وصف قتلى جنوده بالحمقى.. فكيف يصف ترامب المحمدين؟
<!--<!--
السبت ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠٧:١٧ بتوقيت غرينتش
عندما وصفت ماري ترامب، إبنة شقيق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عمها بأنه "معتل اجتماعيا" وأنّه "لا يمكنه أن يتعاطف مع أحد"، في كتابها الذي نشرته مؤخرا والذي جاء تحت عنوان:"كثير ولكن ليس كافيا: كيف صنعت عائلتي أخطر رجل في العالم"، اتهمتها إدارة ترامب بأنها تسعى وراء المال من بيع كتابها، ولكن مجرد مراقبة عابرة لكل ما يترشح عن ترامب من سلوكيات وأقوال تؤكد ما ذهبت إليه ماري ترامب وأكثر.
وقوف ترامب إلى جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ودفاعه عنه وحمايته حتى بعد أن أكدت وكالة الإستخبارات الأمريكية تورطه المباشر في جريمة القتل البشعة والمروعة للصحفي السعودي جمال خاشقجي، وعدم تعاطفه مع ضحايا الاضطرابات العنصرية في أمريكا وتأكيده المستمر على قمعها، وتهديده بقطع كل المساعدات الفدرالية عن الولايات التي تشهد احتجاجات شعبية، ووصفه للمحتجين على عنصريته وعنصرية الشرطة بأنهم“بلطجية"، وفصله أطفال المهاجرين عن ذويهم ووضعهم في أقفاص على الحدود، هي بعض سلوكيات ترامب التي تؤكد أن الرجل خال من أي إحساس بالتعاطف مع الآخرين، أما كلامه وتغريداته فحدث ولا حرج.
مستشارو ترامب حاولوا منعه من استخدام تويتر والتقليل من مؤتمراته الصحفية لعلمهم أنها تكشف حقيقة شخصيته للمخاطب، إلّا أنّه وبسبب طبيعة شخصيته تلك كان يرفض تلك النصائح، وكلنا يتذكر كيف تهجم وبشكل مقزز على متظاهر يبلغ من العمر 75 عاما طرحته الشرطة وبشكل عنيف أرضا وأصيب بنزيف خطير في رأسه ونقل إلى المستشفى بحالة حرجة، وأثار الحادث موجة كبيرة من السخط بين المحتجين، إلّا أنّ ترامب كان له رأي آخر فكتب يقول في تغريدة عبر“تويتر“أنّ“المحتج الذي دفعته الشرطة يمكن أن يكون مستفزا من حزب انتفيا (حركة يسارية). تم دفع مارتن غوغينو البالغ من العمر 75 عاما بعد أن ظهر لمسح اتصالات الشرطة من أجل تشويش المعدات. لقد شاهدته، سقط أقوى مما تم دفعه (..) هل من الممكن يكون فخا؟".
"الكذب" الذي سطّره ترامب عن حادثة المتظاهر الأمريكي، رغم أنّ العالم كله شاهد الحادثة، هو صفة أبرز من صفة“عدم التعاطف مع الضحايا“لدى ترامب، وهذه الحقيقة أشارت إليها أيضا شقيقة ترامب الكبرى، ماريان ترامب التي وصفت ترامب، بـ"القاسي، وبلا مبادئ وكاذب".
اليوم جمعت مجلة "ذي أتلانتيك" الامريكية صفتي "الكذب" و"عدم التعاطف" لدى ترامب في واقعة واحدة، وأثارت موجة من الإنتقادات التي مازالت تتفاعل وذلك عندما كشفت عن أنّ ترامب وصف الجنود الأمريكيين الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى بـ" الفاشلين والحمقى"، وذلك عندما رفض القيام بزيارة مقبرة في إين-مارن قرب باريس تضم رفات جنود أمريكيين عام 2018 بمناسبة مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى، وبرر رفضه حينها بسوء الأحوال الجوية!!.
لكن مجلة“ذي أتلانتيك“الشهرية التي تحظى باحترام في الولايات المتحدة، ذكرت أنّ ترامب لم ير الأمر بهذه البساطة، ونقلت معلوماتها عن مصادر مجهولة عدة، أنّ ترامب صرح لفريقه "لماذا يجب أن أذهب إلى هذه المقبرة؟ إنها مليئة بالفاشلين"، كما أوردت المجلة أيضا أنّ ترامب وصف في محادثة منفصلة بـ"الحمقى" أكثر من 1800 جندي من مشاة البحرية الأميركية لأنهم قتلوا في معركة "بيلو وود".
موقف ترامب من قتلى الجنود الامريكيين، جعل البعض يستذكرون مواقفه وتعليقاته "المهينة" ضد السناتور الامريكي جون ماكين، الذي أسر في فيتنام وكان يعتبر في داخل أمريكا بأنه "بطل حرب"، ومنها قول ترامب "إنّه (جون مكين) ليس بطل حرب. كان بطل حرب لأنه أسر. أنا أحب الأشخاص الذين لا يتم القبض عليهم"، كما قال في أكثر من مرة أنّه“ليس معجب بمكين".
الكارثة أنّ هناك رؤساء وزعماء دول في العالم، وخاصة أمراء ومشايخ بعض دول وإمارات الخليج الفارسي، وبالاخص محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، يصرّون على توطيد العلاقات مع شخص مثل ترامب، رغم كل الإهانات التي يوجهها لهم ليل نهار، بمناسبة أو بدونها، حتى أنه وصفهم بـ"البقر" التي يجب تجفيف ضرعها، وأنهم لا يملكون غير المال، ولا يستطيعون العيش دون أمريكا أكثر من أسبوعين، الأمر الذي يؤكد أنّ"المريض النفسي" هنا ليس فقط ترامب، بل أولئك الذي يتلذذون بإهاناته وسخريته لهم، إلّا أنّ الفارق بين ترامب واتباعه في منطقتنا، أنه ليس هناك من يجرؤ أن يؤلف كتابا يكشف لنا عن "أمراضهم النفسية" التي تدفعهم أن "يحترموا"، بهذا الشكل المريب، رجلا لا يحترم حتى قتلى جنوده.
ساحة النقاش