<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
بين الفن والعفن.. الحرب على نظام القيم في المغرب
د.إدريس جنداري- كاتب مغريب
ترددت كثيرا قبل أن أقرر الكتابة في الموضوع، و ذلك لأني مقتنع بأن الحرية هي أساس الإبداع الفني، و مقتنع كذلك بأن إحدى وظائف الإبداع الفني هي الكشف عن التناقضات التي يحبل بها الواقع، و لعل هذه الخاصية هي التي ميزت الأعمال الفنية العظمى التي تنتمي إلى الاتجاه الواقعي، سواء في بعده النقدي التفسيري مع بلزاك و فلوبير و تولستوي و دوستويفسكي، أو في بعده الاشتراكي التغييري الذي يرتبط نقديا بالناقد جورج لوكاتش، و بعده رائد سوسيولوجيا الأدب (لوسيان كولدمان).
لماذا التردد ؟
لأن بعض المتحدثين باسم الإبداع الفني في المغرب، في الغناء و السينما خاصة، يقدمون أعمالا يزعمون أنها فنية، مع العلم أنها لا ترقى إلى الدرجة الدنيا للإبداع، و ذلك لأنها رصّ لكلمات نابية متنافرة من كلام الشارع في إيقاع نشاز يؤذي السمع، على مستوى الغناء، أو صور وحوارات مباشرة ينقلها مصور مبتدئ من حراك الشوارع والأسواق و البورديلات (الأماكن المخصصة للدعارة) حتى !
ومن منظور ضعف التكوين الفني الذي يجعل كل من هب ودب يقدم نفسه فنانا، أو من منظور إيديولوجي يسعى إلى توظيف الرداءة الفنية لتفكيك القيم داخل المجتمع، فإن بعض المدعين للفن يزعمون أنهم يقدمون أعمالا فنية تعبر عن المجتمع، أو تكشف عن التناقضات الاجتماعية، و كل هذا –حسب زعمهم- يدخل ضمن تصور المدرسة الواقعية !
لكن لما نعرض هذه الأعمال(الفنية)على محك النقد الفني،في علاقة بالاتجاه الواقعي الذي يعني استناد الخطاب الفني إلى الواقع، والتعبير عن هموم المجتمع وقضاياه المتنوعة، مع الالتزام بقواعد الشكل الفني، نخرج من التردد السابق لأن معظم هذه الإنتاجات، في مجال الغناء و السينما، لا تتوفر على الحد الأدنى من شروط الإبداع في أبسط تجلياته البدائية الأولى، قبل تشكل المدارس الفنية الكبرى !!!
كيف ذك؟
إن الاتجاه الواقعي النقدي مع بلزاك و فلوبير في فرنسا، و مع تولستوي و دوستويفسكي في روسيا كان يمارس النقد على المجتمع باعتماد أدوات سردية، ترتبط ببناء الشخصية الروائية، وتوظيف تقنيات السرد والحوار، وتنظيم الفضاء المكاني و الزماني، و كل ذلك ضمن قالب سردي يستجيب لمقومات الإبداع الفني. و لعل هذا البناء الفني هو الذي يمكن الروائي من تبليغ رسالته في النقد الاجتماعي، حيث تتسلل الرسالة إلى مخيلة القارئ دون مواجهة مباشرة فظة. و لعل نفس الأمر ينطبق على الاتجاه الواقعي الاشتراكي، حيث تم توظيف الفن بهدف تغيير قيم المجتمع، من قيم التفاوت الطبقي الصارخ الذي ينتشر داخل المجتمع كمسلمة عادية، إلى قيم العدالة و المساواة الاجتماعية كقيم بديلة يساهم الفن في ترسيخها.
ولعل هذه الأعمال، التي تدّعي الانتماء إلى مجال الإبداع الفني في اتجاهه الواقعي، لا تستجيب لأبسط شروط الإبداع التي تجعلها تستحق الانتماء إلى مجال الفن فما بالك من توفرها على شروط الإبداع الفني الواقعي !!! و نحن هنا لا نصدر الأحكام جزافا بل إننا ننطلق من نماذج موجودة، تنتشر في ساحة (الإبداع الفني) في المغرب، و يتعلق الأمر بالأغنية السوقية التافهة التي قدمتها (الفنانة) الشعبية (زينة الداودية) و التي عنونتها (اعطني صاكي). و في مجال السينما نقدم نموذج (الفيلم) الغوغائ-ي التافه فنيا (الزين اللي فيك) الذي قدمه المخرج نبيل عيوش .
