<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس= رشيد نيني
وزراء الأوطوصطوب
هذه الأيام كثرت مشاكل وزراء التقدم والاشتراكية مع سياراتهم وسيارات زوجاتهم. فالوزيرة المكلفة بالماء و«الزغاريت» شرفات أفيلال، تركت جانبا الحديث عن معضلة ندرة الماء بالمغرب وانشغلت بالحديث عن سيارات الوزراء التي وصفتها بالقديمة والمتهالكة، إلى درجة أن سيارتها تعطلت بها في إفران واضطرت إلى القيام بـ«الأوطوصطوب».
والظاهر أن سعادة الوزيرة لم تنتبه إلى أن ما قالته خطير جدا، إذ كيف تسمح وزيرة لنفسها بالقيام بالأوطوصطوب في الطريق لوحدها، بينما الدولة قد أطلقت برنامج «حذر» بسبب التهديدات الإرهابية التي تستهدف شخصيات عمومية وحكومية؟
ماذا كان سيقول العالم عنا لو تعرضت الوزيرة لاعتداء من طرف شخص توقف بسيارته لكي يوصلها معه؟ وكيف غامرت الوزيرة بالركوب مع الغرباء، مع كل هؤلاء المنحرفين جنسيا الذين يتجولون في الطرقات؟
دخلنا التاريخ بأول بلد في العالم يموت وزيره بعدما صدمه قطار، وكدنا ندخل التاريخ بأول وزيرة تتعرض للاعتداء بعدما وقفت في الطريق للقيام بالأوطوصطوب.
وناري على حكومة، و«بهدلتو الوزارات وبهدلتو بينا».
أما «واحد» رئيس الحكومة، فعوض أن يؤكد أو ينفي لوزرائه، ولدافعي الضرائب، الخبر الذي نشرناه حول توقفه في الطريق السيار عندما كان ذاهبا ليخطب لسمير عبد المولى في طنجة، لكي يحمل في سيارة الدولة شرطيا بزيه النظامي وسلاحه الوظيفي، وكيف أن هذا الفعل المنافي للقانون تسبب في توقيف الشرطي بعدما تأكد أنه غادر مكان عمله بدون رخصة، فضل سعادة رئيس الحكومة أن «يستنطق» «الرفيق» الصديقي وزير الشغل حول حقيقة الخبر الذي نشرناه بشأن زوجة سعادته التي دهست شرطي مرور في القنيطرة، بعدما طلب منها هذا الأخير تحريك سيارتها المركونة في مكان يمنع الوقوف به.
«الرفيق» الصديقي كذب الخبر جملة وتفصيلا، ونعتنا بصحافة الرصيف والارتزاق والارتشاء، وتبرع علينا، بحكم أنه يعتقد أنه مارس الصحافة، بحزمة من الدروس في ما يخص التحري حول الأخبار وأخلاقيات المهنة.
المشكلة أن «الرفيق» الصديقي كذبنا وشتمنا وفي الوقت نفسه أكد ما نشرناه. فقد أكد أن سيارة زوجته كانت واقفة في مكان يمنع فيه الوقوف، أي أنها ارتكبت مخالفة، وأكد أنه جاء إلى عين المكان والتحق بزوجته في مقر الأمن، وتشبث بكون زوجته لم تدهس شرطي المرور.
لنتأمل قليلا هذه الاعترافات، سعادة الوزير يريد أن يقنعنا بأنه تنقل من الرباط إلى القنيطرة فقط بسبب تحرير شرطي مرور مخالفة مرورية عادية لزوجته.
إذا كان الأمر يتعلق بمخالفة مرورية عادية، فإنه لا يتطلب أن يقطع سعادة الوزير أشغاله ويطير إلى القنيطرة ليلتحق بزوجته في مقر الأمن.
ثانيا عندما يرتكب مواطن مخالفة مرورية لا يتم أخذه إلى مقر الأمن، بل تسجل له المخالفة في عين المكان فيؤديها ويذهب إلى حال سبيله. وبما أن زوجة وزير التشغيل تم اصطحابها إلى مقر الأمن، فلأن الأمر كان يتعلق بشيء آخر غير مخالفة مرورية عادية.
