ديمقراطية ترامب.. نُجوّع الشعوب لترضى بمرشحينا!
<!--<!--
السبت ١١ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٩:٢٥ بتوقيت غرينتش
في الوقت الذي اعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ بلاده ستدعم "سياسيا منتخبا شرعيا" في فنزويلا، وأنه يريد "أن يكون هناك (فنزويلا) أحد يتمتع بتأييد الشعب"، إلّا أنّه لم ينس أن يهدد فنزويلا "بأن شيئا ما سيحدث هناك" وأنّ أمريكا سيكون لها دورا نشيطا في فنزويلا.
تصريحات ترامب هذه والتي جاءت في إطار حديثه إلى قناة "تيليموندو" الناطقة باللغة الإسبانية اليوم السبت، كشفت عن منطق غريب لا يمكن وضعه إلّا في خانة البلطجة الوقحة التي لا تعترف بسيادة الدول، ولا تحترم خيارات الشعوب، ولا تقيم وزنا للقانون الدولي، والتي اصبحت عنوانا بارزا للسياسة الأمريكية التي تستخدم قوتها العسكرية وتاثيرها الاقتصادي ونفوذها السياسي، لمعاقبة كل الدول التي تتمرد على هيمنتها.
عندما نصف السياسة الأمريكية إزاء فنزويلا بأنها بلطجة، فإننا نعي ما نقول، فترامب الذي يبرر سياسته الإجرامية في تجويع الشعب الفنزويلي، بعدم جود رئيس منتخب في فنزويلا، هو من يقف إلى جانب أعتى الأنظمة الدكتاتورية والإستبدادية والإجرامية في العالم، وهو من اعترف أنه لولا دعمه لما استطاعت هذه الأنظمة من البقاء أسبوعين، ويمكننا أن نشير لنموذجين من هذه الأنظمة الاستبدادية والدموية كالنظامين السعودي والكيان الصهيوني، فأين الديمقراطية والشرعية والانتخابات في السعودية، وأين حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والعدالة في الكيان الإسرائيلي؟.
آخر ما يفكر به شخص عنصري أرعن وجشع مثل ترامب هي الديمقراطية والحرية، وأهم شيء يشغل تفكيره هو نهب ثروات الشعوب وأمن الكيان الإسرائيلي، فالعالم كله يعلم أنّ الرئيس نيكولاس مادورو هو رئيس شرعي ومنتخب للشعب الفنزويلي، إلّا أنه يرفض الهيمنة الأمريكية ويقف إلى جانب القضية الفلسطينية، فاستحق غضب الصهيونية العالمية التي جندت أداتها الخطيرة"الإدارة الأمريكية" لمعاقبة الشعب الفنزويلي، ورشحت مرتزق رخيص مثل خوان غوايدو ليكون رئيسا لفنزويلا، وعندما فشلت فرضت حصرا تجويعيا إرهابيا على الشعب الفنزويلي وشاركت في العديد من المحاولات الإنقلابية ضد الرئيس مادورو.
سياسة التجويع والحرب النفسية والإنقلابات والتدخل عبر المرتزقة في الشؤون الداخلية للشعوب ليس سياسة أمريكية خاصة بفنزويلا، بل هي سياسة أمريكية قديمة أصبحت أكثر وضوحا في عهد ترامب والفاشل بومبيو، ما يجري الآن في لبنان حيث تشارك أمريكا والصهيونية ومرتزقتهما في الداخل في تجويع الشعب اللبناني تحت ذريعة أنّ الحكومة اللبنانية هي حكومة "حزب الله" خير دليل على ذلك، رغم أنّ العالم يدرك كيف يتم انتخاب الحكومة اللبنانية والعملية الإنتخابية المعقدة التي تفرزها، ولكن رغم ذلك لابد من تدفيع الشعب اللبناني الثمن لرفضه الإعتراف بالكيان الاسرائيلي ولانتخابه مرشحيه وليس مرشحي أمريكا، عبر الحصار والعقوبات والضغوط والتجويع.
أما الجمهورية الاسلامية في إيران التي شهدت أربعين عملية انتخاب بين رئاسية وتشريعية ومحلية وانتخابات مجلس خبراء القيادة ومجلس صيانة الدستور، ألّا أنّ الشعب الإيراني يرزح تحت عقوبات لم يشهدها التاريخ من قبل لمجرد أنه يرفض الهيمنة الأمريكية ويناصر القضية الفلسطينية، وأدار ظهره لكل مرشح يُشم منه أدنى مداهنة لأمريكا والغرب الطامع بثروات إيران، وبعودتها إلى بيت الطاعة الأمريكي.
نفس الإرهاب الاقتصادي تمارسه أمريكا بحق دول وشعوب أخرى، لمجرد رفضها الهيمنة الأمريكية والأحادية القطبية التي تتزعمها في العالم، ومن هذه الدول كورويا الشمالية والصين وروسيا و..، لذا فترامب يكذب وبكل وقاحة عندما يبرر جريمة تجويعه الشعب الفنزويلي، بالديمقراطية والإنتخابات والحرية، فهذا سلاح الظالمين لفرض مرتزقتهم وعملائهم على الشعوب بهدف نهب ثرواتها وإذلالها وجعل بلدانها ساحات مفتوحة للعصابات الصهيونية، وحدائق خلفية لأمريكا، ومراتع لجنودها الذين يغتصبون ويقتلون في كوريا الجنوبية واليابان وغيرها دون ان تتجرأ أي جهة رسمية في هذه الدول على معاقبتهم أو مساءلتهم.
ساحة النقاش