على مستوى النموذج الأول في مجال الغناء، يبدو أن الكلمات الموظفة غير صالحة البتة للتوظيف في أغنية، و ذلك لأنها تمتح من معجم الدعارة، فهي لا تعبر عن رغبة المرأة السوية أخلاقيا و اجتماعيا في التزيّن و البحث عن الجديد في عالم موضى التجميل و اللباس، بل تصوغ نموذج المرأة العاهرة التي تتعامل مع جسدها كبضاعة قابلة للتسويق (ندير حالة فالرجالة – كلشي يغوت يا الغزالة – نمرة عافاك نهدر معاك ). قد يحاجج البعض بأن الأغنية تعبر عن الواقع، لكن نتساءل: هل تمتلك الأدوات الفنية للتعبير عن هذا الواقع ؟ أم إنها تروج، بلغة إشهارية مباشرة، للدعارة، و ذلك باعتبارها تنتمي إلى مجال الخطاب الإشهاري التجاري ( تجارة الجسد) أكثر مما تنتمي إلى المجال الفني. و هنا نتساءل: هل يسمح المُشرّع بالترويج إشهاريا لأفعال منافية للقانون؟ و إذا كان الأمر كذلك فإن الترويج الإشهاري للمخدرات و الإجرام بدعوى الفن سيصبح أمرا مباحا قانونيا في المغرب، لأنه يكفي أن تضيف لخطابك الإشهاري هذا إيقاعا ليدخل بقدرة قادر ضمن مجال الفن، و يمكنك أن تدّعي أن فنك يدخل ضمن الاتجاه الواقعي لأنه يعبر عن الواقع و يساهم في الكشف عن تناقضاته !
على مستوى النموذج الثاني، في مجال السينما، فهو يسمى (فيلم) تجاوزا، لأنه عبارة عن مشاهد بورنوغرافية تمثل أدوارها شخصيات مبتدئة في مجال التمثيل، بالإضافة إلى عاهرات تم استدعاؤهن من عالم البورديلات. و من خلال متابعة تصريحات المخرج (عيوش) حول طبيعة الفيلم، فهو عبارة عن حكايات واقعية استقاها من مجموعة من العاهرات، و عمل على نقلها بطريقة مباشرة. و هنا يمكن أن نتساءل عن التخييل السينمائي و عن الإبداع الفني؟ ! و هذه أسئلة مؤجلة و لا تساوي شيئا أمام الأجندة المنتظرة من الفيلم، في سياق الترويج للمغرب كوجهة مفضلة للسياحة الجنسية. لقد كان الأنسب لهذا الفيلم أن يكون ذو طبيعة وثائقية ليحقق الغاية التحسيسية، التي يوهمنا المخرج أن فيلمه يسعى إلى تحقيقها، لكن بما أن الفيلم يقدم باعتباره يدخل ضمن جنس السينما التخييلية فإنه من حق أي متابع أن يشكك في الغاية و الوظيفة المرجو تحقيقها، و هي غالبا لا تخرج عن ترويج صورة مزورة عن المغرب (الكائن) أو على الأقل تسعى إلى رسم صورة لمغرب (ممكن) كهامش رأسمالي تفرغ فيه أوربا نفاياتها الصناعية و كذلك نفاياتها النفسية و الاجتماعية، من خلال تشجيع الهجرة المعاكسة للشواذ و البيدوفيليين، و كل من لم يجد له ملاذا قانونيا آمنا في أوربا حيث المحاسبة و العقاب بالمرصاد .
إن ما ينطبق على هذين النموذجين في الانحطاط الفني، يمكن تعميمه على نماذج مماثلة في السينما و الغناء، و كذلك في مجال الرواية التي ظلت، لعقود، عصية على الاختراق، لما تتمتع به من حصانة علمية ترتبط بعلم السرديات، لكن التفاهة الفنية نجحت في اختراقها من خلال خواطر المدعو عبد الله الطايع الذي يزعم أنه روائي شاذ جنسيا يدافع عن شذوذه بلغة السرد، و لغة السرد منه براء .
ولعل المشترك بين هذه النماذج (الفنية) هو كونها لا تمارس خيارات فردية، يفرض علينا القانون احترامها، و لكنها تنخرط في الترويج لمشروع قيمي بديل في المغرب مستغلة هامش حرية التعبير، هذا الهامش الذي يتسع أحيانا ليتحول إلى فوضى مقننة تحمي الكثير من أصحاب الأجندة المعادية للنموذج القيمي المغربي، و توفر لهم الأجواء المناسبة لتهديم ما تبقى من أسس النموذج الاجتماعي و الثقافي المغربي الذي تعتبر الدولة المسؤول الوحيد عن حمايته. و هنا لا ندعو إلى التضييق على حرية الإبداع بل يجب إعمال القانون في التعامل مع كل من يحتمي بالإبداع لتهديد الأمن الثقافي و القيمي للمجتمع.
