المساء = مصطفى بوزيدي
خدم أتاعس من سعد الناعس
العدد :2529 - 15/11/2014
شدني حقيقة تصريح محمد مبديع، وزير الوظيفة العمومية، فقد فجر الرجل قنبلة من العيار الثقيل.. عرى واقع الإدارة العمومية.. حكى بالواضح كيف تضخ أموال في جيوب الأحياء المهاجرين وفي الحسابات البنكية للموتى.. وليس هناك من يراقب أجور الموظفين التى تصرف بسخاء نهاية كل شهر مقابل القيام بعمل حينا وبدون القيام به في أحايين أخرى.. وهو الأمر الذي قد يسرع من وتيرة العمل بنظام جديد للتعاقد عوض التوظيف.. لخصها السيد الوزير من خلال عقود محددة في الزمن يمكن إنهاؤها، وهو إجراء جديد سينهي حالة الموظف الذي لا يمس ولا يتغير موقعه ويتلقى أجره كاملا، مع القيام بإحداث وسائل تحفيزية وتقييمية، وتفعيل مبدأ الأجر مقابل العمل...
وليست الأجور وحدها ما يقض مضجع الإدارة العمومية، فهناك مساكن وظيفية لا زال يحتلها موظفون بدون سند قانوني.. وبالرغم من إنهاء مهامهم أو إعفائهم منها أو انتقالهم للعمل بمدن أخرى أو إحالتهم على التقاعد.. وكانت وزارة التربية الوطنية قد تمكنت في وقت سابق من استرجاع عدد كبير من المساكن الوظيفية.. وصل الأمر حد رفع دعاو قضائية ضد المحتلين لهذه المساكن.
وتعيش إداراتنا العمومية على إيقاع الغياب المتكرر للموظفين.. فقد أصبحت ظاهرة الغياب عن مراكز العمل هي الطابع الرئيسي الذي تعاني منه كل المؤسسات العمومية والخاصة، كل واحد كيجي يخدم غي الوقت اللي ترشق ليه، في ظل غياب قرارات صارمة لردع الموظفين الذين اعتادوا في العديد من إداراتنا العمومية أن يشتغلوا كأشباح، كيحضرو غير بالاسم، وكيمشيو يتخلصو، في وقت يقف فيه المئات من حاملي الشهادات أمام قبة البرلمان بحثا عن عمل دون جدوى.. بعض الإدارات والوزارات قامت بحملة تطهيرية لمحاربة الموظفين الأشباح في حين لا زالت جماعاتنا المحلية مسكونة بالأشباح، مانفعوش فيهم الفقها لكبار، البيرو كاين ومولاه غايب، وحتى الرئيس كيجي غير في المناسبات.
وقد انتقل مشروع محاربة ظاهرة الغياب عن العمل إلى صفوف المدرسين، فقد تم إحداث خلية لتتبع غياب جميع الأطر والموظفين العاملين بالمؤسسات التعليمية، خاصة الغيابات غير المبررة.. ودخل قبل أيام العديد من الأساتذة المضربين عن العمل في صراع مع بلمختار بسبب توقيف أجورهم.. كما كان الحديث عن إشعار أولياء التلاميذ بغياب أبنائهم بواسطة الإس إم إس، لكن شيئا من هذا لم يحدث..
أتذكر أننا حين كنا صغارا، كنا ننتظر قدوم المعلم في الساحة لساعات طويلة، ننتظر الذي يأتي وقد لا يأتي، قبل أن يعمد المدير إلى توزيعنا على الأقسام الأخرى لإكمال الحصة الدراسية.. وقد عمدنا بعدها في الإعدادي إلى سرقة ورقة الغياب، ونغري المسؤول عنها بساندويتش ديال الطون ولحرور كي يتلف ورقة الغياب تفاديا للعقاب..
ولا زال مسلسل غياب البرلمانيين يتكرر باستمرار.. تكاد تخلو معه المقاعد من النواب والمستشارين، وهو الأمر الذي لجأ معه يوما رئيس مجلس النواب إلى التهديد بالاقتطاع من أجور البرلمانيين، غير بالفم، الأكثر من ذلك أن النواب بغاو الزيادة فالمانضة باش يجيو، وهذا ما تحقق لهم فعلا مع الكثير من الامتيازات، وهذا معناه أن البرلمانيين ديالنا حولوا المؤسسة التشريعية إلى مزار لا يزورونه إلى مرة واحدة في السنة، وتحديدا عندما يترأس الملك افتتاح الدورة الأولى التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر من كل سنة.
هذا هو حال إداراتنا العمومية.. شي كيسكن بيليكي وشي كيتخلص على الغياب وحتى الموتى كتوصلهم المانضة.. هادي هي خدم أتاعس من سعد الناعس.
ساحة النقاش