رأي اليوم- عمان- فرح مرقه
خرق الجيش الإسرائيلي التهدئة الإنسانية التي توافق عليها الجمعة مع الجانب الفلسطيني بعد أقل من ساعة، بارتكابه عمليات ” إعدام جماعي وتصفيات جسدية”، لمن عادوا لبلدة خزاعة من نازحي رفح الذين التجئوا سابقا لمدارس الأونروا. وحسب شهادات أولية استمع إليها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أهالٍ ومصادر طبية فإن عمليات القتل الجماعي جاءت تزامنا مع انتشال أكثر من 25 جثة بينهم اسر كاملة من خزاعة، واستهدف قناصة الجيش الإسرائيلي المواطنين أثناء انتشالهم للقتلى في البلدة. ولم يكن يدور في ذهن أهالي رفح الذين خرجوا من بيوتهم في وقت سابق ونزحوا إلى مدارس الأونروا هربا بأرواحهم من الهجوم الإسرائيلي المتواصل منذ أسابيع على قطاع غزة،أنّ الموت ينتظرهم في ساعات التهدئة الإنسانية المعلنة، والتي ما أن دخلت حيّز التنفيذ حتى سارعوا ليستغلوها بتفقد بيوتهم المدمرة وبقايا ذكرياتهم ومتعلقاتهم المتناثرة تحت الركام الهائل. وارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة بحقهم بعد أقلّ من ساعة على سريان التهدئة الإنسانية التي لم تصمد طويلا، وفقا لبيان المرصد الذي أصدره صباح السبت، ووصل لـ”رأي اليوم” نسخة منه. جيش الاحتلال، حسب البيان، قام بعيد الثامنة من صباح الجمعة بقصف الآلاف الذين كانوا في شوارع شرقي رفح جنوب قطاع غزة بشكل عشوائي وعنيف بالمدفعية والطيران الحربي وبعشرات القذائف، وقصف السوق التجاري في المدينة، ما تسبب بمقتل 110 فلسطينيا وإصابة مائتين آخرين حسب إحصائيات أولية بالإضافة إلى وجود جثث بالشوارع لم تتمكن الطواقم الطبية من انتشالها. وأكد المرصد في بيانه إن الجيش الإسرائيلي “تعمد” استهداف الطواقم الطبية التي تسارع إلى مكان القصف لانتشال القتلى والجرحى، “كما فعل في المجازر السابقة”، لذهب ضحية استهداف سيارة للإسعاف في رفح ثلاثة مسعفين، وبينما كان المصابون وجاثمين القتلى يتوافدون إلى مستشفى أبو يوسف النجار في منطقة الجنينة في محافظة رفح تعرض مدخل المشفى لقصف عنيف، ووصفت وزارة الصحة ما تعرض له المشفى بـ”الانتهاك الخطير والمجزرة”. وأعلن مصدر طبي فلسطيني مساء الجمعة، أنه تم إخلاء المرضى والجرحى بالإضافة إلى الكادر الطبي من داخل مستشفى أبو يوسف جنوب قطاع غزة، بسبب كثافة النيران الإسرائيلية وخطورة التنقل في محيط المستشفى والقصف المدفعي والصاروخي الكثيف في المنطقة، والذي طال المناطق المتاخمة للمستشفى.ولم تتسبب أوقات التهدئة القليلة فقط بمجزرة رفح، إنما كشفت عن حجم المجازر التي نفذت سابقا بحق حي الشجاعية في غزة وبلدة خزاعة شرق خان يونس، حيث تشير تقديرات إلى انتشال أكثر من 40 جثة في مناطق متعددة معظمها في خزاعة. وذكر المرصد أن إفادات شهود العيان في خزاعة، والذين ذهبوا لتفقّد بيوتهم بعد أكثر من أسبوع من مغادرتها بسبب القصف العنيف، أكّدت وجود حالات إعدام جماعي شهدتها المنطقة، وقالوا إنهم شاهدوا جثثاً متراكمة فوق بعضها في إحدى دورات المياه في أحد منازل البلدة.
