<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المسلمون في بريطانيا “متهمون” بدعم “الدولة الاسلامية” وعليهم تبرئة انفسهم من هذه التهمة امام ديفيد كاميرون.. وهنا نختلف معه ونخطئه في الوقت نفسه.. هذه هي قراءتنا لهذا النوع الرسمي من “الاسلاموفوبيا”
رأي اليوم = الإفتتاحية
في خطابه الذي القاه في مدرسة بمدينة بيرمنغهام وسط بريطانيا يوم الاثنين، تحدث ديفيد كاميرون رئيس الوزراء عن خطط جديدة لحكومته، لمحاربة تنظيم “الدولة الاسلامية” او “داعش” مثلما يفضل الاشارة اليها، ولكن خطابه هذا كان مليئا بالكثير من المغالطات وسوء الفهم لطبيعة هذا التنظيم اولا، ونظرة الغالبية الساحقة من المسلمين البريطانيين اليه ثانيا. الخطأ الاكبر الذي يرتكبه رئيس الوزراء البريطاني ويكرره في كل مرة يتناول فيها هذه المسألة، هو اتهامه للجالية الاسلامية البريطانية او معظمها بالمسؤولية عن تطرف بعض ابنائها، وتحميلها المسؤولية الاكبر في هذا المضمار، الامر الذي يحول هذه الجالية الى كبش فداء، ويزيد من استفحال ظاهرة العداء للاسلام (الاسلاموفوبيا) التي وصفها بالكريهة،وهذا موقف غير مسؤول من رئيس الحكومة تجاه الاقليات في البلد. اما الخطأ الثاني الذي ارتكبه المستر كاميرون فهو التشكيك في قدرة المسلمين البريطانيين على الاندماج في المجتمع البريطاني، وقال بالحرف الواحد “الحقيقة المأساوية ان الكثير ممن ولدوا وترعرعوا في المملكة المتحدة لا يشعرون انهم ينتمون الينا”، ولا نعرف كيف وصل رئيس الوزراء البريطاني الى هذه النتيجة الصادمة والمغلوطة، دون الاعتراف بفشل حكومته التي تتحمل المسؤولية الاكبر في عدم اندماجهم في المجتمع. بداية لا بد من الاشارة الى ان مجموع البريطانيين الذين سافروا الى سورية والعراق للانضمام الى “الدولة الاسلامية” او غيرها من الجماعات “الجهادية” المتشددة لا يزيد عن 700 شخص من مجموع مليون ونصف المليون مسلم، ان لم يكن اكثر، وهذه نسبة ضئيلة للغاية تمثل اقلية الاقلية، واذا كان هؤلاء توجهوا فعلا للقتال في صفوف الجماعات الجهادية، فان من شجعهم على ذلك رئيس الوزراء البريطاني نفسه، عندما ذهب الى قمة للاتحاد الاوروبي في بروكسل في عام 2011 وطالب برفع الحظر عن ارسال السلاح الى سورية، وبما يمّكن المعارضة المسلحة من الحصول عليه لتسهيل مهمتها في اطاحة النظام. الكثير من الشباب المسلم في بريطانيا لبى دعوة كاميرون وفهم موقفه السياسي هذا على انه تحريض لهم للانضمام الى المعارضة السورية، وشدوا الرحال الى سورية، حيث وجدوا كل الترحيب والتسهيلات من قبل حكومتها، وحكومات عربية اخرى، اقامت مكاتب خاصة، ورصدت ملايين الدولارات في هذا المضمار. عندما يصل هؤلاء الشباب المتطوعين الى سورية لا تستطيع السلطات البريطانية او التركية تحديد الوجهة الايديولوجية لهم او التحكم في اختيارهم، وغالبا ما يفضلون الانضمام الى الجماعات المتشددة مثل “الدولة الاسلامية” او “جبهة النصرة” او “احرار الشام”. المستر كاميرون يطالب البرلمان البريطاني ان لا يكرر موقفه عام 2013 ويقدم له الدعم في تكثيفه الحرب ضد “الدولة الاسلامية” او “داعش”، وارسال المزيد من الطائرات، بطيار او بدونه، ولكن حصوله على الضوء الاخضر قد يكون في غاية الصعوبة في ظل معارضة نسبة كبيرة من النواب للتورط في اي حرب جديدة في الشرق الاوسط، ولشكوكهم في امكانية نجاح هذه الخطوة، اي التدخل عسكريا، في القضاء على “الدولة الاسلامية”. السير ديفيد ريتشارد رئيس هيئة اركان الجيش البريطاني قال في برنامج لمحطة “بي بي سي” “ان هناك حاجة لاستراتيجية جديدة في مكافحة داعش، لان الخطة الحالية اثبتت عدم جدواها”، ويمكن استخلاص امرين اساسيين من هذا الكلام: الاول ان الخطة الحالية التي اتبعتها الحكومة البريطانية وحلفاءها الامريكان فاشلة، والثانية ان الاستراتيجية الجديدة التي يطالب بها ما زالت غامضة، وان كان من المرجح ان تتمثل في ارسال قوات برية، لان الضربات الجوية التي زادت عن خمسة آلاف غارة فشلت في تحقيق اي من اغراضها. عبارة مهمة جدا وردت في خطاب المستر كاميرون في بيرمنغهام يمكن ان تلخص المعضلة الحقيقية لبريطانيا في تعاطيها مع مشاكل منطقة “الشرق الاوسط”، قال فيها “ان هناك (من المسلمين) من يدينون العنف في بريطانيا ويرون انه غير مبرر، لكنهم يرون ان التفجيرات الانتحارية في اسرائيل امر مختلف”. مقارنة كاميرون بين تفجيرات ارهابية في شوارع لندن ومحطات مترو الانفاق، واخرى مماثلة في فلسطين المحتلة يقدم عليها شباب محبط يعيش احتلالا مهينا ومذلا لارضه، ويصادر حقوقه المشروعة في الاستقلال واقامة دولته، هي مقارنه مجحفة وظالمة، تسلط الاضواء على الخلل الرئيسي في السياسة الخارجية البريطانية التي تعرض بريطانيا ومواطنيها وارواحهم للخطر. نحن في هذه الصحيفة ندين كل انواع العنف والارهاب من اي جهة كانت، وفي اي مكان كان، ونؤمن بالحوار والحلول السياسية السلمية للازمات، ولكن هذه القاعدة لا تنطبق على الكثير من الشباب المسلمين وغير المسلمين، خاصة اولئك الذين يعانون من الظلم والاضطهاد والاحباط ويعيشون تحت دولة احتلال تدعمهم بريطانيا، او يتعاطون مع اشقائهم هؤلاء. الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش قال في احد تصريحاته انه لو كان محل الشباب الفلسطينيين لانخرط في صفوف المقاومة، وعلينا ان لا ننسى تضحيات الطيارين والجنود البريطانيين والفرنسيين في القتال من اجل تحرير ارضهم من الغزو النازي. السياسة الخارجية البريطانية هي التي تحتاج الى تعديل جذري، بحيث ترتكز على قيم العدالة والاخلاق والانتصار للمظلومين في وجه الظلم، وربما يفيد تذكير المستر كاميرون ان الذين نفذوا تفجيرات السابع من تموز (يوليو) عام 2005 قالوا انهم فعلوا ذلك انتصارا لاشقائهم في العراق الذين قتلوا بقنابل وصواريخ الدبابات والطائرات التي احتلت هذا البلد العربي المسلم، وازهقت ارواح ما يقرب المليون من ابنائه، وبذرت بذور الانقسام الطائفي في ارضه وحولته الى دولة فاشلة.
ساحة النقاش