<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
موسم الاغتيالات
30 حزيران ,2015 03:17 صباحا
عربي برس _ صحف = السفير - وائل عبد الفتاح
ــ ١ ــ
مباراة جديدة في «إدارة التوحش»، وليست فقط أول جريمة اغتيال ضد النائب العام في مصر، عشية مرور السنة الثانية على عزل محمد مرسي وإنهاء حكم الإخوان المسلمين.
التوحش قادم من طرفي المباراة، هذا ما تقوله طبيعة الجريمة (لم ينشغل منفذوها بحجم الضحايا أو الدمار...) وطبيعة الرد عليها حيث سيطر الرعب وارتفعت أصوات تطالب بإعلان الأحكام العرفية وحالة الطوارئ وتنفيذ الإعدام في قادة الإخوان.
اغتيال رأس هرم النيابة المصرية هو الجريمة الأكبر ضد رؤوس «الدولة» منذ تموز (يوليو) 1952 بعد اغتيال رئيس جمهورية (السادات) ورئيس برلمان (رفعت المحجوب)، وعلى عكس رغبة أو تخطيط القتلة وتنظيماتهم، تتجبر الدولة بعد هذه الجرائم، ويبتلع أمنها مساحات شاسعة من «المجال السياسي».
جرائم هي ابنة اليأس، وعنف ليس جميلاً، يدفع إلى التجميد لا الحركة.
ــ 2 ــ
حرب رثة، وأيام سوداء، تبدو للعيان أنها مكررة، وربما لن تكون كذلك...
الأطياف كلها تنتظر «عصر ظلام» جديداً، بما في ذلك قطاعات ما زالت لديها فسحة التفكير بالعقل... وتحاول لملمة ذاتها بعيدا عن استقطابات «الحلبة الدموية... ».
الجميع يراها مناسبة لزيادة «التوحش» في فاتورة يدفعها الناس، من تضييق وقمع وحصار لمساحات السياسة بل والحياة...
كما ستلتهم غريزة الانتقام ما سواها، ويعلو صوتها منفردة في أداء الدولة(المحاربة من أجل هيبتها... وحياة رؤوسها وضباطها وقضاتها) أو الإسلاميين الذين لم يعد أمامهم فرصة لفرض وجودهم إلا بالسلاح والدم بعد فشل محاولات الصلح، وعجزهم عن التطوير، والأهم وصول «الموديل» الإسلامي كله إلى الحافة مع «داعش» التي جسدت أحلام منتظري الخلافة بما يفوق أكثر الخيالات مأساوية ورعبا.
وليس هيّنا هنا أن اغتيال النائب العام، هو رسالة رمزية ضد «منظومة العدالة» التي تشارك في «الحرب على الإرهاب» بما هو أكبر من دورها ومهنتها... مشاركة جعلتها «خصما» و «طرفا» غير محايد في الحرب على السلطة بين «الدولة» وتركيبتها الكهنوتية القديمة والإرهاب بنسخه الكلاسيكية والمتطورة، المعتدلة والداعشية.
جريمة تأتي بعد كرنفال الجمعة الدموي عابر المدن والقارات في الكويت وتونس وليون واسيوط، لتقول بوضوح: التيار الإسلامي يلفظ إلى الهامش كل محتواه المعتدل والمحافظ والمعجون بدهاء السياسة ليتحدى بالإرهاب كل محاولات «الدولة» في إحياء جثتها... هي حرب ضباع على جثة... وذهاب إلى الجحيم وسط صخب السجال حول نبل الانتقام، من الطرفين. كل منتقم له جمهوره في حلبة الإرهاب. ليس فكرة لتواجه بالأفكار... إنها تربية عاطفية تنتزع بالتدريج مساحة العقل لتصبح أداة إلغاء التفكير.
هنا يعاد تعريف المواطن، وبعد رحلته إلى طلب الحرية والعدالة، يضعه ضمن «حشود خائفة» أو جمهور متفرجين ينتظرون نتيجة معركة صفرية: من سيمحو الآخر من الوجود.
ــ 3 ــ
تفخيخ السيارات ليس عادة قاهرية.
وكذلك استخدام الـ T N T المادة الشديدة الاشتعال، التي تكتب على سحبها الثقيلة السوداء رسائل رعب أكبر سوف يجيء.
الوسيلة المبتكرة رسالة لوحدها موجهة لدولة تتباهى بجبروتها، وتعتبر حواجزها الأمنية دليل هيبتها. كيف تركت السيارة المفخخة بجوار «شخص مهم في المعركة» مثل النائب العام ...؟ وأين ؟ في الحي الأكثر أمانا بحكم وجود مؤسسات الدولة الحساسة!
الجريمة كاشفة لثقوب في منظومة الأمن، وتغيير في طبيعة «الحرب» يجعل عصابة هواة مثل «المقاومة الشعبية بالجيزة» تعلن عن مسؤوليتها عن حادث أكبر من إمكاناتها، الا لو كانت هذه العصابات انتقلت إلى مستويات تدريب وتسليح عالية...، وتعمل في إطار «شبكة» قتالية لم تعد فيها الذئاب متفردة، بل هناك ما ينظم حركة «الإرهاب المتجول» بعيدا عن حالة «القنابل البدائية الصنع» ومجموعات الغضب العابر في تظاهرات، إلى عصابات اغتيال وتصفية منظمة تستخدم طرقا متعددة، وهي نقلة في الصراع إلى ما لم تعرفه مصر من قبل.
ورغم أن هناك جوقة هتفت بعد الاغتيال: «إفرم يا سيسي.. إعدم يا سيسي» و «تسقط حقوق الإنسان» إلا أن هذا لن يعني بأن ذلك سيكون الحل الوحيد، خصوصاً مع طموح السيسي إلى إحداث نقلة في آب المقبل بافتتاح مشروع «قناة السويس» الذي يعول عليه كحجر تأسيس لنظامه... كما أن تشغيل «المفرمة» بما يتجاوز طاقتها يحتاج إعادة بناء الأجهزة الأمنية ذاتها (من حيث الكفاءة) وإنهاء حروبها الصغيرة على مساحات السيطرة، وهو ما يتطلب تنسيقا أو إقرارا لسياسة جديدة.
هتاف الجوقة صعب الاستجابة برغم إرادة «التوحش» الكامنة في دولة مرتبكة... وهذا ما يفسح في المجال لأن تكون كل الاحتمالات مطروحة برغم ما تنذر به السحب السوداء.
ساحة النقاش