وقالت مصادر طبية للمرصد انه تم انتشال أكثر من 25 جثة بينهم اسر كاملة من خزاعة، واستهدفت قناصة الجيش الإسرائيلي المواطنين أثناء انتشالهم للقتلى في خزاعة.واستمع المرصد لشهادات أولية تفيد بحدوث عمليات قتل جماعي في البلدة وتصفيات جسدية. وفي الشجاعية، قال المرصد إن عشرات المنازل تحولت إلى ركام بفعل القصف العنيف الذي طال المنطقة، وتعرضت عشرات المنازل الأخرى للتدمير الجزئي، في صورة أشبه ما تكون بصورة المناطق المدمرة بسبب الزلازل والكوارث الطبيعية، “غير أن المختلف هنا هو أن هذه المجزرة كانت بفعل متعمد وهمجي قامت به القوات المسلحة الإسرائيلية”. وعقّب المرصد على هذه المجازر قائلا: “ما من سبب يمكن أن يبرر عملية القتل المتعمد للمدنيين واستهدافهم واستهداف بيوتهم بهذه الصورة العشوائية والواسعة جدا. ما يجري هو مجزرة وجريمة حرب تخالف أبسط الأعراف الإنسانية والأخلاقية فضلاً عن القانونية”، معتبرا أن “إسرائيل” تسعى للانتقام من المدنيين في قطاع غزة من خلال إيقاعهم تحت العقاب الجماعي. ورأى المرصد “أن على الأمم المتحدة بأذرعها المختصة، ولا سيما مجلس الأمن، المسارعة في اتخاذ إجراءات فعالة بحق إسرائيل وبما يقود إلى محاكمة المسؤولين عن هذه التصرفات اللاإنسانية”.ونشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إحصائية مبدئية لحصيلة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر حتى منتصف ليل يومه الخامس والعشرين، إذ بلغ عدد ضحايا هجوم الجمعة فقط: 152 شهيدا بينهم 17 طفلا، و 11 امرأة، و بهذا يرتفع عدد الضحايا الإجمالي حسب الإحصائية إلى 1592 شهيدا، بينهم 346 طفلا و 192 امرأة. ونتيجة القصف العنيف الذي يتعرض له القطاع، والذي ازدادت حدته بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة بلغ عدد الجرحى لليوم الخامس والعشرين من الهجمة 544 جريحا تراوحت إصاباتهم بين متوسطة وطفيفة وخطيرة، بينهم 79 طفلا و 98 امرأةً، ليرتفع عدد الإصابات منذ بداية الهجوم إلى 8668 جريحاً، منهم 2590 طفلاً و 1726 امرأة. ونفذ الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة 2193 هجمة منها 165 هجمة صاروخية و 198 قذيفة من سلاح البحرية، و 1830 قذيفة بالمدفعية، الأمر الذي يرفع عدد الهجمات التي نفذها الجيش منذ بدء هجومه على غزة إلى 57936 هجمة، منها 6828 هجوم صاروخي، 15407 قذيفة من البحرية، 35701 قذيفة مدفعية.وتواصل القوات الإسرائيلية المسلحة استهداف المنازل والمنشآت المدنية بوتيرة تزداد ارتفاعا مع تقدم أيام الهجوم، فقد ذكرت الإحصائية أنّه يوم الجمعة دُمّر 283 منازل، 43 منزلاً منها دمرت بشكل كامل، و 240 أخرى دمرت بشكل جزئي، وبذلك ترتفع حصيلة البيوت المهدمة منذ بدأ الهجمة إلى 9528 ، 1580 منها بشكل كلي و 7948 بشكل جزئي. ولم تسلم دور العبادة، حسب المرصد، فمع استمرار الهجمة تتعمد القوات الإسرائيلية تكرار استهدافها للمساجد، فقد تحدث المرصد عن استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية