فلاش بريس= رشيد نيني
مجانين الحركة الأمازيغية مليكة زان زان (2/1)
إلى حدود الساعة لم يصدر أي تعليق عن أحمد عصيد، الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حول اتهامه من طرف مليكة مزان، التي سبق لها أن عرضت نفسها على الأكراد لممارسة الجنس معها، بالتحرش بها جنسيا والتسبب في طلاقها وتفتيت عائلتها. وهي للعلم اتهامات ثقيلة يعاقب عليها القانون في حال لجوء المشتكية إلى القضاء وثبوت التهم في حق المشتكى به.
ولعل ما يثير الانتباه في قضية مزان وعصيد، هو تلك الوثيقة التي نشرتها المعنية بالأمر في صفحتها بـ«الفيسبوك» والتي تدعي التوثيق لعقد زواج وثني تحت ظل إله يدعى ياكوش، رب الأمازيغ، كما جاء في العقد الممهور بتوقيع عصيد، حسب ما تدعي ذلك ناشرته.
وما لم تفطن إليه مزان، التي سبق لها أن طالبت بتسمية المدارس بأسماء «ماسينيسا» و«كسيلة»، عوض عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد، وهي تنشر هذه الوثيقة، هو أنها تعرض حياة عصيد للخطر، بحكم أن الوثيقة تتحدث عن إله وثني يدين له عصيد ومزان بالولاء، وهو ما يعني بصيغة أخرى التحريض على سفك دم عصيد بحكم أنه وثني ومرتد عن الدين الإسلامي.
لكن الأكثر إثارة للاستهجان هو نشر مزان لشريط مسجل بكاميرا الهاتف لعصيد بصدر عارٍ،واضعا فوطة فوق كتفيه وهو جالس إلى مائدة الإفطار يتحدث في الهاتف. والشريط كما قالت ناشرته في صفحتها على «الفيسبوك» يعود لعصيد عندما كان يقضي الليالي في بيتها، قبل أن تسحبه بعدما قالت إنها تلقت مكالمة باكية من أحد النشطاء الأمازيغيين في المهجر يقول لها إن ما تقوم به ضد عصيد جعل العروبيين يشمتون في الأمازيغ الذين أشهروا«الجناوة»بينهم عوض أن يشهروها في وجه أعدائهم.
ولعل كل من شاهد شريط عصيد الملفوف بالفوطة، الذي ليس فيه ما يثير، استنتج أن مزان لديها في جعبتها أشياء أخرى تدخل ضمن الحياة الخاصة للأفراد، وما نشرها لذلك المقتطف سوى تهديد مبطن بالآتي، والذي يمكن أن تكون نتائجه فادحة على مستوى الحياة الخاصة لعصيد. وهذا ربما ما دفع عصيد إلى إرسال رسالة هاتفية قصيرة إلى هاتف مزان يحذرها من الاستمرار في غيها ويهددها بكشف حقيقتها.
ولعل مزان تجهل أن ما قامت بنشره يدخل تحت طائلة القانون، بل إنها تجهل أن مجرد التهديد بنشر أشياء تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد أمر معاقب عليه قانونيا. هذا دون الحديث عن المستوى الأخلاقي الذي انحدرت إليه مزان بلجوئها إلى تصفية حساباتها العاطفية بهذه الطريقة التي تفتقر إلى الذوق.
واضح إذن أن هذه السيدة، التي عاشت علاقة عاطفية مع عصيد انتهت بالفشل، تحاول اليوم جاهدة أن تنتقم لكبريائها بنشر غسيلهما معا على الملأ. وهو سلوك صبياني لا يرقى إلى مستوى النضج المفروض في أناس يعرفون كيف يدبرون خلافاتهم العاطفية.
ومن يتابع خرجات مزان يستنتج أنها بين وقت وآخر تقوم بدور «سكران وحاضي حوايجو»، فهي تدعي جنون الشعر في الوقت الذي تأخذ مطالبها أبعادا سياسية صرفة تتناغم مع تصورات قوى عالية ترى في المغرب أرضا خصبة للتقسيم حسب الأعراق.
أليست هي القائلة «يشرفني أنا مليكة مزان المناضلة الأمازيغية المعروفة بوفائها وإخلاصها لشعبها الأمازيغي، أن أعلن نفسي تلك الزعيمة العلمانية التي يحتاج إليها الأمازيغ ، وأميرة على دولتهم الأمازيغية العلمانية المرتقبة في شمال إفريقيا، مع وعدي الكامل والصارم للجميع بأن أكون عند حسن ظنهم كما كنت دائما. وأن أبذل كل ما في وسعي من أجل بناء وطن أمازيغي موحد وقوي، وضمان كافة حقوق وحريات شعبنا العريق الكريم الصامد».
