روسيا والانقلاب على أردوغان في سورية!
<!--<!--
الخميس ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠١:٥٤ بتوقيت غرينتش
تحولت سياسة تركيا على يد زعيمها أردوغان من صفر مشاكل مع الجوار إلى إعلان الحرب على الجميع، ومنها عجزه عن تحقيق أهدافه في سورية رغم عملياته العسكرية الواسعة واستعانته بالتنظيمات والعصابات الإرهابية هناك، والخسائر الفادحة التي تعرضت لها قوات الجيش التركي في سورية، على يد مقاتلي الجيش العربي السوري، وضعته في موقف لا يُحسد عليه خاصة في ظل الدعم الروسي للقوات السورية.
العالم - مقالات وتحليلات - الدكتور خيام الزعبي – رأي اليوم
ويبحث الرئيس التركي عن ملاذ آمن للخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه، محاولاً الاستفادة من كل الوسائل للوصول إلى اتفاق مع روسيا لوقف إطلاق النار في إدلب بالشمال السوري، ولاسيما بعد قصف الجيش السوري مواقع الأتراك الذي كبد أنقرة الكثير من الخسائر في الأسلحة والعتاد العسكري والجنود.
وعلى خط مواز، فإن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه الرئيس التركي هو سوء تقديره لقوة خصومه، وقدرة الجيش السوري وحلفاؤه على الصمود طوال هذه السنوات، برغم الدعم الغربي-الإسرائيلي له، حيث أدركت تركيا أن الجيش السوري عازم على تحرير إدلب مهما طال الزمن أو قصر، خاصة بعد أن أصبحت عاجزة عن مواجهة ضربات الجيش السوري وحلفائه، لذلك كل ما يحدث الآن من تهديدات تركية ما هي إلّا مسكنات لتخفيف وطأة سقوط إدلب في يد قوات الجيش السوري في ظل عدم ثقة تركيا بالولايات المتحدة وحلف الناتو عموماً، وانحسار الدور التركي في المنطقة منذ عام 2013 بعد رحيل نظام الإخوان في مصر، ثم رحيل نظام البشير في السودان، والتدخل الروسي في سورية الذي جمد الدور التركي، الأمر الذي يقلص الخيارات التركية ويجعلها أكثر خشية و تعقيداً.
وفي الإتجاه الأخر تضغط موسكو على أنقرة لتقليص وجودها العسكري في منطقة إدلب، وسحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة الأمر الذي لاقى قبولاً لدى الجانب التركي، فضلاً عن قيام موسكو وأنقرة بتدريبات عسكرية مشتركة في إدلب، اشتملت على وسائل لتعزيز التعاون والتنسيق أثناء تسيير الدوريات المشتركة فيما بينهما.
لذلك يبقى مسار العلاقة الروسية التركية محفوفاً بالمخاطر، لأن خيارات أنقرة محدودة في مواجهة تقدم الجيش في الشمال السوري وسيطرته على مناطق إستراتيجية هناك بدعم من الطيران الروسي، وإنطلاقاً من ذلك إن الروس ليسوا على أي استعداد لإعطاء تركيا أي فرصة تفاوضياً على مستقبل سورية بعد الجهد الذي بذلوه عسكرياً واقتصادياً لاستعادة فرض السيادة السورية على كافة أراضيها، وهذا سيضع حكومة أردوغان في مأزق داخلي أمام الشعب التركي الذي ينتظر تحركاً تركياً ينسجم مع حدة التصريحات السياسية.
من الطبيعي أن تفشل تركيا في سورية، و لعل حزب العدالة والتنمية قد اكتشف مؤخرا أنّ صعود الشجرة السورية ليس سهلا وأنّ المشكلة ليست في إعلان بداية الحرب بل في كيفية إنهائها، و بطبيعة الحال، ضخت تركيا ترسانتها المليئة بالأسلحة الأمريكية الصهيونية بالإضافة إلى ملايين الدولارات في هذه الحرب على الشعب السوري بداعي إسقاط النظام السوري، بالنتيجة سقط حزب العدالة والتنمية في الامتحان السوري، وكل ما أنجزه هو تدمير للبنية التحتية وقتل الآلاف من الأطفال والنساء، في حين لا تزال القوات السورية تدك القواعد الحدود التركية بنيران الصواريخ وترفض رفع الرايات والاستسلام.، بذلك فشل أردوغان في تحقيق مآربه في سورية بعد التحذيرات الروسية التي ألجمت أطماعه هناك، كما تبدو تركيا المتضرر الأكبر وهي تراقب إعادة تشكيل المنطقة على وقع تنسيق روسي- سوري-إيراني، وتطورات ميدانية قلبت الموازين على الأرض السورية.
وإنطلاقاً من ذلك يمكنني التساؤل: هل تبدأ أنقرة بمراجعة حساباتها، خاصة بعدما شعرت بارتفاع المعنويات لدى الجيش السوري وحلفاؤه في المرحلة الراهنة؟ وهل بدأت تركيا بدفع الثمن كونها طرفاً أساسياً في الأزمة السورية؟، فالمأمول هنا أن تدرك أنقرة حجم المغامرة التي يدفعها الأمريكي نحوها، وأن تبادر إلى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع السوري.
ساحة النقاش