وإذا كان وزير التشغيل قد قرر أن لا يقول كل الحقيقة، فإن بيان حقيقة توصلنا به من المديرية العامة للأمن الوطني يقول النصف الآخر من الحقيقة التي تستر عليها الوزير الصديقي.
يقول البيان إنه بتاريخ 05 يناير 2015 حوالي الساعة السادسة وخمسين دقيقة، أوقف شرطي يعمل بفرقة المرور مستعملة سيارة خفيفة بسبب ارتكابها مخالفة «الوقوف في الوضعية الثانية»، وعند محاولتها تصحيح الوضعية لامست قدم الشرطي دون التسبب في إصابات بالغة.
ويضيف البيان، أن الشرطي المذكور مارس صلاحياته القانونية وسجل مخالفة للمعنية بالأمر، لكنه لم يرغب في متابعة المعنية بسبب الإصابة غير العمدية الطفيفة الناجمة عن الرجوع بالسيارة إلى الخلف.
وبالنظر إلى بساطة الإصابة، يضيف البيان، تنازل الشرطي عن متابعة المعنية بكامل إرادته، حيث تم الاقتصار على استكمال الإجراءات الضرورية لتسجيل المخالفة الأولية المسجلة في حق سائقة السيارة.
عندما نشرنا الخبر الذي يقول إن سيارة زوجة وزير التشغيل دهست شرطي مرور في القنيطرة، شتمنا الوزير واتهمنا بالكذب، في حين أن بيان الإدارة العامة للأمن الوطني يتحدث عن رجوع سيارة زوجة الوزير إلى الخلف وملامستها لقدم الشرطي، فيما يقول سعادة الوزير إن زوجته رأت الشرطي ساقطا خلف السيارة.
هنا نستنتج أن إحدى عجلات سيارة زوجة الوزير دهست قدم الشرطي عندما رجعت إلى الخلف، وهذا الاستنتاج يقود إلى سؤال هو لماذا رجعت زوجة الوزير بسيارتها إلى الخلف، والحال أنه كان عليها أن تسير بها إلى الأمام؟
وطالما أن الحادثة التي كنا سباقين إلى نشرها، والتي كان الشرطي ضحيتها وقعت بالفعل، فإن وزير التشغيل مدين لنا بالاعتذار عن الشتم والسب الذي كاله لنا عندما اتهمنا بنشر خبر كاذب، والحال أن عناصر الخبر الذي نشرناه كلها متوفرة باعتراف الوزير وبشهادة بيان مديرية الأمن. فسيارة زوجة الوزير ارتكبت مخالفة وأصابت الشرطي الذي أوقفها في قدمه، وسعادة الوزير حضر إلى مقر الأمن لدعم زوجته في هذه اللحظات الصعبة، وفي النهاية تنازل الشرطي المصاب عن المتابعة وغادرت السيدة مقر الأمن بصحبة زوجها الوزير، و«مريضنا ما عندو باس».
المصيبة هي أن «الأخبار» نشرت تفاصيل الواقعة وكتبنا أن الشرطي تعرض لرضوض في قدمه، وأن الشرطي تعرض لضغوط من مرؤوسيه لكي يتنازل عن المتابعة، وأن زوجة الوزير غادرت ولاية الأمن منتشية بانتصارها على الشرطي الذي تجرأ على الوقوف أمام سيارتها ومطالبتها بالأوراق.
أكيد أن ما نشرناه وضع الوزير والمديرية العامة للأمن الوطني في حرج، فكان ضروريا أن يخرج الوزير لكي يكذبنا ويشتمنا ويعطينا الدروس في أخلاقيات مهنة الصحافة، معطيا الانطباع بأن ما حدث أمر بسيط وعادي، وكان ضروريا أن ترسل إلينا مديرية الأمن بيان حقيقة تقدم فيه وجهة نظرها لما وقع.
