الحراك في الجزيرة السورية مقاومة بمسار ثوري حقيقي.. فهل تكون منطقة الفرات مقبرة للغزاة؟
<!--<!--
-“رأي اليوم”- د. حسناء نصر الحسين* باحثة في العلاقات الدولية
شكلت المقاومة الشعبية في الجزيرة السورية انعكاسا جوهريا لما عرف بالربيع العربي لترسم المسار الحقيقي لمعنى الثورة المتقدة بالغضب الناتج عن الإنتماء للهوية الوطنية وقدسية تراب الوطن السوري.
راهن مهندسو الربيع العربي على ما أسموه بثورات الوطن العربي على العقول الضعيفة التي لم تحمل إنتماء وطنيا ومبنية على الفكر الإلغائي الكاره للآخر الذي يجمعه معه العديد من الروابط العقائدية فتحول هذا الرهان لسد منيع يقف بوجه الطوفان الذي أراده أسياد المؤامرة على سورية ليتحول المشهد إلى ثورة حقيقية ضد الاحتلال والاضطهاد وسرقة الأرزاق ولعل ما يجري من أحداث ممانعة ومقاومة لأهلنا في منطقة الجزيرة من حراك شعبي رافض لهذا التواجد الأمريكي التركي الإرهابي خير دليل على أنّ بوصلة الشعب السوري لن تخطئ في تحديد مسارها وكل الرهانات الخارجية على هذا المكون من نسيج الشعب السوري وهو العشائر باءت بالفشل مستدركة جملة المخاطر التي تحيط بوطنهم ليرفعوا الصوت عاليا منددين بهذا الاحتلال مشرعين كل الوسائل للتصدي له ولكل مشروع يستهدف سورية ووحدة أراضيها.
ولعل المتابع الجيد لواقع مجريات الأحداث في سورية لابد أن يصل لنتيجة دقيقة أنّ مشاريع الإنفصال والتجزئة للجسد السوري أمر غير وارد في قاموس هذا الشعب ليتحول صوت كل مواطن لسلاح مصوب نحو المحتل الأمريكي وأعوانه الاقليميين والدوليين. السياسات الخاطئة التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية التي اتسمت بالغطرسة والعنجهية والآن بفضل ترامب زاد لرصيدها سياسة قطاع الطرق أبعدت العقل الأمريكي عن التفكير ودراسة التأريخ السوري بشكل جيد فهذا البلد عانى الكثير من الإحتلال العثماني والفرنسي لكن شعبه صمد وقاوم حتى حصل على استقلاله واليوم هذا الشعب يعيد تاريخ صموده منذ بدء العدوان على سورية وأفشل من خلال اختيار المقاومة سبيلا لتحقيق عزته وكرامته لن تخضعه عقوبات جائرة ولا أسلحة فتاكة ولا الإرهاب الظلامي.
حاول المستعمر الأمريكي الصهيوني اللعب على كل الحبال والاستفادة بطرق قذرة من التعددية الموجودة في نسيج الشعب السوري واستطاع هذا الشعب أن يفشل هذه المؤامرة ووجدنا التلاحم والتآخي يجمعه بصوت واحد يطالب بخروج المحتل من على ترابه.
وما يجري منذ شهور عدة في منطقة الجزيرة السورية من مقاومة شعبية وعمليات نوعية تستهدف المحتل الأمريكي واذنابه خير دليل بأنّ المرحلة القادمة ستكون مرحلة الحسم الشعبي بما يجبر هذا المستعمر للخروج جارّا خلفه أذيال الخيبة والعار.
عملت أمريكا وإسرائيل على تطويق الجغرافية السورية وصناعة أعداء داخليين فكان الدخول إلى المكون الكردي سهل جدا مستغلين الرغبة لدى بعض الفصائل الكردية من خلال دعم أمريكا الكرد في بناء أحلامهم بالحكم الذاتي وإنشاء كونفدرالية وبذا تكون قد بدأت تنجح في مشروع التقسيم لكن الواقع الكردي المنقسم وغير المنسجم وتضارب المصالح بين أحزاب الكرد دفع الأمريكي إلى القيام بجولات مكوكية لفرض مصالحة داهوك1، داهوك2 في محاولة لإعادة ترتيب البيت الكردي إلّا أن هذه المحاولات ستبوء بالفشل لأنّ كل محاولات الكرد المنخرطين في المشروع الأمريكي باءت بالفشل ولم يستطيعوا إخضاع العشائر العربية لمشروعهم وإبعادهم عن الإنضمام للمقاومة الشعبية التي أعلنت منذ عام 2018 م.
ليأتي الحراك في الجزيرة السورية مخالفا لكل رغبات أمريكا وحلفائها، محطما لأهدافهم الخبيثة في تحييد العشائر من معادلة المقاومة الشعبية الرديفة للجيش العربي السوري بالرغم من كل المحاولات الأمريكية السعودية الإماراتية إلّا أنّ العشائر السورية اختارت التوجه إلى دمشق لتلقّي الدعم في مشروعها ومسيرة نضالها ضد التواجد الأمريكي التركي وومشاريعهم التقسيمية عبر الأداة الكردية لتنسجم هذه الرؤية مع ما دعت إليه القيادة السورية بالتوجه لخيار المقاومة الشعبية في طرد المحتل وتقديم كل أنواع الدعم لهذه المقاومة وهذا ما عبر عنه صراحة الرئيس السوري بشار الأسد.
ليتحول مشهد تطويق الحدود الجغرافية ومحاصرة سورية بطوق من الأعداء إلى حزام أمان للدولة السورية وهذا ما حصل في عدة معارك في سورية خلال السنوات التسع الماضية، والجزيرة السورية ستكون آخر محطات الحرب الكونية مع سورية وتكتب بأذرع شرفائها تاريخ عدوان يعتبر الأشد والاشرس في التاريخ الحديث والمعاصر.
من هنا نخلص إلى أن هذه الثورة في الشمال السوري التي انطلقت لا أحد يستطيع إيقافها وعلى القوى الإستعمارية ان تحجز لنفسها مكان على طاولة المفاوضات السورية في قلب العاصمة دمشق لتؤمن لجنودها انسحاب آمن مع الإصرار على عدم تغطية وسائل الإعلام لهذا الخروج كما حصل في الحالة العراقية، حينها فقط نستطيع أن نتحدث عن الحل السياسي الذي يقرره السوريون أنفسهم ونهزم استراتيجية جولدا مائير بوصول أبناء إسرائيل للحكم في بلادنا.
ساحة النقاش