<!--<!--
الثلاثاء ٣٠ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٥:٤٥ بتوقيت غرينتش
ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها عاصمة العدوان السعودي أو أهداف حساسة في العمق السعودي، سبق واستهدفت مصافي الشيبة وبقيق وخريص والمدن الصناعية في الدمام وينبع، وأهدافا عسكرية في الرياض كقاعدة سلمان ووزارة الدفاع.
العالم- اليمن - المسيرة - إبراهيم الوادعي
ثمة تساؤل عن الجديد التي حملته عملية توازن الردع الرابعة وأوقعت السعودية في حيرة من أمرها، وعاجزة عن الرد بما يتناسب وحجم العملية الكبيرة والإذلال الذي تعرضت له؟ في المقابل كيف نجحت القوات المسلحة اليمنية في إيصال رسالة جديدة للعدو السعودي والعالم مستخدمة نفس الأهداف وبالتكتيك الجديد للإعلان عن مرحلة الوجع الكبير ومرحلة جديدة من استعراض القوة وإذلال الخصم، لم يسبق أن تعرضت له السعودية حتى من العراق في حرب عاصفة الصحراء؟ حيث مكث قادة النظام السعودي تحت الأرض لا يعرفون متى يتوقف الهجوم اليمني، فيما الحليف الأمريكي هو الآخر عاجز عن الإجابة أمام مرتزقته واكتفى ببيان هزيل حذر فيه رعاياه من مغادرة الملاجئ المحصنة.
مساء الاثنين وحتى صبيحة الثلاثاء ظلت الأنظار موجهة نحو السعودية والأنباء القادمة، هجمات متناسقة ومتسقه ومتتابعة تطال أهدافا حساسة وسيادية في العاصمة السعودية الرياض، لم يتوقع السعوديون أنفسهم هذا المستوى من الهجوم، ووقعت الماكينة الإعلامية السعودية وحلفائها في مستنقع التخبط فلا تلبث أن تعلن عن ما تدعيه إسقاط أهداف معادية وتطمئن مواطنيها، حتى تعلن عن أنّ الدفاعات السعودية تبحث عن أهداف أخرى وهكذا حتى انتهى المشهد بانفجار ضخم هز العاصمة السعودية قبيل شروق الشمس وأعمدة الدخان تتصاعد من أكثر من مكان،في مشهد درامي ودراماتيكي قصده المهاجم ليكون ختاما لأطول ليلة عاشها النظام السعودي من الترقب والرعب والإذلال .
كان بإمكان الجانب اليمني أن يهاجم بشكل مباغت الأهداف التي انتقاها بعنايه القصور الملكية مقر الإستخبارات مقر وزارة الدفاع مقر قيادة الطيران في قاعدة سلمان الجوية، وأهداف أخرى في جيزان ونجران، لكنه فعل ذلك على مدى ليلة كاملة – 10 ساعات من الهجوم - ولم يفعل على قاعدة اضرب واختفي كما اعتمدتها عمليات الردع الأولى والثانية والثالثة وهجمات محطتي الدودامي وعفيف في التاسع من رمضان قبيل الفائت.
ثمة دلالات عظيمة لعملية الردع الرابعة والسيناريو التي جرت عليه:
أولا: إعلان القيادة اليمنية عن نفسها عملانيا وبالنار بأنها بلغت مرحلة إدارة عمليات هجومية متواصلة على شكل موجات متناسقة ومتسقة مع بعضها، طويلة الوقت استمر الهجوم لمدة تزيد عن 10 ساعات، متعددة الاذرع والأسلحة المستخدمة طائرات مسيرة صواريخ مجنحة صواريخ بالستية وسلاح جديد لم يكشف عنه، الأهداف مقرات قيادة وقواعد عسكرية حساسة والمناطق من الرياض وحتى جيزان ونجران.
ثانيا: أظهرت العملية براعة في التنسيق لدى الطرف المهاجم من حيث إدارة العملية بشكل أربك العدو السعودي وجعله مشلولا طيلة ساعات العملية الطويلة لا يدري ما الذي يحدث في سمائه، ويمكن القول أنّ الجيش اليمني سيطر على السماء السعودية طيلة الهجوم حتى انتهاء العملية أو كانت له اليد الطولى لنكون دقيقين.
ثالثا: البراعة والدقة في انتقاء الأهداف والسلاح المستخدم، وكذا تنظيم إطلاق والسيطرة على الأسلحة المتعددة - صواريخ مجنحة ومسيرة وبالستية - والمختلفة من حيث سرعاتها لتصل كل موجة بما تضمه من أسلحة متعددة وتطال الهدف الكلي لموجة الهجوم في وقت متزامن ودقيق يضمن توثيق الإصابة للهدف بالفيديو، وبشكل أربك منظومات الدفاع الجوي السعودي
رابعا: التفوق القيادي العسكري فرغم مضاعفة أحزمة الدفاع الجوي لدى السعودية، إلّا أنّ الجانب اليمني أثبت قدرته على اختراقها بسهوله والتلاعب بها لساعات، وهذا العنصر تحديدا وضع السلاح الأمريكي والمشغل الأمريكي على الأرض السعودية في موضع إحراج للمرة الإولى إمام عملائه الذين إجبروا على دفع المليارات ليبقوا كي يديروا منظومات الدفاع الجوي التي جرى تعزيزها واستقدمت منظومات على عجل من اليونان ودول أوروبية .
