<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الأسد ومقدمات إعلان النصر
27 تموز ,2015 06:32 صباحا
عربي برس - محمود عبداللطيف
يفرض المنطق السياسي المرتكز إلى الحقائق، أن العالم لا يشبه نفسه قبل الاتفاق النووي الإيراني، فإن كانت طهران رفضت أي نقاش حول أي ملف غير ملفها النووي خلال المفاوضات التي ماطلت فيها الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً، والغرب عموماً، فإن السداسية الدولية وقعت نيابة عن المحور الأمريكي، على وثيقة كان بين سطورها التعهد الغربي بإنهاء زمن داعش، وإعادة الاستقرار إلى المنطقة، وذلك بكون القوى الغربية ستسعى إلى الحصول على علاقة طبيعية مع إيران لتطوير التعاون الاقتصادي مع دولة لا يمكن التقليل من شأن مقدراتها التي تفرض نفسها بحكم الواقع، وعلى ذلك لا يمكن القبول بأن الأوروبيين سيقامرون باستثمارات ضخمة في منطقة غير مستقرة، ولأن ساسة الكيان الإسرائيلي يدركون تماماً، إن الاتفاق النووي كان تنازلاً عن جملة من الملفات مقابل العلاقة مع إيران والتمهيد للعودة إلى العلاقة الطبيعية مع دمشق، يحاولون اللعب على وتر الكونغرس الأمريكي قبل انقطاعه.ولأن الرئيس السوري بشار الأسد يدرك تماماً، إن العالم بات أمام متحولات كبرى في السياسة، يخرج إلى شعبه المتعب من الحرب، ليطمأنه بأن الانتصار بات قاب قوسين أو أدنى، فإن ينقلب أردوغان على تنظيم داعش، ويطرق باب دمشق الإماراتيون، ويطرح قبل هذا وذاك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أطروحته المعجزة، التي لا يمكن أن تأتي لمجرد الطرح الإعلامي من قبل رئيس دولة كسرت جليدها ووصلت إلى المياه الدافئة بقدرة عالية على التحول، ولهذا لابد من الوقوف على جملة من الرسائل التي حمّلها الأسد لخطابه الذي ألقاه يوم أمس الأحد. الأسد وإن كان مخاطباً الشعب السوري، من خلال اجتماعه بممثليه الشعبيين في النقابات والمنظمات وغرف التجارة والزراعة والصناعة، فإن بالأساس يخاطب المجتمع الغربي من خلال جملة من المفاهيم العامة التي يجب تأصيلها لدى الشعب السوري أولاً، وأن يدرك داعمو الإرهاب أنه لن يستغني عنها بالمطلق، وهذه المبادئ السيادية التي لم تقبل دمشق التنازل عنها منذ بدء الأزمة في سوريا، هي الأساس في الهجوم الغربي على منطقة الشرق الأوسط، ويبدو إن الغرب الداعم لإسرائيل، بات يدرك أن ناتج تقسيم المنطقة لن يعزز من أمن إسرائيل في شيء، ولهذا لابد من العودة من الحرب السورية بأقل الخسائر الممكنة، فالأسد أثبت إنه قائد متمرس في علوم السياسة والعسكر، وبات من اللافت للجميع إن شخص الرئيس السوري قادر على إدارة أزمة بلاه على المستويين الداخلي بشقيه العسكري والاجتماعي، أما المستوى الخارجي، فقد علموا تماماً، إن الأسد لن يبني لسياساته بابا خلفياً يمكن الولوج منه إلى التنازلات المطلوبة من سوريا، وعلى ذلك، تكمن خطورة خطاب الأسد بالنسبة للغرب من حيث توقيته، إذ إن إطلالة الأسد وبرغم الأزمة السورية، بقيت محسوبة بدقة زمانية وسياسية محكمة. في المفردة الأولى زمانياً، جاء خطاب الأسد بعد يوم واحد من انتهاء أعمال المؤتمر الإعلامي الدولي لمكافحة الإرهاب التكفيري الذي عقد في دمشق، مما يؤكد إن الدولة السورية باتت اليوم تمتلك تعهدات غربية كبرى على إن ملف الإرهاب لابد وأن ينتهي، فالحرب الأردوغانية على تنظيم داعش، لا تأتي من فراغ، خاصة وإن تركيا تعتبر الطريق الأساسي لعبور مسلحي تنظيم داعش إلى الداخل السوري، وطريق تهريب مقدرات الدولة السورية إلى أوروبا، هو الأراضي التركية، وإذا ما فضت هذه العلاقة فإن التنظيم بات مخنوقاً بشكل مطلق في الداخل السوري والعراقي،وما يؤكد ذلك إن نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد،عبر عن رفض بلاده لي تدخل عسكري في أراضيها دون تنسيق مسبق، لكنه أكد جهوزيتها لأي تعاون عسكري ضد داعش وسواه من الميليشيات المسلحة، وبالعودة إلى كلام الأسد، نجد التأكيد