وزير الطومبولا
داخل الوزارة التي يسيرها عزيز الرباح يوجد وزير منتدب اسمه نجيب بوليف لا يتوقف عن إطلاق الشعارات الجوفاء لإرضاء كتلته الناخبة في عرينه الانتخابي بطنجة.
وأمام الارتفاع الصاروخي في ضحايا حوادث السير، إذ في أسبوع واحد، من 21 إلى 27 يوليوز الماضي، لقي 26 شخصا مصرعهم، وأصيب 1366 آخرون بجروح في 1039 حادثة سير. وفي الأسبوع الممتد من 28 يوليوز الماضي إلى 3 غشت الجاري، لقي 17 شخصا مصرعهم، وأصيب 1233 آخرون بجروح في 870 حادثة.
وأمام حرب الطرق هذه تفتقت مؤخرا عبقرية نجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك، عن فكرة «جهنمية» للحد من حوادث السير.
فقد قرر سعادته أن يتبرع، من أموال الوزارة طبعا، على السائقين المثاليين والمحترمين لقواعد السلامة الطرقية بهدايا تبدأ من «بونات» بنزين، وتصل إلى رحلات عمرة وسيارات.
وهكذا فسعادة الوزير حول وزارة النقل واللوجيستيك إلى شركة لإنتاج برنامج للمسابقات «طومبولا».
وهذه الفكرة العبقرية ليست الوحيدة التي تفتق عنها ذكاء الوزير بوليف، بل هناك فكرة جهنمية أخرى عممها على مراكز الاستراحة على الطريق السيار والمدارات بالوسط الحضري، وهي وضع لوحات إعلانية ومجسمات حقيقية صادمة مصحوبة بسيارات وشاحنات «مبغوجة» لكي يخيف بها السائقين ويجعلهم يحترمون قانون السير.
وعوض أن ينشغل الوزير بوليف بتنزيل نظرية «الإصلاح بالتيمم» الذي يقوم به في ركن حديث الثلاثاء الذي يخطه كل أسبوع على جداره بالفيسبوك ويعممه على معارفه، وبتعليق صور حوادث السير والسيارات «المبغوجة» في ساحات الاستراحة، عليه أن ينكب على إصلاح أهم قطاع تابع له وهو قطاع الفحص التقني للسيارات.
«ودابا خلينا من التخربيق وتعالى تسمع شنو خصك تصلح إلى فيك ما يصلح أسي بوليف».
يعتبر قطاع الفحص التقني أحد المكونات الحساسة لمنظومة السلامة الطرقية بالمغرب، لما له من علاقة مباشرة مع الصحة الميكانيكية العامة للحظيرة الوطنية للسيارات والعربات عبر التأكد من توفرها على جميع الأجهزة الضرورية لضمان سلامة ركابها وسلامة المواطنين المستعملين للطريق العمومية.
وعلاقة بالفحص التقني الذي تؤطره تشريعات منها مدونة السير التي التزم وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك بمراجعتها، الشيء الذي لم يتم إلى حدود الساعة، كما يخضع لدفتر تحملات سنة 2006 الذي يحدد شروط ومواصفات مراكز الفحص التقني من حيث التجهيزات والمعدات والأعوان المعتمدين لتسليم شهادة الفحص التقني للسيارات والعربات.
مراكز الفحص التقني المرخص لها من طرف وزارة النقل تجسد ريعا فظيعا وابتزازا يتعرض له المواطنون المغاربة الذين استثمروا رؤوس أموالهم لخدمة مصلحة الوطن والمواطنين، وذلك من طرف شبكات الفحص التقني بالمغرب التي تستحوذ على أكثر من 80 في المائة من رقم معاملات هذه المراكز بمجرد بيع صبيب الانترنيت وعلامتها التجارية.
وزارة النقل، التي وعدتنا بمحاربة الريع في مأذونيات النقل نهاية سنة 2012، اكتفت بنشر اللوائح والتشهير بأصحابها ولم تمتلك الجرأة حتى الساعة لمباشرة الإصلاح في قطاع كله ريع وكله مساطر إدارية معقدة.
لم تتجرأ الوزارة بعد على مواجهة شبكات الفحص التقني ولم تمتلك حتى الجرأة في تنبيهها ولو مرة واحدة للالتزام بوعودها من حيث الاستثمار المباشر في فتح مراكز جديدة، في حين تكتفي باستغلال مراكز أنجزها الخواص المغاربة وذلك بعقود جد مجحفة أمام صمت الوزارة وتواطئها غير المفهومين.