أما عن تأثيرات القوة الجديدة التي أظهرها اليمنيون في مواجهة العدوان على بلدهم منذ ست سنوات وحصار قاس فيمكن التطرق إلى عدة نواح ارتبط بها توقيت العملية أو استدعى تنفيذها:
سياسيا: ينظر المتابعون إلى أنّ النظام السعودي في وضع صعب حتى لو قام بعملية رد واسعه كما يروج له، فبعد ست سنوات من الحرب وإنفاق الملايين يصل اليمنيون بهذا المستوى من الهجوم الواسع الذي وضع المملكة تحت رحمة المهاجمين لعشر(10) ساعات كاملة وهرب قادتها إلى تحت الأرض بعد استهداف مقار القيادة بما فيها قصر الملك وولي عهده، وذلك يفرض على دول العالم أن تضع في حسابها المعادلة الجديدة للقوى حيث لم تعد السعودية بذلك الموقع عند شنها الحرب على اليمن .
داخليا: عاش النظام ليلة كاملة من الإذلال أمام شعبه المكلوم بالضرائب القاسية وتكميم الأفواه والحريات ومصادرة الحقوق، لم يمحوها تشديد القبضة الامنية، فالشعب في المملكة الذي يعاني فرض الضرائب ويطالب بإيقاف الحرب وقف متشفيا في النظام وإن منعت السياسة القمعية ظهور ذلك، لكن جزءا من ذلك كان واضحا على مواقع التواصل الاجتماعي رغم القيود والتهديد بالسجن لعقود .
التوقيت: سبق عملية الردع الرابعة مئات الغارات السعودية وهستيريا لمنع تقدم الجيش واللجان تجاه مدينة مأرب التي يترنح فيها نظام إقامة العملاء والمرتزقة بحماية التحالف.
الكيان الذي أنشأه التحالف لعملائه وليكون مأوى وعاصمة لداعش والقاعدة يوشك على السقوط، بعد الرسالة المؤلمة التي حملتها عمليات الردع الرابعة لن يكون عبث الرياض باستقدام القاعدة وداعش من سوريا وبلدان أخرى لقتال الجيش واللجان وهستيريا الغارات دون رد، ذلك ما تدركه القيادة السعودية وتدركه قيادة المرتزقة من تنظيم الإخوان الذين سرعوا بنقل أموالهم وعوائلهم إلى تركيا ومناطق أخرى.
وفي جانب آخر سيكون من الصعب على النظام السعودي استهداف منابع ومنشئات النفط كما فعل في كوفل سابقا مبرقا بذلك رسالة إلى المجلس السياسي الأعلى أنه سيستهدف منشئات النفط في حال فكر الجيش واللجان في الإقتراب من مأرب ومواصلة الهجوم، لكن تحذيره جرى تجاهله وهم الآن يقتربون من أربع جهات، وعملية الردع الرابعة حملت رد المجلس السياسي الأعلى إلى نظام الرياض.
وفي جانب آخر حملت عملية الردع الرابعة مصاديق وعد قائد الثورة الشعبية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بأن الحصار والحرب الاقتصادية لن تبقى دون رد عسكري، عملية الردع الرابعة أتت على وقع أزمة مشتقات نفطية تعيشها المناطق الحرة بعد منع السعودية لسفن النفط من دخول ميناء الحديدة منذ أكثر من شهر، ثمة رسالة تفهمها الرياض في هذا الإتجاه ويدرك كنهها الشارع اليمني الذي يثق بأن الضربات العسكرية ستجبر العدو السعودي على التخلي عن اللعب بأقوات الناس ورفع الحصار الاقتصادي ووقف العدوان في نهاية المطاف .
وقف العدوان هو الخيار المتاح حاليا أمام السعودية بحسب خبراء وصحفيون، يرون بأن كل خيارات النظام السعودي مرة ولا تلغي أنه في الطريق الرضوخ لوقف الحرب ورفع الحصار.
ويشير هؤلاء ألى أنّ الطرف اليمني بشكل عام على مدى سنوات الحرب والحصار نجح في إدارة لعبة الحرب وامتصاص تأثيرات الحصار أكثر من الطرف السعودي رغم توفر الإمكانيات والخبراء للأخير، وأن وقف الحرب يصب اليوم في صالح السعودية أكثر منه في صالح الطرف اليمني الذي يقترب اليوم من استعادة السيطرة على أحد مواقع الثروة النفطية واستعادتها من يد التحالف.
ويؤكد هؤلاء بأن اليمنيين لم يكشفوا بعد عن كل قوتهم وأوراقهم حتى في عملية الردع الرابعة بعكس السعودية التي استنفدت كل ما في جعبتها، وفي حال استمرار النظام السعودي في غيه بالحرب والحصار فإنه مقدم على فقدان هيبته أكثر فأكثر أمام شعبه والعالم، والنتائج لن تتوقف عند الإنهيار الاقتصادي وإنما قد يتجاوز ذلك إلى انفراط عقد المملكة برمتها.
ساحة النقاش