لنعد إلى شريط الأحداث ولنتخيل أن السيدة التي أوقفها شرطي مرور ليحرر لها مخالفة رجعت بسيارتها إلى الخلف ودهست قدمه وأسقطته أرضا، هي مواطنة عادية ليس زوجها وزيرا وإنما موظف بسيط، هل كانت ستلاقي نفس المعاملة؟
هل كان الشرطي المصاب سيتنازل لها بعدما سينتظر قدوم زوجها الموظف البسيط من مدينة أخرى لكي يتدخل بينها وبينه بخيط أبيض؟
هل كان سيسمح للزوج حتى بدخول مقر الأمن وفتح فمه للدفاع عن زوجته؟
نحن نعلم أن بين الرباط والقنيطرة مسافة ساعة بالسيارة على الأقل، ولنفترض أن الوزير غادر الرباط فور تلقيه لاتصال من زوجته بعدما وقع ما وقع للشرطي، فماذا كانت وضعية زوجة الوزير القانونية في تلك الساعة التي تلت دهسها لرجل الأمن؟
هل تم اعتقال زوجة الوزير بتهمة الاعتداء على رجل أمن أثناء مزاولته لمهامه؟
أم هل بقي الشرطي ملقى على الأرض لساعة كاملة بانتظار وصول سعادة الوزير وبقيت زوجته داخل سيارتها تنتظر؟
حسب بيان حقيقة المديرية العامة للأمن الوطني، فقد تم اقتياد الزوجة من طرف عناصر الأمن إلى مصلحة حوادث السير مباشرة بعد وقوع الحادثة، مما يفيد أن الزوجة كانت في حالة توقيف، على الأقل طيلة الفترة التي سبقت وصول زوجها.
ولم تتغير وضعية الزوجة إلا بعد وصول زوجها الوزير بعد ساعة من التوقيف، آنذاك تنازل الشرطي عن المتابعة، واكتفى الجميع بتسجيل مخالفة مرورية بسيطة، وتحولنا نحن إلى كذابين ومرتشين ومثيري شغب.
سؤال بسيط، لماذا انتظر الجميع وصول سعادة الوزير لكي يحدث التنازل ويطوى ملف القضية؟
لماذا لم يتنازل الشرطي مباشرة بعد وقوع الحادث، طالما أن ما وقع كان بسبب خطأ وليس عمدا؟
ولماذا استدعى الحادث حضور عناصر الأمن لاقتياد زوجة الوزير إلى ولاية الأمن طالما أن الإصابة كانت بسيطة؟
والواقع أن ذاكرة السياسيين قصيرة تحتفظ فقط بالأشياء التي تخدم مصلحتهم الحزبية والرسمية، أما الوقائع السلبية فتنزلق لديهم نحو النسيان بسهولة.
وحتى ننعش ذاكرة الرفيق الصديقي، الذي اكتشف فجأة بسبب هذه الحادثة، ماضيه الصحافي العتيد، فإنه ليس أول «ميني شيوعي» يستغل صفته الوزارية لكي يتدخل ويخلص قريبا من أقربائه من بيد يدي الشرطة، وعلى رأي باسم يوسف «وإن كنت نسيت أفكرك».
الرفيق خالد الناصري، عندما كان يشغل منصب «براح الحكومة»، وهذا الاسم أطلقه عليه الملياردير الشعبي الذي تنازل عن مقعده البرلماني ليس بسبب المرض كما قال، وإنما خوفا من تكرار صدور اسمه في لائحة المتغيبين عن البرلمان، حمل سيارة الحكومة وطار إلى باب البرلمان لكي يخلص ابنه من قبضة رجال الأمن الذين اعتقلوه بعدما دخل في عراك دامٍ مع سائق سيارة بسبب الأسبقية في المرور.
ويكفي أن يعود الصديقي إلى «يوتيوب» لكي يتفرج على فضيحة رفيقه في الحزب، وهو يمسك بذراع ابنه ويدخله السيارة الحكومية و«يخطفه» من رجال الأمن نحو البيت.
ونحن ننصح الوزير الصديقي أن يتريث قليلا وأن لا يطلع للجبل، فقد يظهر شريط في «يوتيوب» يوثق ما حدث لزوجته مع الشرطي يوم 5 يناير على الساعة السادسة وخمسين دقيقة، آنذاك سيكون عليه أن يقدم استقالته ويلتحق بزميله أوزين «مول ثقبة الزين» في «التوش».
ساحة النقاش