<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المساء = حسناء زوان
»تــرِّيكة فرنسـا«
فبراير 25, 2015العدد: 2615
«Je connais pas l’arabe»، بهذه الكلمات ردّ وزير التربية والتعليم، رشيد بلمختار، على صحافية بقناة «فرانس 24» حين طلبت منه تصريحا باللغة العربية حول قضايا التعليم والرهانات التي تواجهه.
الوزير المغربي لم يجد أدنى حرج في الاعتراف بجهله باللغة العربية في بلد يؤكد دستوره على أن العربية والأمازيغية هما اللغة الرسمية أن للبلاد، وليست الفرنسية!
لا أعرف، بالتحديد، ماذا كان مصير وزير التعليم الفرنسي سيكون لو أنه تجرأ على النطق بما نطق به الوزير المغربي، وكيف كانت ردة فعل الشارع الفرنسي ستكون!
لا أريد أن أشتط في الخيال، لكن أقل شيء كان يمكن أن يحدث هو إقالة الوزير أو استقالته، هذا إن لم تضطر الحكومة بأكملها إلى الاستقالة. لكن عندنا، تسير الأمور بطريقة الله تعالى وحده يفهم سرها.
الوزير المغربي المحترم لم يجد أدنى غضاضة في أن يلقي بتصريحه الكارثي ذاك في وجوهنا جميعا، ثم يعود إلى وزارته وكأن شيئا لم يكن. هل تدركون الآن لماذا يصر مسؤولو هذه البلاد على ترديد تلك اللازمة البئيسة والبلهاء القائلة بأن المغرب بل
د الاستثناء؟
أكيد أنه بلد استثنائي، وإلا فكيف نفسر أنه بعد مرور أزيد من نصف قرن على الاستقلال مايزال أشباه بلمختار هم من يعتلون كراسي السلطة ويتحدثون باسم المغاربة في المحافل الوطنية والدولية، لكن بلغة ماما فرنسا وحدها لا شريك لها، لأنهم لا يعرفون سواها، ولا يفكرون إلا من خلالها، ولا يدبجون خطاباتهم وتقاريرهم الرسمية إلا بها، ويصرون إصرارا مرضيا على الحديث بها حتى لو كان الذين يستمعون إليهم مغاربة!
حين سمعت صحافية «فرانس 24» جواب الوزير المغربي أصابتها الدهشة، وهي معذورة في ذلك لأنها لا تعرف شيئا عن الاستثناء المغربي، ولأنها لم تسمع قط عن وزير فرنسي تحدث إلى مواطنيه بلغة أخرى غير لغة أهل البلد، لأنهم بكل بساطة يفتخرون بها ويتعصبون لها. مرة، كان جاك شيراك، الرئيس الفرنسي السابق، في اجتماع للقمة الأوربية، فاضطر إلى الانسحاب هو وأعضاء حكومته احتجاجا على رئيس لوبي الأعمال الأوربي، الذي تحدث باللغة الإنجليزية عوض لغته الفرنسية. هذا هو الفرق بيننا وبينهم: هم يقدسون لغتهم وهويتهم ويعملون باستمرار على تطويرها، ونحن نحمل المعاول لتدميرها، وتدمير هويتنا أيضا.
وخلال افتتاح أشغال ورشات عمل حول تطبيق المقاربة النظمية من أجل جودة التعليم في مجال التغذية المدرسية، طلب مسؤولون مغاربة من السفير الروسي فاليري فاربيوف، الذي كان حاضرا، أن يتلو كلمته باللغة الفرنسية، فأنكر عليهم السفير الروسي طلبهم ذاك، وقال لهم: «كيف تطلبون مني الحديث باللغة الفرنسية؟!» قبل أن يفاجئ الجميع بتلاوة مداخلته باللغة العربية، التي يحتقرها مسؤولونا المحترمون.
السفير الروسي قال للمغاربة إن «الازدواجية تراجيديا». لكن المسؤولين المغاربة لم يستوعبوا ذاك الدرس الروسي البليغ، وربما لن يستوعبوه أبدا، رغم أن ما يحدث اليوم في المجتمع المغربي ينذر بتلك التراجيديا التي تحدث عنها السفير الروسي.
مرة، كنت في مقهى أحتسي كأس شاي، فالتقيت بصديقة لم أرها منذ زمن بعيد.. كانت رفقة ابنها الصغير، وكانت تحدثه فقط باللغة الفرنسية. ولما استفسرتها عن سبب ذلك، قالت لي إنه لا يفهم الدارجة، وحين سألتها عما إن كان ولد في فرنسا، ردّت مستغربة: أبدا هو مغربي مثلي وولد بالمغرب! لا تعليق.
ساحة النقاش