http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = محمد الأشهب

لا يفلح المهاجم حيث أتى!

بينما تحدثت الأمم المتحدة عن استئناف المفاوضات لإيجاد حل سياسي لنزاع الصحراء، خرجت الجزائر عن صمتها، وعزفت على مقولة تصفية الاستعمار، ثم أوضحت لأحد قادة التيار الانفصالي في بوليساريو بالتلويح بمعاودة حمل السلاح، يا للسخافة!
لم يكن أحد يأخذ تهديدات بوليساريو بالجدية، لأنها غير قادرة على حمل السلاح، وقد تآكلت ميليشياتها المسلحة ولا يمكن أن تفعل ذلك إلا بقرار جزائري. غير أن حادث الشريط الحدودي الذي تمثل في إطلاق عساكر جزائريين النار على مواطن مغربي أعزل، يبعث على الاعتقاد في أن المعركة لن تكون مفتوحة، هذه المرة كما في المواجهات العسكرية النظامية مع مقاتلي العصابات، بل ستتخذ طابع الاستفزاز عبر مناوشات عدائية. لا يهم إن كان مصدرها الجيش الجزائري أو ميليشيات بوليساريو، ما دام الهدف واحدا، أي محاولة زعزعة أمن واستقرار المنطقة والاستعانة بحروب الاستنزاف مباشرة أو بالوكالة.
هل توقفت الحرب العدائية حقا، حتى يلوح من يشاء بمعاودة حمل السلاح؟ ليس الأمر كذلك. فالإصرار على إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر بمثابة إعلان حرب مفتوحة، ولا يتم عادة اللجوء إلى إغلاق الحدود إلا عند اندلاع الشرارات الأولى للحروب. فعن أي حرب يتحدثون؟ اللافت أنه في الوقت الذي أقر فيه مجلس الأمن رفض استقطاب المتطوعين إلى مناطق التوتر في إطار الحرب على الإرهاب. وحض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على منع ذلك الاستقطاب. تشذ الجزائر عن القاعدة، وتجلب بعض مناصري القيام الانفصالي في الداخل إلى أراضيها لتلقي التداريب على استخدام الأسلحة، ثم تعاود إرسالهم إلى المغرب لتنفيذ مخططات مريبة. أليست هذه حربا مباشرة وبالوكالة أيضا!
ربما كان خطأ المغرب أنه تصور بكل حسن نية، أن الجزائر تريد حلا مشرفا للنزاع، لذلك فإن كل المبادرات الحميدة صدرت من الرباط، وليس من العاصمة الجزائرية، فقد اقترح المغرب خطة الاستفتاء، حين لم تكن الجزائر تفكر في ذلك، وعوض أن ينحني الجزائريون تقديرا للمبادرة المغربية عند طرحها أمام قمة نيروبي لمنظمة الوحدة الإفريقية، قالوا إن الاستفتاء «ليس كتابا منزلا» ثم عادوا إلى مضغ جزئياته، وقد أصبح خيارا متجاوزا بكل المقاييس الميدانية والعملية والسياسية.
عندما عزم المغرب على طرح خطة الحكم الذاتي، في ظل أنواع المشاورات الديمقراطية التي شملت سكان الأقاليم الجنوبية والأحزاب السياسية، لم يفته إشعار دول صديقة وشقيقة بالمضمون المتقدم لتلك الخطة، لكن الجزائر رفضت استقبال الوفد المغربي الذي كان يحمل غصن الزيتون، للدلالة على أنها ضد أي توجه لحل المشكل سلميا، والحال أنها ما فتئت تحاول وضع العصى في عجلات المساعي الأممية المبذولة، ما يعني أنها تقف ضد التيار، وهذا وحده كاف للدلالة على تورطها، لأن من يزعم أن لا مطامع له وليس طرفا يفترض أي يبارك المساعي التي تبذل لإنهاء التوتر.
المفاهيم لا تحصر في المصطلحات. الممارسات هي ما تجعل كل إناء بالذي فيه يرشح. ومن يهدد بالعودة إلى الحرب يدرك جيدا أن المستهدف من ذلك هي الأمم المتحدة التي ترعى الحل السياسي، بصرف النظر عن العيوب التي تكتشف تعاطي بعض موظفيه