يوم الجمعة لـ3 مساجد،دمر إحداها بشكل كامل والآخران بشكل جزئي،ويرتفع بذلك عدد المساجد المستهدفة منذ بدء الهجوم إلى 108 مساجد، دمرت 31 منها بشكل كلي. كما استهدفت الجمعة مستشفى أبو يوسف النجار في رفح بعدة قذائف، ما تسبب بتدميره بشكل جزئي، ليرتفع عدد المشافي المستهدفة منذ بداية العدوان إلى 21 مشفى. وتعرض29 مرفقا صحيا للاستهداف أدى لإلحاق أضرار بها وإغلاق عدد منها فقد استهدف 13 مستشفى و أغلق منها 3 مستشفيات بينما تضررت البقية بشكل كبير، واستهدف 7 مراكز للرعاية الأولية و أغلق منها 27 مركزا، وتعرضت 9 سيارات إسعاف للاستهداف المباشر. ولم تسلم مرافق وكالة الغوث الدولية من الاستهداف الإسرائيلي، فقد استهدفت 7 مدارس منذ بدأ الهجمة بشكل مباشر ما أدى لمقتل وإصابة العشرات من اللاجئين إليها، وتضررت أكثر من 100 منشأة من المنشآت التابعة للوكالة. وتأتي هذه المجازر والاستهداف في ظل أوضاع معيشية واقتصادية كارثية في القطاع، فقد تسببت الهجمة بخسائر كبيرة لحقت بمختلف مناحي القطاع الاقتصادي الذي كان يعاني أساسا نتيجة 8 سنوات من الحصار الخانق. ورصد الأورومتوسطي تدمير 243 مصلحة تجارية وصناعية بشكل كامل ما تسبب بخسائر اقتصادية للفلسطينيين تقدر بـ 1505 مليون دولار أمريكي، 1210 دولار منها خسائر مباشرة والبقية خسائر غير مباشرة. ولا تنحصر خطورة الوضع الاقتصادي من تعطل المصالح الاقتصادية في المصانع وانقطاع رواتب الموظفين والبطالة المرتفعة أساسا، انما تزداد خطورته، حسب المرصد، في التأثير الكبير الذي يلحقه غياب الوقود على كافة مناحي الحياة و الذي يلزم لتشغيل العديد من المرافق الضرورية، مثل الخبز والكهرباء، خاصة في أعقاب الضرر الذي تعرضت له محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، والذي أدى لتزويد مدينة غزة بالكهرباء لحوالي ساعتين يوميا فقط، فيما لا تصل الكهرباء بتاتا للمناطق الواقعة في المنطقة الوسطى، عدا عن تعطل شبكة الاتصالات الخلوية “جوال” بنسبة 85% في قطاع غزة، بينما يتهددها التوقف التام عن العمل قريبا اذا لم تحلّ أزمة الوقود.كما استهدفت القوات الإسرائيلية منذ بدأ الهجوم على غزة أكثر من 8 محطات مياه وصرف صحي تقدم خدماتها لما يزيد عن 700 ألف مواطنا، وتعرضت 147 مدرسة للأضرار نتيجة الهجمة الإسرائيلية. وأكّد المرصد أنّه مع مواصلة قصف مدفعية الجيش الإسرائيلي للمناطق الحدودية بشكل عشوائي اضطر الآلاف للنزوح، فحتى مساء يوم الخميس يوجد في القطاع المحاصر أكثر من 410 آلاف مشرد، بعضهم شرد نتيجة قصف الطيران لبيوتهم ونسفها، ونزح نحو نصفهم إلى العشرات من مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الاونروا التي ليست بأكثر أمانا، حيث تعرضت مدرستان منها لاستهداف مباشر أدى لمقتل وإصابة العشرات، ويتعرض قطاع غزة منذ إعلان الجيش عن عملية برية ضد القطاع إلى قصف مكثف بالطيران والبوارج البحرية والمدافع وبشكل عشوائي يستهدف بيوت المدنيين بالدرجة الأولى.
ساحة النقاش