر كان منسقا وذلك لعدم ترك قنوات الاتصال مفتوحة للعب دور الوساطة بين الدوحة والرياض وباقي العواصم العربية، والذي حمل هذا القرار بطياته بعض الامتعاض من قبل الاشقاء في مجلس التعاون الخليجي ومنها السعودية.
ثالثاً:
منذ انطلاق الهجوم السعودي على اليمن، امتنعت بعض الدول مسايرة توجه القيادة الشابة ورفضت الانخراط بالحرب ومنها باكستان والكويت وعمان، ويبدو أن لقرارعدم التماشي أعباء باتت تتكشف رويدا رويدا، كما أبدت السعودية امتعاضها عن المشاركة المحدودة للكويت في عاصفة الحزم، وقال وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح في جلسة استجواب امام مجلس الأمة الكويتي، إن قرار المشاركة جاء أثر ضغوطات سعودية وإنها جاءت محدودة واقتصرت على عدد من الطلعات الجوية. من جهة أخرى كانت مشاركة الكويت في ارسال قوات للبحرين لمساندة حكومة المنامة في أطار قوات درع الجزيرة محدودة للغاية، فيما لم تتدخل عمان في البحرين واليمن اطلاقا، بل رعت إقامة حوار حول الاوضاع في اليمن بمشاركة مسقط وواشنطن وأنصار الله، وأدى عدم التماشي الفاعل لهذين البلدين في مجلس التعاون الخليجي إلى انكماش النفوذ السعودي في المجلس، وممكن اعتباره من العوامل الاساسية لعدم رضا الاشقاء السعوديين عن الحلفاء الخليجيين.
رابعاً:
تحدثت الصحف كويتية منذ 10 أشهر عن وقوع خلافات بين الكويت والسعودية بشان ملكية حقل نفطي مشترك، توقفت على أثره الأنشطة بحقل "الدرة" النفطي الغازي المشترك منذ عام تقريبا الى كتابة هذه السطور، من جهة أخرى اصطدم توجه المسؤولين السعوديين للسيطرة على مناطق واسعة بحقل الخفجي النفطي، باعتراض شديد من الكويت التي كانت لها خلافات مع السعودية حول هذا الحقل تحديدا منذ سنوات.
الكويت والسعودية تشتركان في حقل الخفجي والوفرة بمساحة 5 ألاف كيلومتر مربع وبمعدل أنتاج يومي يبلغ 500 ألف برميل، وبحسب اتفاق ثنائي فإنها ستستغلانهما لخمسين عاما. وكانت قد نقلت جريدة "الجريدة" عن مسؤول كويتي "إنه أثر انهيار المفاوضات مع السعودية وتفاقم الخلاف بين البلدين، فان الكويت طالبت رسميا بحل الخلاف النفطي عبر محمكة العدل الدولية في لاهاي"، وسبق ذلك نقل صحيفة "رأي اليوم" الإلكترونية عن مصدرمطلع أن "الأزمة النفطية بين الكويت والسعودية بلغت مرحلة الانفجار، وعلى نحو طالب المسؤولون الكويتيون شركة شيفرون النفطية الأميركية التي تعمل في المجالين النفطيين (الحقول المشتركة)بلملمة معداتها".
خامساً:
أما فيما يخص التطورات الأقليمية والسياسة الخارجية، تناغمت الكويت مع الدول الخليجية، سيما السعودية وقطر في جامعة الدول العربية، وقدمت مشروع إلغاء عضوية سورية من الجامعة، فضلا عن دعمها المعارضة السورية على مدى أربع سنوات، إلا أنها ومع تبدل الأولويات الأميركية من المطالبة بإسقاط النظام السوري، إلى تقويضه وإنهاء وجود المجموعات المتطرفة ومنها داعش، تراجعت الكويت عن قرار إغلاق السفارة السورية، وأعادت فتح القسم القنصلي لتقديم الخدمات لـ 150 ألف سوري يقيمون على أراضيها. يأتي هذا في الوقت الذي تقوم السعودية بانفاق مليارات الدولارات بغية إسقاط النظام السوري وتعمل على إعداد مجموعات مسلحة جديدة لهذا الغرض، فيما تعمد الكويت إلى تطبيع العلاقات مع دمشق، ومن هذا المنطلق فان مخطط العنف ضد الكويت قد يكون مبرراً. وبالواقع فإن السياسة الخارجية الموضوعية لقادة الكويت إزاء التطورات الإقليمية تتسم بالتغيير، وأن هذا يمثل تباينا دبلوماسيا مع بعض الأخوة الخليجيين، ولكن هل يستوجب الخلاف القائم بين البلدين أو "تصويب" مسار هذه السياسة تفجير بيوت الله؟، وهل من الضروري استهداف الصائمين في الشهرالذي أوقف رسول الإسلام القتال فيه، واللجوء إلى سفك دماء الأخوة بالإسلام؟.
وبعد سرد هذه المعطيات يستوجب علينا التأمل والسؤال هل الكويت بعد تلك الأحداث ستبقى تحت مظلة الشقيقة الكبرى؟، تلك أسئلة تتطلب الإجابة عليها التريث، ما سيسفرعن قرارات واقعية للحكومة الكويتية.
ساحة النقاش