السبت ٢٥ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٢:١٨ بتوقيت غرينتش
القرصنة الأميركية التي طاولت طائرة الركاب الإيرانية التابعة لشركة (ماهان) مساء الخميس 23 / تموز / 2020، التي كانت متجهة إلى بيروت عبر الأجواء السورية، إضافة جديدة إلى السجل الإرهابي الاسود الذي تختص به حكومة الولايات المتحدة دون سواها من دول العالم.
العالم - مقالات - *حميد حلمي البغدادي
فالعملية وإن كانت تطورا خطيرا على مستوى الإخلال بأمان الملاحة الجوية العالمية والتي ينبغي على الأمم المتحدة ومنظمة الطيران الدولية (الايكاو) ملاحقتها قانونيا وقضائيا، إلّا أنّها تشكل حقيقة ساطعة للرأي العام العالمي مفادها أن أميركا دولة مارقة بامتياز وهي لا تتورع أبدا عن زعزعة الأمن والسلام في المنطقة لتحقيق مآربها السلطوية بالغزو والاحتلال وإرهاب الدولة المنظم والقرصنة جواً وبحراً وبراً.
وفي مقابل قانون الغاب الأميركي يبدو من غير المفيد في أيّامنا هذه الإكتفاء بالعبارات الدبلوماسية لاستنكار هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي اعترفت واشنطن بإرتكابها ومنها اغتيال القائدين الكبيرين الشهيد الفريق قاسم سليماني والشهيد الحاج أبو مهدي المهندس ورفاقهما في قلب بغداد مطلع العام الجاري، لأن مثل الدولة الاستكبارية الباغية لا ينفع معها إلّا لغة القوة والرد بالمثل أو بأكثر لئلا تتمادى في غيها وتخلق المزيد من التوترات والفتن في الشرق الأوسط.
ونعتقد أن التصريح الذي أدلى به مسؤول مطلع يمثل تحذيرا مناسبا باتجاه لجم العربدة الأميركية عندما قال: (إن من يحب حياة قادته فإن عليه عدم المغامرة بحياة مسافرينا).
لقد اتضح للعالم أجمع أنّ واشنطن تفصل الأمور الخاصة بمنطقتنا وشؤوننا السيادية وفقا لمقاساتها واحداثياتها العدوانية. والسؤال المطروح بقوة هنا هو: من سمح للأميركان الغزاة بتعريف مناطق وأجواء في سوريا والعراق وغيرهما على أنها مساحات محرمة ولا يجوز للآخرين الإقتراب منها؟!
واقع الأمر يبيّن أنّ الولايات المتحدة لم تعد تعترف بسيادة البلدان الأخرى على أراضيها وأجوائها لمجرد وجود قواتها وقواعدها العدوانية أللاّشرعية هنا أو هناك، وهو ما يخالف الميثاق الدولي للأمم المتحدة الذي يؤكد على حماية سلطات الدول والشعوب فوق أراضيها ومياهها وأجوائها.
إننا أمام مشهد عالمي مقزز بات فيه الأميركان المتوحشون يسوغون لأنفسهم تجاوز كل الخطوط الحمر والمعايير القانونية ضاربة عرض الحائط ما اتفقت عليه شعوب الأرض لحماية الأمن والسلم الدوليين، الأمر الذي يستوجب ويتطلب وقفة جماهيرية حضارية ينبغي أن توقف الولايات المتحدة عند حدها لكي تدرك بأن ما تقوم به من انتهاكات سافرة وسلوكيات همجية لن يبقى دون جواب.
صفوة القول أنه ليس من الصعب السيطرة على الحماقات الأميركية التي استفزت مسافري طائرتنا المدنية وعرضتهم للخوف ولاصابات بعضها حرجة، فهناك أكثر من طريقة وسيناريو لتعريض مصالح الولايات المتحدة وقواعدها وقادتها العسكريين للخطر لن نتحدث عنها ولكنها يمكن أن تكون العناوين الرئيسية للفضائيات ووكالات الأنباء العالمية وتكون حديث الناس في أرجاء المعمورة .
ساحة النقاش