“آيا صوفيا و”مغامرة” أردوغان
<!--<!--
“رأي اليوم” ابراهيم محمد الهنقاري* كاتب ليبي.
ليس من باب الاعتراض على تحويل كنيسة إلى مسجد فكلها بيوت الله. وقد يروي لنا التاريخ فيما يروي أنّ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه امتنع عن الصلاة في كنيسة القيامة بعد أن فتح المسلمون العرب فلسطين احتراما لأهل إيليا وخوفا من أن يحوّل المسلمون تلك الكنيسية إلى مسجد بعد عمر بحجة أن الخليفة عمر قد صلى فيها!.
وسواء صحت هذه الرواية أم لم تصح فإننا لا نرى أنّ السيد أوردغان احرص على الإسلام من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أصدرت إحدى المحاكم التركية منذ أيام حكما غير ملزم بتحويل”أياصوفيا”من متحف الى مسجد.
وسرعان ما تحول هذا الحكم غير الملزم إلى”قرار جمهوري”نشر في الجريدة الرسمية التركية ووضع موضع التنفيذ على الفور. وأسرع السيد أوردغان إلى زيارة مسجد”أيا صوفيا”ليجسد تنفيذ قراره الجمهوري ويذكّر الناس بأن السلطان محمد الفاتح قد صلى فيه ركعتين بعد سقوط القسطنطينية إعلانا بتحويله إلى مسجد.
وقد تم تحويله بعد ذلك إلى متحف على يد مؤسس تركيا الحديثة الغازي مصطفى كمال أتاتورك الذي قاد الثورة العلمانية في تركيا وتولى رئاسة الجمهورية التركية بين عامي 1923 و 1938 والذي تعمد السيد أوردغان عدم ذكر اسمه أو حتى مجرد الإشارة إليه خلال خطابه الذي استغرق أكثر من نصف ساعة!!.
يحدث ذلك قبل بضعة أيام من ذكرى محاولة الإنقلاب العسكري التركي في 15 يوليو 2016. والمعلوم أنّ كل انقلاب عسكري تركي أو محاولة انقلاب إنما تم من أجل الحفاظ على تراث وعلمانية تركيا كما أرادها أبو الأتراك الرمز مصطفى كمال!.
يحدث ذلك خلال الخلاف الكبير بين تركيا واليونان المقر الرسمي للبطريركية الأورثودوكسية والعدو الأول لتركيا في أوروبا وفرنسا التي تعترض بشدة على التدخل التركي الأردوغاني في ليبيا. يحدث ذلك في الوقت الذي وجه فيه السيد أردوغان الضربة القاضية لأي أمل في تحقيق الحلم التركي المستحيل في الانضمام إلى الإتحاد الأوربي.
يبدو أن السيد أردوغان قد أخذته العزة بالإثم بسبب الأخطاء والخطايا العديدة والمتتابعة التي ارتكبها ويرتكبها داخل وخارج تركيا. مع الأكراد وفي سوريا وفِي العراق وأخيرا في ليبيا فلم يعد يعرف قدره ويقف دونه كما تقول الحكمة العربية.
الكنيسة المقدسة ثم مسجد“أياصوفيا“معلم هام وتاريخي من معالم القسطنطينية التي يسمونها اليوم إسطنبول. بناها الأمبراطور جوستنيان الأول عام 537 ميلادية لتكون الرمز الديني المسيحي الأكبر في الشرق. وظلت“آياصوفيا“هي المعلم المسيحي الأكبر في العالم لما يقرب من ألف عام وحتى عام 1520 ميلادية بعد الإنتهاء من بناء كاتدرائية إشبيلية في إسبانيا التي كان اسمها“الأندلس!! “.
كانت في البداية كاتدرائية أورثودوكسية ثم صارت كاتدرائية كاثوليكية رومانية عام 1204 على يد الصليبيين في حملتهم الرابعة على الشرق الإسلامي. ثم تحولت إلى مسجد بعد سقوط القسطنطينية على يد محمد الفاتح أيام الخلافة العثمانية. وهاهي تعود وتصبح مسجدا إلى جانب مسجد إسطنبول الكبير والمعروف“مسجد السلطان أحمد“. والذي يعرف أيضا بالمسجد الأزرق وهو أيضا من المعالم السياحية والدينية الكبرى في العاصمة السابقة لخلافة بني عثمان بن أرطغرل.
ظلت“آياصوفيا“مسجدا منذ فتح القسطنطينية وحتى عام 1931 حيث تم إغلاقها لمدة أربع سنوات حيث تم تحويلها بعد ذلك الى متحف يجذب أكثر من ثلاثة ملايين زائر كل عام هم خليط من المسلمين والمسيحيين. وقد تم ذلك في عام 1935 على يد الحكومة الجمهورية التركية العلمانية التي أسسها الغازي مصطفى كمال كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
هل هو نصر سياسي لأردوغان!؟.
أم هو انتحار سياسي لأردوغان!؟.
لا أحد يستطيع التكهن بما يمكن أن يؤدي إليه هذا القرار الأردوغاني في قادم الأيام وعندها سيكون لكل حادث حديث. فانتظروا إنّا منتظرون!.
ساحة النقاش