http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

authentication required

فلاش بريس = إقبال إلهامي

حذار من الإفراط في المسكنات!

ينصح الأطباء دوما بعدم الإدمان على المسكنات، لأنها تفقد فاعليتها مع مرور الوقت ويصبح المريض الذي يتناولها عاجزا عن العيش من دونها. وفي حال فطامه عنها بدون مقدمات قد يقدم على الانتحار، وهكذا تصبح المسكنات سببا في الموت عوض أن تكون مصدرا لحياة هادئة. 
هذا هو تماما ما تفعله الحكومة والنقابات طوال مرحلة تعايش عسيرة على مدى الثلاث سنوات الماضية. وما حرب الأرقام التي اندلعت بين الفريقين على خلفية الإضراب الذي دعا إليه حزبا الاتحاد الاشتراكي والاستقلال عبر أذرعهما النقابية إلا ترجمة لمدى الإدمان على المسكنات الذي أفرط فيه الطرفان حتى أنهما لم يعودا يستطيعان النظر إلى واقع الأشياء كما هو. 
فالحكومة ترى أن إضراب النقابات فاشل ولم يتجاوز عتبة الاثني عشر في المائة، بينما ترى النقابات أن الإضراب كان ناجحا ووصل لحدود ثمانين في المائة. لكن المؤكد أن لا أحد من الفريقين، سواء الحكومة أو النقابات يقول الحقيقة. وهي الضائعة الكبيرة في متاهة السجال الدائر بين الحكومة والمعارضة.
 وتخطئ الحكومة حين تحاول التقليل من شأن الإضراب، لأن المشكل ليس في من أضرب ولكن المشكل في من لم يضرب. هذه الأغلبية الصامتة هي التي يجب أن ننتبه إليها، وندقق في أرقامها وليس النقابات التي نعرف جميعا أنها فقدت بريقها ولم تعد إضراباتها تغري حتى المنتسبين إليها. فقد ولت إضرابات الثمانينات والتسعينات التي كان صداها يتردد في قصر الملك الراحل الحسن الثاني بعدما كانت الشوارع تغص بالمتظاهرين الغاضبين الذين كانت شعاراتهم تؤرق العقل السياسي الرسمي.
نقابات اليوم تهدد أكثر مما تنفذ، وإذا أردنا فقط أن نحصي عدد المرات التي دعت فيها النقابات إلى الإضراب دون أن تنفذه سنفهم لماذا خف بريقها وتراجع نفوذها وذهبت سطوتها. وحتى الوحدة التي أعلنتها ضد الحكومة لم تصمد أمام أول اختبار ميداني، حيث مضت كل نقابة تغرد وحدها خارج السرب، وتعلن إضرابها في القطاع الذي تراه مناسبا لتطلعاتها «النضالية».
لن يأتي الخطر من النقابات، فقد اقتلع نظام الحسن الثاني أنيابها، ولكن الخطر يأتي من الشارع الذي لا يعرف أحد متى يتحرك. وهذا الخطر يزيد لأن لا نقابات تؤطره ولا تنظيمات تتحكم فيه، وربما كان على الحكومة أن تصفق للأرقام التي أعلنتها النقابات، ليس لصحتها ولكن لمنح الانطباع بأن الغاضبين منضوون في النقابات. هذه مزحة، لكن الجدية تتطلب من النقابات مراجعة أوراقها حتى لا تدخل في خريف سابق لأوانه، وحتى لا يندلع ربيع في الشارع لا يعرف أحد مصدره ولا نطاق شرارته.
 فليس لأن وزير الوظيفة العمومية قلل من شأن الإضراب، وقدم أرقاما تبخسه، ستنام الحكومة على «جنب الراحة»، وتلجأ للمسكنات المعتادة «لتركاد» الشارع. فقد أصبح واضحا أن هناك تذمرا في صفوف الطبقة المتوسطة والفقيرة من ارتفاع الأسعار سواء في الماء والكهرباء أو المحروقات. وحتى الموظفون الذين كانوا يمنون النفس لأخذ قسط من الراحة بعد التقاعد، قررت الحكومة إبقاءهم رهن العمل الإجباري إلى أن يصلوا 65 سنة إذا أمدهم الله بالحياة. فلا الجيوب ولا الأبدان سترتاح طالما أن الحكومة الحالية «سقطت» عليها كل الإصلاحات دفعة واحدة بما سيكلفها جلدها في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وإذا كان رئيس الحكومة يكرر مرارا أنه يتحمل مسؤولية قراراته، وأن لا مشكل لديه في انخفاض شعبيته في سبيل تنفيذ الإصلاحات الكبرى، فإن منتخبي حزبه العدالة والتنمية لا شك تؤرقهم كل الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة. وحتى سياسة «عفا الله عما سلف» التي ارتبطت باسترجاع الأموال المهربة للخارج لن يستطيعوا الدفاع عنها، لأن المهربين الكبار لا زالوا يرفضون إدخال أموالهم المكدسة في الملاذات الضريبية بالخارج.
ولو طبقت الحكومة القانون عوض العفو، لأمكنها استرجاع الملايير المهربة بما ينعش خزائن الدولة، ولكانت في نفس الوقت ربحت رهان محاربة الفساد بإحالة المتورطين في تهريب مقدرات الأمة على القضاء.
وإذا عدنا للمسكنات، فسنجد أن تناولها يرسل إشارات مباشرة لمركز الحرارة في المخ، فيختفي الألم وتسري السكينة في الجسد. لكنها تؤدي مع الوقت لفشل كلوي حاد وللإصابة بالروماتيزم. لذلك على الحكومة أن تحسب جيدا أقراص المسكنات التي تمنحها للمواطنين، لأن أي فشل في الجرعات سيؤدي لاضطراب في مركز الحرارة بالشارع.

 

المصدر: فلاش بريس = إقبال إلهامي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 55 مشاهدة
نشرت فى 28 سبتمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

280,055