ليبيا: الحرب قادمة لا محالة ولكن في أي بلد ستخرج الطلقة الأولى
<!--<!--
“رأي اليوم” فادي عيد وهيب* كاتب مصري
عندما نلقي نظرة بانورامية واسعة على العالم سنشعر وكأن الكوكب بات على حافة حرب عالمية ثالثة، وإن كنا بالفعل نعيش في حالة حرب بدأت مع غزو الولايات المتحدة للعراق 2003م، ثم تمددت خارج المنطقة مع إندلاع الفوضى في أغلب الجمهوريات العربية 2011م، وذهبت لتكون حرب بين القوى العظمى تدار على أراضي العرب وبأموالهم ونفطهم ويخوضها العرب أنفسهم بالنيابة عنهم أيضا، إلا أننا نرى شبح الحرب العسكرية المباشرة كل يوم أقرب من ذي قبل.
فالولايات المتحدة التى لم تنتهي من “حرب كورونا البيولوجية” فتحت جوالات وجبهات جديدة في حربها مع الصين سواء على جبهة هونج كونج، وبمشاركة بريطانيا التي أعلنت فتح أبواب الهجرة لها أمام المحتجين بهونج كونج على مصراعيه، أو على الحدود الصينية الهندية بإقليم “لاداخ” كي يسقط عشرات القتلى من جنود البلدين بعد تصاعد المناوشات بينهم، بالتزامن مع أعتراض البنتاجون على إجراء مناورات عسكريّة صينيّة حول أرخبيل متنازع عليه في بحر الصين الجنوبي.
وإن كانت الولايات المتحدة تضع الصين التى عادت الحياة فيها بعد جائحة كورونا بخسائر بشرية واقتصادية أقل من خسائر ولاية واحدة في الولايات المتحدة أولى أولوياتها، فهذا لم يمنعها من إشعال إيران بطريقة متسارعة بعد إستهداف عدة أهداف استراتيجية غاية الأهمية لطهران (حليف بكين الأول في الشرق الأوسط)، في خطوة جديدة وغاية الخطورة في جوالات الحرب الأمريكية الإيرانية، وهي الحرب التى تدار بفكر الإنجيليون الأميركيون وبأيدي اليهود الإسرائيليين.
فنحن أعتدنا على إستهداف حلفاء إيران في الاقليم، سواء حزب الله في لبنان وهو المستهدف الأول والأخير هناك من كل ما يصدر من أزمات للبنان سواء كانت سياسية أو أقتصادية، أو ضرب تمركزت القوات الداعمة للجيش السوري، وخنق دمشق أقتصاديا كل فترة بقانون جديد أخرها “قانون قيصر” على أمل إستنزاف القيصر نفسه في سوريا قبل الأسد، أو ما ينتظر المكون الشيعي المسلح بالعراق بعد أول ضربة وجهها رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي للحشد الشعبي بناء على رغبة الأمريكي، ولكن أن نرى في ظرف زمني قصير جدا تفجيرات عدة داخل إيران وفي مواقع ومنشأت نووية فهذا أمر جديد، بعد أن أتبعت المخابرات المركزية أدوات جديدة كان أبرزها تحريك مجموعات إيرانية داخل إيران نفسها، بالتوازي مع سيل من الهجمات السيبرانية على طهران، وبالطبع كان الهجوم النوعي الخطير للحوثي على السعودية هو ردا لما سبق.
وإن كان ذلك حال الوضع ببحر الصين الجنوبي الذي تمر به أكثر من ثلث تجارة الشحنات البحرية العالمية عبر مضيق “بلقا” والتي تعادل 15 ضعف ما يمر بقناة “بنما” ونحو ثلاثة أضعاف ما يمر بقناة السويس من كميات نفطية خلال العام الواحد، والذي يحتوي على احتياطي نفطي مؤكد يبلغ 10 مليار برميل، ونحو الف تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي لم تستخرج بعد، وهذا حال الخليج المشتعل بشطيه في إيران والسعودية، فيبدو أن مياة البحر المتوسط هي التى ستكون أكثر سخونة والأسرع إشتعالا.
فبعد أن أحبطت الولايات المتحدة وبريطانيا كل تحركات الرئيس الفرنسي ضد تركيا في أروقة الناتو، لم يعد تحرك الأمريكي في ليبيا لمعاقبة حفتر على تعاونه مع الورس فقط، والحفاظ على أستمرارية حروب المنطقة، بل وإعادة مسلسل ثورات 2011 وإسقاط ما تبقى من جمهوريات عربية، وأستمرار تمزيق أوروبا من الداخل، وهي لحظة قد تنهي حياة ماكرون وميركل السياسية وقد تنهي عمرهم أيضا.