أخطر من ذلك، عمدت مؤخرا وزارة الرباح وبوليف إلى تفويت مراقبة مراكز الفحص إلى شركة خاصة بالملايير علما أن المراقبة هي مهمة واختصاص حصري للدولة لا غير.
أما الفظيع في الأمر، فيكمن في تأخر وزارة النقل التي يتولى محمد نجيب بوليف «مأذونية»، عفوا، منصب وزير منتدب فيها، عن إعلان نتائج طلب العروض لفتح 59 مركزا جديدا للفحص التقني بالمغرب، بعد طلب العروض الذي أعلن عنه الوزير الرباح سنة 2012 ، تأخر غير مفهوم علما أنه تم فتح الأظرفة في 3 يوليوز 2014 ووعد الوزير بوليف المشاركين فيه بنشر النتائج شهرا فقط بعد تاريخ فتح الأظرفة.
الرباح وبوليف وزيران متناقضان من حيث الشروط التي وضعت على المستثمرين المغاربة والتي أصبحت تعجيزية في عهد الوزير بوليف.
وزاد الوزير بوليف الطين بلة بزيادة شروط ومعدات جديدة لأرباب الفحص التقني في تواطؤ مع المتاجرين في هذه المعدات لأغراض تجارية، وهي معدات غير منصوص عليها في دفتر التحملات الجاري به العمل لسنة 2006.
لقد طلب الوزير بوليف من المستثمرين المغاربة إعداد 15 صفحة حول مساهمة الفحص التقني في تقليص عدد ضحايا حوادث السير، وهو عمل لم تقم به الوزارة بوزيريها وإمكانياتها، كما هو عمل لا يطلب حتى من المهندسين بمناسبة امتحانات التوظيف داخل الوزارة نفسها.
لقد أغرق الوزير بوليف المغاربة الذين يطمحون في الاستثمار في فتح مراكز جديدة للفحص التقني بتخصصه الاقتصادي وذلك بطلبه منهم ضرورة تعبئة زخم من الوثائق بمعطيات اقتصادية خاصة لا جدوى منها، بحيث أن الوزارة أصدرت طلب العروض لملء الخصاص الملحوظ بناء على نتائج الإحصائيات التي تمتلكها والتي تؤكد ضرورة فتح تلك المراكز الجديدة.
الوزير بوليف طلب من المغاربة الإدلاء بشهادة بنكية ب5 ملايين درهم، وهو طلب غير مفهوم. وطلب احترام مسافة 2 كيلومتر بين المراكز الجديدة في المدن و20 كلم في العالم القروي، وهو اجتهاد خاص به لا سند قانوني له ولم يضمنه الرباح بطلب العروض الذي أصدره سنة 2012.
الوزيران الرباح وبوليف أقرا وفرضا أداء نسبة 5 في المائة من رقم معاملات المراكز الجديدة للفحص التقني لفائدة شبكات الفحص التقني، ويتفرجان على المراكز المرخصة سابقا تدفع أكثر من 80 في المائة لنفس الشبكات.
وبالمناسبة ثمة حركية للموظفين «رؤساء مراكز تسجيل السيارات» أجراها بوليف في صمت، وألغاها الرباح في ظرف أسبوع، وفتح طلب عروض وبقي الذين عينهم الوزير بوليف في مناصبهم يباشرون عملهم رغم توصلهم بقرارات إعفائهم.
أما عن مشروع القانون المتعلق بنقل المواد الخطيرة عبر الطرق كتفعيل لالتزامات المغرب الدولية خاصة مع الاتحاد الأوروبي، والمكمل للترسانة القانونية المتعلقة بالسلامة الطرقية، فهو يقبع في البرلمان منذ أن تولى الوزير الرباح شؤون وزارة التجهيز والنقل.
كما أن المستثمرين المغاربة يشتكون من تماطل وزارة الرباح وبوليف في تسليم رخص النقل السياحي لعدة أشهر وذلك رغم احترامهم لجميع الإجراءات القانونية والمسطرية بما فيها اقتناء حافلات وسيارات الدفع الرباعي الجديدة.
وعوض أن ينشغل الرباح وزير البيصارة ب«الردان» علينا مستغلا أوراق الوزارة الرسمية لشتمنا وسبنا بأقذع النعوت عليه أن ينشغل بالبحث عن مدراء للمديريات الشاغرة لديه.
فمنصب مدير النقل الطرقي والسلامة الطرقية شاغر.
ومنصب المفتش العام للوزارة شاغر.
ومنصب المدير العام للطيران المدني شاغر.
ومنصب رئيس قسم الدراسات والتخطيط شاغر.
ومنصب رئيس قسم الملاحة الجوية المدنية شاغر.
و«خلي هاد الشي كامل وبقا تابعني أنا».
ساحة النقاش