ترامب.. ومن الديمقراطية ما قتل!
<!--<!--
كعادة الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن يدلي بتصريحاته المثيرة للجدل ثم يتراجع عنها. هذه المرة أدلى بتصريح يريد أن ينزع به صبغة الديمقراطية التي تتغنى بها الولايات المتحدة لتتحول إلى ديكتاتورية رسمية مثل دول ملوك العرب حيث لا رأي غير رأي الحاكم. ويعلن رغبته في تأجيل أجراء الانتخابات الرئاسية.
فمع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يبدو أنّ الرئيس الأميركي ترامب بات يستشعر خطر فقدان كرسي الرئاسة في الدورة القادمة . وهو ما دفعه لإثارة موضوع تأجيل الانتخابات المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، متحدثاً من دون أي أدلة عن مخاطر تزوير النتائج.
ترامب حاول جس النبض في الشارع الأمريكي ليرى مدى إمكانية تأجيل الانتخابات بذريعة ما وصفه بإمكانية تزوير أصوات الناخبين عند التصويت عبر البريد، متسائلا عن إمكانية تأجيل الانتخابات حتى يصبح بمقدور الناس التصويت بشكل ملائم وآمن وبسلامة حسب تعبيره.
ولافت أنّ الرئيس الأمريكي الذي رفض الاعتراف بخطورة جائحة كورونا وتفشيها بشكل كبير في أمريكا كما أحجم عن إصدار أي قرارات فاعلة من أجل مواجهتها واعتبر أنها نزلة برد يصاب بها الشباب حسب تعبيره يتحجج بها الآن لتاجيل الانتخابات. لكن حقيقة الأمر أنّ تلويح ترامب منذ أسابيع بشبح تزوير الانتخابات يأتي تمهيدا ربما لرفض نتائج الانتخابات المقبلة في حال مالت نتائجها لصالح منافسه مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة جو بايدن. وخصوصا بعد تراجع شعبيته مقابل بايدن حسب استطلاعات للرأي.
الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما هاجم ترامب وأكد أنّ السلطات تبذل قصارى جهدها لثني الناس عن التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة عبر إغلاق مراكز الاقتراع وإضعاف الخدمات البريدية، داعيا إلى مواجهة هذه الاجراءات والدفاع عن حق التصويت .
كما أن خصمه الديموقراطي جو بايدن توقع في نهاية نيسان/أبريل الماضي أن يبذل الملياردير قصارى جهده لتأجيل الانتخابات. وقال "تذكروا ما أقوله لكم، أعتقد أنه سيحاول تأجيل الانتخابات بطريقة أو بأخرى وأن يجد أسباباً تبرر عدم إجرائها".
ويبدو أنّ حلم الرئيس الأمريكي بالتأجيل لن يتحقق فبموجب دستور الولايات المتحدة لا يملك الرئيس سلطة البت في تأجيل الانتخابات الرئاسية. وبما أنّ موعدها محدد بموجب قانون فدرالي (3 تشرين الثاني/نوفمبر)، لا يمكن إلّا للكونغرس وحده اتخاذ مبادرة في هذا الصدد.
وهو ما أكدت عليه العضو في مفوضية الانتخابات الفدرالية الأميركية إلين وينتروب، وشددت على أنّ ترامب ليست لديه صلاحيات لتأجيل الاستحقاق الرئاسي، مؤكدة أنّ الانتخابات لا ينبغي تأجيلها.
ردود الفعل تلك دفعت ترامب للتراجع عن رغبته بتأجيل الانتخابات الرئاسية، لكنه في الوقت نفسه عارض مسألة التصويت عبر البريد، كونها ستكون أقل دقة حسب تعبيره وطالب أن يظهر الجميع عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات وثائق تثبت شخصيتهم.
ومن الطبيعي ان يسعى الملياردير الامريكي لتاجيل الانتخابات في ظل تراجع شعبيته على خلفية ازمة عنف الشرطة والعنصرية ضد الامريكيين من أصول افريقية والتي تشهد الولايات المتحدة على أثرها تظاهرات حاشدة. بالاضافة الى الفشل الكبير بادارة ازمة فيروس كورونا، والركود الكبير في الاقتصاد الأميركي وانخفاض البورصة وتراجع المؤشرات الرئيسية فيها بشكل ملحوظ.
جميع الأنظار الآن تتجه نحو شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، لمعرفة مصير البلاد وسياستها الاستراتيجية على صعيد الملفات الداخلية أو الخارجية بعد أن تخذ ترامب إجراءات عدة ساهمت بشكل مؤثر في عزل أمريكا عن الساحة الدولية، وقرارات داخلية عصفت باقتصادها.
ساحة النقاش