إن الرقابة على الأعمال الفنية لا يدخل ضمن مجال التدخل في حرية الإبداع، بل هو تقليد تمارسه مجموعة من دول العالم لحماية أمنها الثقافي و القيمي من الاختراق الذي يمكن أن تمارسه نماذج ثقافية و قيمية مغايرة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تأسست “جمعية الفيلم الأمريكي” سنة 1922 بواسطة الشركات الست الكبرى في مجال إنتاج وتوزيع الأفلام ( والت ديزني، بارامونت بيكتشرز، سوني بيكتشرز، فوكس 20 سنشيري، استديوهات يونيفرسال سيتي، وارنر انترتاينمت) و ذلك بهدف تطبيق الرقابة الذاتية على الأفلام، وتحسين المصالح التجارية لأعضائها. ولم تكن “جمعية الفيلم الأمريكي” المحاولة الأولى للرقابة على الأفلام، حيث سبقها “ميثاق إنتاج الأفلام ” أو “ميثاق هايس″ بين شركات الإنتاج في هوليوود، الذي ضمن خلو الأفلام من أي مشاهد مثيرة بما في ذلك القبلات، منذ عام 1930 إلى 1968، وذلك لتحسين صورة هوليوود أمام الأمريكيين، بعد ظهور بعض الأفلام الفاضحة و بعض فضائح للنجوم في حياتهم الواقعية، بالإضافة إلى الخوف من انتقال عدوى الأفلام الفرنسية الأكثر جرأة.
وائل عادل – الرقابة على المصنفات الفنية بين مصر وأوروبا وأمريكا-الرابط: ttp://www.filfan.com/news/details/39955
وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية، بنموذجها الليبرالي المنفتح، تمارس الرقابة على الأعمال الفنية حذرا من انتقال عدوى النموذج الفني الفرنسي، الذي يتميز بجرعة زائدة من (الجرأة) و ذلك حماية لأمنها القيمي و الثقافي، فكيف يسعى أذناب الفرنكفونية إلى الترويج للنموذج الفني الفرنسي في المغرب، باعتباره تجسيدا للحداثة المفترى عليها، مع العلم أنه نموذج لا يمثل سوى نفسه، و بعض الأتباع الذين تجندهم منظمة الفرنكفونية بهدف الترويج للنموذج الفرنسي المعاق و المرفوض عالميا.
إننا لا نشك، لحظة، أن ما يتم الترويج له، في المغرب، من نماذج (فنية) بدعوى التحرر و الجرأة، إنما يدخل ضمن خطة محبوكة لتهديد الاستقرار الثقافي و القيمي في المغرب، و ذلك لا يخرج عن استراتيجية اللوبي الفرنكفوني المتحكم في مفاصل الإعلام و التعليم، هذه الاستراتيجية الهادفة إلى تفكيك البنى الاجتماعية و الثقافية الأصيلة في المغرب، باعتبارها الحاجز الوحيد الذي يمنع من الاختراق الكامل للنموذج النيوكولونيالي الفرنكفوني لكل تفاصيل الدولة و المجتمع، و ذلك بهدف تحقيق السيطرة المطلقة التي لا تختلف، في شيء، عن الاستعمار السابق.
ونحن هنا لا ندعي أمرا غريبا، لأن ذلك يجري على المكشوف ! فقد منحت فرنسا جائزة أدبية لرواية من الدرجة الإبداعية الأخيرة في سلم الإبداع الروائي، لأن كاتبها (عبد لله الطايع) يصوغ فيها تجربته في الشذوذ الجنسي، و هذه الجائزة موجهة لتشجيع الشباب المغربي على نهج نفس الطريق للحصول عل جوائز مماثلة، و الغاية المرجوة، في الأخير، هي التطبيع مع الشذوذ الجنسي داخل المجتمع المغربي، و لم لا تحويله إلى وجهة مفضلة للشواذ من كل الجنسيات. و نفس الشيء حدث مع (فيلم) عيوش الذي استدعي إلى مهرجان كان السينمائي، و ذلك رغم رداءته الفنية التي لا تؤهله لتحقيق الانتماء إلى مجال الخطاب السينمائي، فما بالك حضوره مهرجان كان السينمائي الدولي!
2 Commentaires
مولاي هاشم - اسبانيا
May 28, 2015 @ 12:06:26
المسؤلية مسؤلية نظام بأكمله ااذي بلغ به الحد الى التشجيع المباشر و اللا مباشر لهكذا ظواهر واولها هو عدم قوننة السياحة التي لا يهم النظام فيها الا الربح المادي وفي المفابل التغاضي عن جميع التجاوزات التي يرتكبها اغلب السواح الذين يأتون الى المغرب لأمرين، الجنس الرخيص، والمخدرات الرخيصة إضافة الى تعريف المجتمع بإعتباره مجتمع منفتح وهي نقطة تشجيع لكل من هب و دب لتأتي بعد ذلك مسؤلية المجتمع الذي يعد شريكا في تشجيع هاته الانحرافات وذلك يعود الى عوامل عدة أبرزها الفقر والامية والتفكك الاسري وغياب الوازع الديني لدى غالبية سكان المدن وسبب ذلك هو التضييق على الدعاة وتشجيع الثقافة الوافدة من قبل الدولة .
احمد
May 28, 2015 @ 13:15:12
مقال في المستوى-الله يعطيك الصحة كيف ما كنقولو في المغرب
ساحة النقاش