xا مع الملف. أما المغرب فيعرف الجزائريون وتابعوهم ثقل الدروس التي لقنهم إياها، في كل مرة تجاوزوا فيها الحدود. لكن بوليساريو، على افتراض أنها كانت تشن العدوان وحدها، وهذا غير صحيح، فقد أشركت في تجرع مرارة الهزيمة مع القوات الجزائرية، من حرب الرمال إلى امغالا الأولى والثانية. ولن تُؤخذ تهديداتها على محمل الجد، إلا في حال رغبت الجزائر في تكرار لعبة الوجه والقناع المفضوحين.
استئناف المفاوضات مسألة مطلوبة، من جهة لأنها تؤكد رجَاحة خطة الحكم الذاتي التي كانت وراء انطلاق الجولات الأولى من مفاوضات مانهاست. ولولا الزخم الذي حمله المشروع المغربي بالتسوية التي تنقذ ماء وجه الجزائر في الدرجة الأولى، لما كان للمفاوضات أن تبدأ برعاية الأمم المتحدة، فقد سبقتها اتصالات تمت في إطار حوار أبناء الوطن تحت خيمة الوحدة. ومادامت الأمم المتحدة اختارت صيغة المفاوضات، فإنها ملزمة بأن تشمل كافة أطراف النزاع، ونَعني بذلك التأثير على الجزائر لتحمل مسؤولياتها كطرف أساسي ووحيد، طالما أنها مصدر القرار والموقف والتسليح والدعم والمواجهات الديبلوماسية المفتوحة بينها وبين المغرب في المحافل الدولية. فهل من سبيل لإقناع العالم بثنائية النزاع، أكثر من تواجه البلدين عند طرح إشكالات ملف الصحراء في أي مؤتمر أو منتدى أو لقاء. أليست قضية الصحراء حجر الزاوية في كافة المحاولات اليائسة التي تبذلها الجزائر، إن للتغطية على أوضاعها الداخلية الأكثر تأزما أو للإبقاء على التوتر الذي يعود على قادتها العسكريين والمدنيين بغنائم من رصيد النفط والغاز الجزائري، بدل صرفه لفائدة النهوض بأوضاع الشعب الجزائري الشقيق في مسائل التنمية.
لن تكون المرة الأولى والأخيرة التي تحاول فيها الجزائر اللعب بالنار. ولو كانت الأمم المتحدة جادة فعلا في تثبيت الأمن والسلام لما ترددت لحظة واحدة في تطهير المنطقة العازلة من الوجود العسكري والمدني للانفصاليين المدعوم بقوة من طرف الجيش الجزائري. ولعل التلويح بمعاودة حمل السلاح فرصة ثمينة للجيش في إعادة ترميم المواقع، ونخص بالذكر هنا الإبقاء على المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني بعيدة عن أي نشاط عسكري أو مدني، سيما وأن الأبعاد الحقيقية من وراء إقامة تلك المنطقة، كما يعرف الجزائريون ذلك، تكمن في تلافي أي مواجهة مع الأشقاء.
مهمة بعثة «المينورسو» ترتكز على رعاية وقف النار، والتهديد بمعاودة حمل السلاح انتهاك صريح لوقف النار، لكن البعثة بدل أن تهتم بالآليات والمهام المحددة لها، وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، سعت بعض الأطراف إلى جذبها إلى قضايا ليست من اختصاصها. المغرب في صحرائه، وهو قادر على التصدي ودحر أي عدوان، لكن ماذا فعلت الأمم المتحدة، حتى تظل منسجمة ومهامها المسطرة في القرارات الدولية !

المصدر: فلاش بريس = محمد الأشهب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 28 مشاهدة
نشرت فى 17 نوفمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,227