عبد الله الدامون
أمريكا وإسرائيل: توأما روح.. ودم
العدد :2440 - 31/07/2014
النظريات الصهيونية حول القتل والعربدة كثيرة جدا، إلى درجة أن أعتى المجرمين في العالم تصعب عليهم مجاراتها في ذلك.
قادة إسرائيل، ومنذ أن أنشئوا كيانهم على أرض فلسطين، تفننوا في شيئين اثنين: الشيء الأول هو القتل، والشيء الثاني هو تبرير القتل؛ أي أن القتل يسبق التبرير، وهو ما يعني تطبيق نظرية: اُقتل.. اُقتل أكثر مما يتوقع العالم وسيصبح ما تفعله شيئا عاديا.
عتاة العقيدة الصهيونية يتحدثون عن القتل كما لو أنهم يتحدثون عن نزهة.. هناك، مثلا، نظرية شائعة تقول إن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت؛ وهذه نظرية يسمعها العالم باستمرار، لكن لا أحد، تقريبا، يأبه لها، رغم أنها تـُشرّع للجريمة في أبشع صورها.
تصوروا لو أن قائلي هذه العبارة ينتمون إلى ملة أخرى غير الملة الصهيونية، أكيد أن العالم كان سينقلب هلعا، وأكيد أن هذه العبارة ستتحول إلى نموذج لبشاعة الإرهاب في العالم؛ لكن بما أن الذين ابتدعوها هم من قادة إسرائيل، فمن الطبيعي أن يمر العالم عليها مرور الكرام وكأنها عبارة رومانسية يقولها العاشق لعشيقته.
إسرائيل،ومنذ نشأت، ظلت مرتبطة بحبل سُرة استراتيجي ومصيري مع الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك من الطبيعي أن تتشابه إسرائيل وأمريكا في أشياء كثيرة، كثيرة جدا، وأهم ما تتشابهان فيه هو نظريات القتل، لأن نظرية «الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت» جربتها الولايات المتحدة الأمريكية قبل مئات السنين مع الهنود الحمر، وهي نظرة نجحت إلى أقصى الحدود، وها هم الهنود الحمر يعتبرون اليوم مجرد أصفار على هامش تاريخ وحاضر أمريكا، والذين أفلتوا من المجازر الجماعية يجترون أيامهم وبؤسهم ما بين المخدرات والإدمان على الكحول أو مصارعة الأمراض الغريبة التي تقودهم إلى القبر بسرعة مذهلة.
أوجه التشابه بين نشأة أمريكا ونشأة إسرائيل مثيرة للدهشة، ليس في النظريات فقط، بل في المجازر، لذلك يكفي أن نعدّ مجازر أمريكا ضد الهنود الحمر ومجازر إسرائيل ضد الفلسطينيين لنعرف لماذا إسرائيل تحب أمريكا ولماذا أمريكا تعشق إسرائيل. إنهما توأما روح.. ودم.
في إسرائيل، نظريات أخرى حول القتل تدل على درجة الوحشية التي وصلها كيان لا يمكن أن يعيش بدون دماء.. إنه كيان يفوق وحشية «دراكولا» الذي يتغذى على الدماء الساخنة لضحاياه، والذي يموت عندما لا يجد دماء كافية.
من بين نظريات الرعب الأخرى في إسرائيل نظرية تقول «اُقتل اثنين برصاصة واحدة»، وعادة ما يتم إرفاق هذا الشعار بصورة لامرأة حامل، امرأة فلسطينية بالتحديد.
النظرية واضحة إذن، فعلى الرغم من أن إسرائيل تتوفر على رصاص كاف لقتل البشرية كلها، إلا أنها تحب توفير الرصاص لأسباب ما، لذلك يحب الإسرائيليون قتل الفلسطينيين بأقل ما يمكن من الرصاص، هكذا ابتدعوا هذه النظرية التي تحرض على قتل النساء الفلسطينيات الحوامل، لأنه عند قتل الأم يموت الجنين أيضا. هل سمعتم يوما بنظرية مشابهة عند هولاكو أو جنكيز خان أو هتلر أو موسوليني أو غيرهم؟ أبدا.. فنظريات القتل الإسرائيلية متفردة إلى حد كبير، وتفردها يعكس طبيعة أصحابها.
لكن يبدو أن نظرية «اُقتل اثنين برصاصة واحدة» لا تنجح دائما. وفي الأيام القليلة الماضية، طبق جندي صهيوني هذه النظرية في امرأة فلسطينية حامل ماتت على الفور، لكن تم إنقاذ جنينها وإخراجه من بطن أمه حيا. هكذا يبدو أن نظريات الرعب الإسرائيلية لا تنجح دائما، بل يبدو أنها لم تنجح ولن تنجح أبدا؛ فنظرية «الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت» ظهرت قبل عشرات السنين، وهي نظرية تعكس الحلم الصهيوني في رؤية فلسطين خالية من الفلسطينيين.. تماما كما حدث مع الهنود الحمر في أمريكا. لكن هنود أمريكا انتهوا، بينما الفلسطينيون ظلوا عنيدين ومكابرين وسط محيط من العداء والمؤامرات.
النظرية الأخرى التي تركز عليها إسرائيل هي نظرية «اُقتل طفلا فلسطينيا لتصبح إسرائيل أكثر أمنا في المستقبل». لهذا السبب قتلت إسرائيل من الأطفال أكثر مما فعلت أية عقيدة مجرمة أخرى في تاريخ البشرية. وفي عدوانها المتواصل على غزة، قتلت إسرائيل أزيد من مائتي طفل في بضعة أيام. عودوا، مرة أخرى، إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المقترفة على مدى التاريخ ولن تجدوا أي مثال على ما تقترفه إسرائيل.
قادة إسرائيل الذين ابتدعوا كل نظريات الإجرام المرعبة،يعرفون أن عدوهم الأول هو المستقبل، والأطفال هم رمز هذا المستقبل، لذلك فإنهم يقتلون أكبر عدد من الأطفال لكي يضمنوا مستقبل كيانهم.
كل شعارات ونظريات إسرائيل تكشف شيئا واحدا، وهو أنها كيان مناقض تماما للإنسانية.. إنها ورم على قدر كبير من الخطورة على جسد البشرية.
ساحة النقاش