فذهب ماكرون لتحييد تونس عن دعم تركيا في ليبيا، بعد أن أستغل وضع قيس سعيد الصعب الذي أستشعر للمرة الأولى خطر أخطبوط الإخوان في تونس عليه، وتقدم بطلب لإنشاء قاعدة عسكرية فرنسية في تونس مقابل دعم أقتصادها المتهاوي.
وما كان تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، عندما قال “أن حكومة الوفاق هي الحكومة الشرعية والمعترف بها دوليا”، إلا رد على ماكرون وقيس سعيد الذي صرح بأن “شرعية حكومة الوفاق مؤقتة ولابد من إستبدالها”، كي تنسحب فرنسا من التدريبات البحرية المشتركة لدول الناتو بالبحر المتوسط المسماة بـ “حارس البحر”، قبل أن يصب ماكرون غضبه في تعليقه على تدخلات تركيا وإزدواجية بوتين فى تعامله مع ليبيا.
ويلاحظ أننا لم نسمع حتى الآن أي تعليق جاد من الكرملين على توغل مرتزقة أردوغان بغرب ليبيا، فكما قلنا من البداية أن الروسي دخل لليبيا لمقايضة التركي بشمال سوريا من جانب، ومقايضة الولايات المتحدة من جانب آخر، بعد أن رفضت واشنطن توغل العسكري الروسي على سواحل سوريا، كي يخيرها الروسي ما بين وجوده في سوريا وإنهاء الصراع هناك، أو التواجد العسكري عبر قواعد عسكرية في ليبيا كي يكون الروسي بمنتصف البحر المتوسط تماما، وعتاده العسكري على بعد 400كم من أهم أساطيل الولايات المتحدة خارج أراضيها ألا وهو الأسطول الأمريكي السادس المتواجد بسواحل باليرمو الإيطالية.
والآن تقدم التركي للأمام بعد أن حصد مليارات من مصرف ليبيا المركزي وأمير قطر، كي يستعد لما هو قادم، بعد أن وقع وزير الدفاع التركي مع حكومة الوفاق أتفاقية مساء الجمعة 3 يوليو تفيد بضمان حماية مصالح تركيا في ليبيا وتتيح للتركيا التدخل العسكري المباشر، وإنشاء قوة عسكرية وقواعد تركية هناك، بجانب توفير حصانة للقوات التركية في ليبيا ضد أي ملاحقة قضائية، وتمنح الضباط الأتراك في ليبيا صفة دبلوماسية لضمان حصانتهم، ويأتي كل ذلك في ظل إستماتة مدير المخابرات التركية هاكان فيدان لتعيين الإرهابي خالد الشريف مديرا لمخابرات حكومة الوفاق، ولدمج المليشيات السورية التى طالبت واشنطن بتفكيكها من فايز السراج داخل مكون يتبع حكومة الوفاق تحت مسمى “الحرس الوطني”.
فيبدو أن أردوغان أصطحب معه وزير دفاعه ورئيس أركانه بجانب باقي الوفد التركي الذي ضم صهره وزير المالية ومدير المخابرات للدوحة، كي يروا بأعينهم الوضع في الولاية العثمانية بالخليج العربي المسماه بـ “قطر” كي يطبقوا ذلك النموذج في طرابلس، فعاد أردوغان مع الوفد التركي من الدوحة لتركيا بعد زيارة لمدة يوم واحد فقط ماعدا وزير الدفاع والأركان الذين توجهوا الى طرابلس لتطبيق النموذج القطري بها.
وعلى ذكر طرابلس الليبية لنا وقفة في مقالة قادمة مع دور المخابرات التركية القذر في طرابلس اللبنانية بالتعاون مع رئيس منتديات لبنان المحامي نبيل الحلبي وبهاء الحريري.
فالأيام القليلة الماضية شهدت حالة من التحشيد العسكري التركي الرهيب في غرب ليبيا، سواء بسواحل مصراتة أو بقاعدة الوطية الجوية التى أصبحت تركية بأمتياز.
خلاصة القول المعركة الأن حول ليبيا وبالتحديد “سرت – الجفرة” وصلت بها الدبلوماسية للمرحلة النهائية كحال ملف “سد النهضة”، وأن لم يرتضي كل الأطراف بوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات، فحينها سنشهد أم المعارك في ليبيا، وربما تكون “سرت” ستالينجراد الليبية، فسد النهضة كان الهدف الأول والأخير منه إدخال مصر في حرب إستنزاف طويلة تبدأ في الحبشة وتنتهي في ليبيا، وعلى واشنطن إدراك تحذيرات يوسف العتيبة سفير الإمارات العربية المتحدة بها من نفاذ صبر الجيش المصري.
ساحة النقاش