http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = محمد الأشهب

تحالف الأفكار لا الأرقام

على إيقاع ساخن يتحرك المشهد السياسي هذه الأيام، لأن المناسبة شرط فإن الدخول السياسي ألقى بثقله، وفي الإمكان توقع مزيد من المبادرات لتحريك الجمود السائد. غير أن اتجاه أحزاب المعارضة نحو تنسيق خطواتها ثنائيا أو على الصعيد الجماعي يطرح تساؤلات محورية حول الغاية من هكذا انعطاف.
إذا كانت المسألة لا تزيد عن تمارين سياسية في نطاق الاستعدادات لمحطة انتخابات البلديات والجهات ومجلس المستشارين، فإن البعد الانتخابي وحده ليس كافيا، من منطلق أن العمل السياسي لا يكون موسميا وإنما ينطبع بالاستمرارية وعدم التوقف، فالتحالفات الانتخابية مهما كانت نوعيتها وآلياتها وأهدافها تبقى أسيرة اللحظة الانتخابية، ويمكن تبعا لذلك أن تتعرض للانتكاس أو الجمود، لأن مراحلها تكون محددة في الزمان، أما إذا كان الأمر يعكس تحولا عميقا في الممارسات الحزبية، فإن أسس وركائز التحالفات لا تصدر إلا إذا كانت نتاج تفاعل وانسجام وتطابق في الرؤية.
لندع انتخابات البلديات جانبا، فهي مقدمة لتوجهات مرتقبة، وإذا كان المشهد السياسي يعاني من ضائقة، فإن مصدرها أن الأغلبيات الحكومية لا تتشكل وفق هذا الانسجام، بل تتأثر بالأغلبية العددية التي تجمع أحزابا من مشارب مختلفة، لا يكاد يجمع بينها غير هاجس تأمين الأغلبية العددية التي تسمح بإجازة مشاريع القوانين، وتجعل السلطة التنفيذية مطمئنة بوجود من يساندها نيابيا من دون الالتفات إلى أن جوهر المساندة يقوم على وحدة البرامج وتلاقي الأفكار والتصورات والبرامج.
اضطرت حكومة التناوب بقيادة الزعيم عبد الرحمن اليوسفي إلى الاعتماد على أزيد من سبعة أو ثمانية أحزاب لضمان أغلبية نيابية، كان من بينها «العدالة والتنمية» في الطبعة الأولى، حيث اختار مساندة الحكومة من دون المشاركة فيها، ثم انقلب عليها للبحث عن وجود آخر في صفوف المعارضة، والحال أن الحزب الإسلامي نفسه وجد صعوبة حقيقية في تأمين أغلبية مريحة، واضطر إلى التحالف مع خصوم الأمس، وضمنهم تجمع الأحرار الذي قال ضده ما لم يقله الإمام مالك في الخمر. بعد أن تعرض الائتلاف الحكومي إلى انفراط نتيجة انسحاب الاستقلال.
لأن الغاية تبرر الوسيلة وفق المقاربة البراغماتية لميكافيلي، فقد غلب هاجس تأمين الأغلبية على ما عداه. ومن غير المستبعد في حال الإبقاء على المشهد السياسي على وضعه الراهن أن تتكرر الأزمة ذاتها، ما يعني أن لجوء فعاليات المعارضة إلى التنسيق الحزبي قد يكون له أثر إيجابي في معاودة النظر في آليات التحالفات القبلية والبعدية، هذا إذا افترضنا أن تطور المواقف يشمل المعارضة وبعض مكونات الأغلبية الحالية، بيد أن الركون إلى الأرقام الجامدة، خارج المتطلبات الموضوعية للتحالفات التي في إمكانها أن تصمد على أرض الواقع سيفرغها من أهم عناصر الحياة، أي أن تتأسس على الأفكار والمبادرات، فقد تمكن الاتحاد الاشتراكي والاستقلال في فترة سابقة من ركوب موجة الإصلاحات الدستورية، من خلال تقديم مذكرات مشتركة كان لها الوقع الإيجابي، لولا أن حليفي الأمس لم يصونا هذا الإرث، وبالتالي فإن تجربتهما السابقة والتوجهات الراهنة، قد تدفع في اتجاه إعادة النظر في شروط التحالفات، وما من عائق يحول دون أن تسلك باقي الفاعليات الحزبية نفس التوجه، في حال رأت أن لا بديل عن هذا الخيار.
انتفت عوامل الفرقة الحزبية، منذ انهيار الحواجز الأيديولوجية، وأصبح العاملان الاقتصادي والاجتماعي، في ظل الإصلاحات الدستورية الواسعة، يشكلان جوهر الرهان، في بلد يعاني من الهشاشة والفقر وتزايد الفوارق الاجتماعية واستشراء بطالة الشباب، فرضت العولمة نفسها لكنها تحتاج إلى تهذيب الخيار الليبرالي ذي المنحى الاجتماعي والإنساني، فالأحزاب على رغم هذه التطورات ليست متشابهة ولا متجانسة. وحان الوقت للتفكير مليا في سبل ضمان أغلبية منهجية ذات برامج متطابقة، على أن يترك أمر الاختيار إلى إرادة الناخبين طوعا ودون إكراه أو ضغوط أو إغراءات أو تدخلات.
مستقبل الديمقراطية هو الأهم، فهي إن كانت تعني حكم الشعب للشعب وبالشعب، فإن هذه القاعدة تزيد رسوخا عند الاستناد إلى برامج ورؤى واضحة، تنقل المنافسات من صراع الأشخاص إلى تنافسية الأفكار، ليس لأن أحزابا وجدت نفسها في المعارضة في إمكانها أن تقيم تحالفات موضوعية، وليس لأن أخرى وجدت نفسها داخل الائتلاف الحكومي بوسعها أن تقيم تحالفات مستمرة، فالبرامج وحدها تقرب المسافات وتلغي التناقضات، بيد أن إشراك القواعد في إقرار أرضية التلاقي والانجذاب إلى هذه التيارات أو تلك، من شأنه أن يساهم في تنشيط وتفعيل الأداء الحزبي، كي لا يظل موسميا يرتبط بالاستحقاقات الانتخابية فقط، فثمة تحديات أكبر تفرض على الفعاليات الحزبية، كما النقابية ومكونات المجتمع المدني إعادة صوغ الأسبقيات.
رهان الانتخابات المحلية محطة أساسية، لكنها ترتبط بالمدى الذي تحققه في أداء الجماعات المحلية وجعلها أكثر ارتباطا واستجابة لتطلعات المواطنين، وبعدها تأتي التشريعيات التي يعول على أن تكون بدورها مختلفة ومشجعة وطموحة.

 

المصدر: فلاش بريس = محمد الأشهب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 26 مشاهدة
نشرت فى 14 أكتوبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,899