<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الأكراد: ما بعد "تل أبيض" ليس كما قبلها
02 تموز ,2015 23:33 مساء
عربي بريس: سركيس قصارجيان
تتسارع الأحداث على الحدود السورية التركية شمالاً فارضة "أمر واقع" ينظر إليه كتنفيذ عملي لخرائط ومخططات وإعلانات وشعارات لم تسقط يوماً من أدبيات الحركات الكردية التي اختلفت على كل شي تقريباً إلا على وجوب إقامة روج آفا "كردستان الغربية".
دخلت وحدات حماية الشعب الكردي ترافقها عددا من الفصائل المنضوية تحت اسم "الجيش الحر" مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا دون مقاومة تذكر، خلافاً لما انتظره الكثير من المتابعين، الذين توقعوا معارك ضارية وشرسة مع مسلحي داعش، لما تشكل هذه المدينة من أهمية إستراتيجية كبوابة انتقال ونقل بالنسبة للتنظيم بين مناطق سيطرته في سورية وقواعده اللوجستية والاقتصادية في تركيا.
السيطرة على تل أبيض وفتح طريق إمداد إلى عين العرب والمعارك التي تخوضها الوحدات الكردية في رأس العين وسيطرتها الفعلية على مناطق أقصى الشمال الشرقي من سوريا يرسم خريطة جديدة للشمال السوري قد تشكل ضربة كردية أخرى لسياسات أردوغان الفاشلة بما يخص الملف السوري.
فأردوغان الذي خسر الانتخابات الأخيرة، رغم تصدر حزبه لها، ارتكب خطأ استراتيجيا حين اعتمد على تنظيم داعش من أجل كسر شوكة أكراد الحدود، عبر دعمه في عين العرب (كوباني) وابقاء بوابة تل أبيض الحدودية مفتوحة أمام تنقل المتشددين الإسلاميين وتصدير المواد الأساسية الموجودة تحت سيطرتهم من نفط وقطن وقمح عبرها إلى تركية.
وهو الذي رفض (عبر رئيس وزرائه أحمد داوود أوغلو) الطلب الذي قدمه رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديميرتاش، حسب ما أعلنه الأخير، بتزويد المقاتلين الأكراد في عين العرب بالأسلحة بحجة مخالفة ذلك للقوانين والأعراف الدولية، بالتزامن مع إرساله الأسلحة والذخائر ونقل مسلحي داعش كما كشفت فضيحة صحيفة جمهورييت التركية قبيل الانتخابات البرلمانية بأيام.
وضع داعش في مواجهة الأكراد خلق واقعاً من التعاطف العربي والعالمي مع وحدات حماية الشعب الكردي، بصفوفها المختلطة، التي تواجه تنظيماً إرهابياً يذبح ويسبي ويحرق ويعدم صلباً وإغراقاً وبالتيار الكهربائي، حتى بات كل من يقول لا للسياسة الكردية متهماً بالداعشية.
الـ "لا" الأولى جاءت من حلفاء البارحة أعداء اليوم، من فصائل الجيش الحر التي شاركت الأكراد ولو رمزياً في معارك تحرير تل أبيض وريفها الشمالي، حينما اتهمت في بيان الأكراد "بارتكاب أعمال تطهير عرقي عبر نفي سكان القرى العربية في المنطقة، وهي الغالبية، إلى داخل الحدود التركية" (كيليكيا المحتلة).
فاستنفرت عشرات وسائل الإعلام "المطبلة والمزمرة" لأي انتكاسة للجيش السوري في مواجهة "داعش الارهابي"، لبث شهادات "تطهير عرقي عبر القتل التهجير وحرق البيوت والمحاصيل" في ريفي الحسكة والرقة، وانهالت تهم العمالة "للنظام الأسدي والصفويين" وما إلى ذلك على الأكراد، الذين دأبوا في معظم التصريحات الصادرة عن ممثليهم في الجناحين السياسي والعسكري دأبوا على "نفي تهم التطهير الموجهة ضدهم كنفيهم للتعامل مع الحكومة السورية مع التأكيد على تطلعاتهم لإنشاء كونفدرالية كردية في مناطق نفوذهم، كونه حقاً مشروعاً للأكراد".
وليست تصريحات جميل بايك الرئيس الشخص الثاني بعد عبد الله أوجلان في قيادة حزب العمال الكردستاني الأخيرة لاحدى الصحف العربية من قبيل "سوريا متجهة نحو التقسيم، هزيمة داعش في تل أبيض فتحت الأبواب لتغييرات كبرى في سورية، الدولة القومية (في سورية) ستنتهي.." إلا جزءاً من سياق الخرائط الموجودة في حوزة الأكراد منذ عشرات السنين واستكمالاً لأمر الواقع الذي فرض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في نهايات القرن الماضي من قبل الدول الكبرى ومباركة الدول الإقليمية".
من المؤكد أن وحدات حماية الشعب الكردية برزت في السنة الأخيرة من الأزمة كقوة "محررة" لا "مدافعة"، وهي سياسة أقرب إلى يسط السيطرة والنفوذ حينما تنجح في تحرير مساحة ما من أيد إرهابيي داعش بعد أن تفقدها هذه الجهة أو تلك، وهي التي أعلنت منذ مدة بأنها غير معنية بمعركة الحسكة بين داعش والجيش السوري.
اذا تواصل وحدات حمالة الشعب الكردي تقدمها بغطاء جوي من التحالف، الذي طالبتها "المعارضة السورية" يوماً بقصف الأرضي السورية، ويواصل الأكراد في تقدمهم على خريطة "روج آفا" بغطاء الدول، التي طالبتها "المعارضة السورية" يوماً أيضاً، عبر جولات بين عواصمها، بدعم فصائلها المسلحة بالمال والسلاح والمواقف السياسية.
حطم الأكراد أحلام أردوغان في تغيير نظام الحكم في البلاد، وحلم العدالة والتنمية في الاستفراد بالقرار السياسي التركي عبر حكومة طويلة الأمد، وحلم المؤسسة التركية الموالية لأردوغان باقامة منطقة تركية برتبة "عازلة" في الشمال السوري فهل تكون نهاية هذه الاحلام بداية لتحقيق الحلم الكردي بإقامة كردستان الغربية في ظل انشغال الجيش السوري على جبهات الارهاب في الجنوب والبادية والجزيرة والشمال الغربي للبلاد؟
المعطيات تشير إلى أن الأكراد باتوا أقرب من أي وقت مضى لتحقيق حلمهم، لكن الرهاب الداعشي المدعوم تركياً عبر الحدود، والإرادة السياسية السورية الرافضة لأي شكل من أشكال التقسيم، والمزاج الدولي الخاضع لتبدلات دراماتيكية حسب المصالح والاتفاقات، كل ذلك تعتبر عوامل خطر بالنسبة للطموحات الكردية إذا أضفنا لها العامل الأهم، وهو الطبيعة الديموغرافية للمنطقة المذكورة، لكن الحقيقة المؤكدة هي أن ما بعد تل أبيض ليس كما قبلها.
ساحة النقاش