فكيف إذن سيستطيع هؤلاء أن يدبروا بشكل حضاري خلافاتهم الإيديولوجية، طالما أنهم يجهلون طرق تدبير الخلافات العاطفية؟
لنضع الحدث، الذي يبدو طريفا في ظاهره، في سياقه العام.
قبل أسابيع سمعنا البرلماني السابق وبارون المخدرات، سعيد شعو، المطلوب من طرف الشرطة الدولية، ينادي في هولندا باستقلال للريف عن المغرب. يومان بعد ذلك رأينا شريطا لمغربي أمازيغي موتور في شوارع أمريكا، يشتم ويسب الملك ويطالب أمازيغ المغرب بحمل السلاح ضد العرب لحملهم على مغادرة المغرب والذهاب إلى الجزيرة العربية من حيث أتوا أول مرة.
وهي النغمة ذاتها التي سمعنا من فم أحد الناشطين الأمازيغيين في منتدى مراكش العالمي لحقوق الإنسان، بخصوص حمل السلاح لطرد العرب من المغرب، وهي الدعوة التي لا يجب أن تمر دون تحليل مرامي ومضامين هذا الخطاب الأمازيغي العدواني الذي أصبح يعبر عن نفسه علانية.
وهو الخطاب الذي بدأ ينتشر خصوصا مع شيوع استعمال وسائط التواصل الاجتماعية، والاستغلال الذكي الذي تعرفه هذه الوسائط من طرف أصحاب هذا الخطاب المتدثر أحيانا بجبة الخطاب الحقوقي كما في كتابات أحمد الدغرني، وأحيانا بجنون الشعر، كما هو الحال بالنسبة لمليكة مزان، أو على الأصح «مليكة زان زان»، والتي قالت عني ضمن اتهامها لعصيد بالأنانية، أنني عدو الأمازيغ، وهي مناسبة لكي أقول لها ولأمثالها أنني «أمازيغي حر بلهلا يتبتو ليك، لا نتي ولا غيرك». وأنا لا أحتاج شهادة من أحد لكي أعتز بأمازيغيتي، لأنني ببساطة ولدت حرا وسأبقى حرا إلى أن أموت حرا، وهذا في نظري هو المعنى الحقيقي لأن تكون أمازيغيا.
ما يثيرنا دوما في بعض الحركات «الأمازيغاوية» المتطرفة، سواء في المغرب أو الجزائر أو في بعض مناطق بلدان شمال إفريقيا، هو تماهيها شبه المطلق مع وضعية اليهود في العالم، ففي نظر منظري التطرف الأمازيغي، فإن الشعبين الأمازيغي واليهودي تعرضا معا للاجتثاث والظلم التاريخي، وهي الوضعية التي يجب، حسبهم، «تصحيحها» تاريخيا من خلال تسخير أدوات الاستقطاب والاستقلاب السياسي من خلال الضغط عبر التنظيمات الدولية.
ومن هنا أوجه الشبه ما بين الكونغريس العالمي الأمازيغي، مثلا، الشبيه قلبا وقالبا مع الكونغريس العالمي اليهودي.
وقد بلغ بهما التماهي حدا وصل فيه «التطرف الأمازيغي» إلى تحديد غاياتهم الحضارية الأولى، وهي استعادة الشعب الأمازيغي لهويته على «أرض تامزغا» الممتدة من جزر الكاناري إلى بحيرة سيوة بمصر شرقا، واسترداد ما سرقه الاستعمار العربي الإسلامي منهم».
ذهاب الدغرني ومجيئه المستمر من وإلى إسرائيل، هو وحفنة من «أمازيغ»، قطر بهم سقف التطرف والتزلف، يوطد طرح التماهي الذي أشرنا إليه أعلاه، بل ويرسخ عمل هذه التنظيمات المتفرقة داخل أجندات هي في العمق تتستر وراء «قضية الهوية الأمازيغية المضطهدة»، لتشغل أزرار عمليات مشبوهة مليئة لاستعمال «الورقات الهوياتية» في «الاختراق الأمني»، وتقويض أسس الاستقرار عبر إشعال فتيل النعرات العرقية، طالما أن المغرب ليست فيه نعرات دينية كالتي بين السنة والشيعة والشيع الأخرى كما يحدث في الشرق.
ساحة النقاش