http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

أرواح بلا ثمن

عبد الله الدامون جريدة المساء العدد :2256 - 27/12/2013

مرّ من أمامنا هذا الأسبوع خبرٌ مزلزلٌ بالكاد انتبهنا إليه، فقد كنا مشغولين بأفراح الكرة وكواليس الرياضة ونميمـــــــة السياسة، فلم نعر أي اهتمام لحادث شراء مواطن فرنسي طفلا مغربيا، لم يكمل عامه الثاني، والذي أخذه إلى فرنسا لكي يخصصه لمهمة واحدة: استغلاله جنسيا. الفرنسي اشترى ذلك الطفل المغربي بمبلغ لا يزيد على ألفي أورو من أمه المومس، التي باعته كما لو أنها تبيع بطيخة، ثم وجد الفرنسي كل الطرق سالكة أمامه لكي يغادر المغرب بدون أية مشاكل، ففي البداية والنهاية هو فرنسي، ومن غيــــــــر اللائق أن نضع العراقيل في وجه مستعمرينا السابقين الأشاوس. في فرنسا، اتخذ الفرنسي من الطفل المغربي ولدا وعشيقا أو عشيقا وولدا، ويا لهول أن يكون طفل في الثالثة من عمره، بلا أب ولا أم، خاضعا لنزوات مريض جنسي، وهذا المريض فرنسي.. والطفل مغربي. إلى حد الآن، يزعم المسؤولون المغاربة أنهم لا يعرفون كيف غادر الفرنسي التراب المغربي مرفوقا بذلك الطفل سنــــــــــة 2010، لكن الحقيقة أن النفاق هو النفاق، لأنهم يعرفون، ونحن نعرف، ومّي الضّاوْية في أعلى جبل بالأطلس تعرف، وبائع الصّوصيصْ في بابْ الحدّ يعرف أيضا.. فهذه بلادنا ونحن أدرى بخرّوبها. عندما كان المغتصب الإسباني، دانيال كالفان، يقف أمام المحكمة في قضية اغتصابه لأحد عشر طفلا مغربيا في مدينــــــــة القنيطرة، سأله القاضي المغربي: لماذا جئت إلى المغرب لكي تغتصب الأطفال المغاربة؟ أجاب كالفان بدون أن يرف له جفن وببرودة دم مرعبة: «لأن أطفال المغرب رخيصون، وكل شيء في المغرب يمكن الحصول عليه بالمال». كان ذلك الجواب مثل برميل ماء بارد جدا صبه المغتصب على هيئة المحكمة وعلى الحاضرين في تلك القاعة، بل صبه على المغاربة جميعا. الجواب كان حقيرا جدا، لكنه كان أيضا مؤلما جدا لأنه ذكرنا بشيء نعرفه جيدا وننساه.. إننا نعـــــــرف أن أرخص شيء في هذا الوطن هم الناس، أطفالا كانوا أو كبارا، ونعرف أنه يمكن الحصول على كل شيء بالمال، لكننا كــــــنا نتمنى ألا يذكرنا بهذا الأمر مغتصبٌ دنيء، بل كان يجب أن نذكر أنفسنا بأنفسنا حتى نستيقظ قليلا من أوهامنا ونفاقنا. نحن لم نكن في حاجة إلى أن يقول لنا مغتصب أجنبي إن أطفال المغرب رخيصون، فنحن نرى رخصهم في كل مكان، نرى آلاف الأطفال في الشوارع يسيرون على غير هدى، ونرى آلاف الأطفال يدمنون المخدرات الرخيصة ويستنشقـــــــــــــون السلسيون، ونرى آلاف الأطفال يبحثون في براميل القمامة عن لقمة عيش، ونرى آلاف الأطفال يمنحون أنفسهم لأي كان ليفعل بهم ما يشاء مقابل حفنة من الدراهم.. ونرى ونرى ونرى.. لكننا نتظاهر بأننا لا نرى شيئا. وقبل أن تنفجر فضيحة كالفان، عايشنا حالات أخرى خطيرة أبطالها أطفال أيضا، وبما أن الأمثلة بالعشرات أو المئات، فإنه يمكن العودة فقط إلى ما جرى قبل بضعة أشهر حين بثت قناة ألمانية لقطات مرعبة لدعارة الأطفال في مراكش، وقبلها بثت قناة إسبانية برنامجا مثيرا ومؤلما عن دعارة التلميذات اللواتي لا يتور عن ركوب أول سيارة يجدنها أمام المدرسة أو الإعدادية. في هذين البرنامجين، رأينا كيف تتصرف القوادات والقوادون مع الأطفال كما لو كانوا قطيع ماعز، ورأينا كيف يأتي السائح ويطلب طفلة أو طفلا فيحضرونه له في رمشة عين. ورأينا كيف تصعد تلميذة في ربيعها الرابع عشر إلى سيارة سائح أمام المدرسة، وبعد ذلك يعطيها 50 درهما فتذهب سعيدة بما فعلته؛ لكننا رغم كل ذلك ندفن رؤوسنا في الرمال، ثم ننسى بسرعة كل شيء، ويا لنا من شعب غريب لأننا نتوفر على قدرة غريبة على النسيان. هناك كارثة أخرى نسيناها بسرعة، مع أنها فضيحة لا تقل وزنا عن فضيحة كالفان، وذلك عندما تم الكشف عن مسؤول فرنسي رفيع المستوى، كان يأتي إلى مراكش خصيصا لكي يمارس الدعارة مع الأطفال، وعندما تم ضبطه يوما، لم يمض في الحجز سوى لحظات معدودة، ثم غادر المغرب نحو فرنسا وكأن شيئا لم يكن؛ ومع ذلك يمارس مسؤولونا كل هذا النفاق المقزز ويقولون لنا الآن إنهم سيحققون الآن في الطريقة التي خرج بها المواطن الفرنسي مع الطفل الذي اشتراه بألفي أورو. عوض أن تحققوا في خروج طفل بئيس بيع كقطعة «كفتة»، حققوا في الأسباب التي جعلت شوارع المغرب تئن تحت وطأة جيوش من الأطفال البؤساء الذين لا حياة ولا مستقبل لهم، أرواح صغيرة تائهة وبلا ثمن، من فعل بها ذلك؟

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 28 ديسمبر 2013 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

290,190