السوري في أعلى مستوياته على ضرورة التخلص من "أزدواجية المعايير" من قبل الأطراف المعادية لسوريا، وهو أمر أكد عليه البيان الختامي للمؤتمر الذي شهد حضورا عربياً وأجنبياً واسعاً، إذ لا فرق بين فصيل وآخر، من الفصائل المسلحة التي تكفر الآخر،وكأن الأسد يخرج من خلال خطابه ليتبنى رسمياً مقررات المؤتمر الذي لن يكون المشاركون فيه إلا حملة رسائل سورية إلى شعوبهم، وإلى العالم، معززين وجهة النظر السورية لدى هذه الشعوب، بأن دمشق قاتلت الإرهاب المصنع في مختبرات المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، نيابة عن العالم أجمع، وإذا ما أراد هذا العالم أن يحل الملف السوري، فعليه أن يتخلى عن دعم الإرهاب. زمانياً أيضاً، يقول الأسد لأعداء سوريا أن دمشق تفهم تماماً إن تحول المزاج الغربي تجاه المنطقة يأتي منطلقا من اقتراب المناسبات الانتخابية في دول عدة،وفي حسابات الغرب إن تحقيق انتصارات على الإرهاب وتحقيق توازنات دولية ستفضي بانعكاساتها إلى وضع اقتصادي جيد في أوروبا المترهلة اقتصادياً، سيكون الورقة الأساس للعمل الدعائي للحكومات الموجودة حالياً في سدة الحكم، وفي هذه النقطة لا يمكن اعتبار نشر الإدارة الأمريكية لما أسمته (صورا نادرة لاعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر) أمراً عادياً، إذ يعتبر الأمر تذكير للشعب الأمريكي بفاجعته الكبرى خلال العصر الحديث،وبالتالي سيكون المزاج العام حاضراً لقبول التحول الأمريكي في الملف السوري من باب محاربة الإرهاب، ولأن الأسد يفهم تماماً، إن الميل الأمريكي لن يكون بريئاً في مثل هذا التحول، يؤكد على إن التنازلات مرفوضة، فهو كرئيس للدولة السورية لا يملك هذه التنازلات. وما يميز سياسة الأسد، إن الخطوات المدروسة والموقوتة بشكل أساسي وفق مزاج الشعب السوري، فاليوم الذي سبق الخطاب، شهد عفوا عن الجرائم العسكرية خاصة الفرار من الخدمة العسكرية أو ما بات يعرف باسم (الانشقاق)، والذي موّل من الخزينة القطرية بملايين الدولارات، وبذلك يكون الرئيس السوري قد فتح الباب على مصرعيه أمام المنضمين إلى صفوف الميليشيات المسلحة لتسليم أنفسهم آمنين إلى الدولة السورية، وأن يتخلوا عن فعل القتل المجاني ليكونوا في مكانهم الطبيعي كأفراد من الشعب السوري، لكنه لم ينسى الإشارة في خطابه إلى أن عناصر الإرهاب من غير السوريين، سيواجهون مصيراً لن يكون جيداً بالمطلق بالنسبة لهم، فداعمو الإرهاب وخاصة من الأوروبيين يطمحون للحصول على معلومات الدولة السورية التي حصلت عليها من الحرب الطويلة الأمد مع الميليشيات المسلحة والتنظيمات التكفيرية، لكن فتح باب هذا البنك المعلوماتي لن يكون مجانياً بالملطق. وإذا ما كان علماء النفس، ومحللو الإستراتيجية في مختلف وسائل الإعلام العالمية قد تابعوا حديث الأسد ليفسروا كل حرف قاله الرئيس السوري لشعوبهم، فإن هذا الجهد الإعلامي ما هو إلا واحد من التمهيدات التي ستفتح باب الانقلاب في المواقف الغربية خصوصاً، تجاه الملف السوري، فما قبل اتفاق فيينا، زمن أثبت عدم جدوى الاستمرارية في الحرب على سوريا، لذا لابد من التحول، والعودة إلى ما قبل ( الربيع العربي)، لكن هذه العودة لن تكون نهائية، فالكل سيعمل على تعزيز خطوط دفاعه وهجومه، للعودة إلى حالة اشتباك جديدة في المنطقة، فحلم التقسيم سيبقى حاضراً على طاولة الرئيس الأمريكي بكونه حلم إسرائيلي بحت، وأي رئيس أمريكي سيأتي بعد أوباما، سيبقى ملزما بهذا الملف بحكم إن اللوبي اليهودي هو المتحكم بمسار السياسة الأمريكية، لكن مخططي الاستراتيجية في تل أبيب، يعرفون تماماً، أن الأسد كقائد للدولة السورية، ومن خلفه الشعب السوري، باتوا يدركون تماما الغرض مما مرت به بلادهم، وإن النصر الذي أعلنه الأسد من خلال خطابه، لن يصيب السوريين بالغرور، وتحصين الدولة من كل ما سيكون على طاولة النقاش الصهيوأمريكية، سيكون أساس السياسية السورية في المستقبل.
ساحة النقاش