الغربيون يحطمون تماثيل أجدادهم ويسقطون تاريخهم القذر
<!--<!--
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٢:٠٧ بتوقيت غرينتش
مع توسع الاحتجاجات الأخيرة ضد العنصرية التي انطلقت شرارتها في أمريكا وامتدت إلى المدن الأوروبية ومنها بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، أقدم المحتجون الغاضبون على إسقاط وتحطيم تماثيل رموزهم وقادتهم وأجدادهم الذين اشتهروا في التاريخ بدعم العنصرية والعبودية وتمجيد الإستعمار.
العالم- كشكول
الاحتجاجات بدأت من مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا الأمريكية على إثر مقتل المواطن من أصول إفريقية جورج فلويد خنقا تحت ركبة شرطي أمريكي أبيض تلاه غضب شعبي واسع عم معظم الولايات الأمريكية عقب هجوم الشرطة على المحتجين وإطلاق النار عليهم بأمر من الرئيس دونالد ترامب ما أدى إلى توسع رقعة الإحتجاجات الغاضبة في ظل المطالبة بإسقاط حكومة ترامب العنصرية المتطرفة.
وفجرت الاحتجاجات على عنصرية الشرطة، ثورة على تماثيل رموز العنصرية في أمريكا حيث قام المتظاهرون بإسقاط عشرات التماثيل العائدة لتجار الرقيق والقادة العنصريين في البلاد، وأهمهم تمثال جون ماكدونو المعروف بـ"مالك العبد"، وتمثال كريستوفر كولومبوس الذي قطع المتظاهرون رأسه، بالاضافة إلى تمثال جيفرسون ديفيس رئيس الكونفدرالية الأمريكية وعشرات التماثيل الأخرى.
موجة الاحتجاجات المناهضة للعنصرية لم تقتصر على المدن الأمريكية فحسب بل طالت أوروبا، ومعها امتدت ثورة إسقاط تماثيل رموز العنصرية إلى كبرى المدن الأوروبية بدءا من بريطانيا مرورا بإيطاليا ووصولا إلى بلجيكيا.
في بريطانيا التي شهدت مظاهرات حاشدة للتنديد بالعنصرية وعنف الشرطة قام المحتجون الغاضبون بإسقاط تمثال تاجر الرقيق المعروف إدوارد كولستون وتخريب عدد من التماثيل الأخرى.
واستمرت ثورة إسقاط تماثيل العنصرية في كل من إيطاليا وبلجيكا حيث قام المحتجون بتخريب تماثيل العديد من رموز التطرف والعنصرية تعبيرا عن احتجاجهم ضد التمييز العنصري. وفي هذا السياق، دعت العديد من الجمعيات الغربية المناهضة للعنصرية وشخصيات سياسية وفنية لحذف أسماء معينة للساحات والشوارع والمدارس تشير إلى شخصيات لديها دور بارز في تكريس العنصرية، وهذا الأمر إن دلّ على شيء فإنما يدل على نهاية زمن الخوف من الحكومات وبداية مرحلة ارتفاع أصوات الحرية والمطالبة بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية المغيّبة في هذه الدول.
تحطيم الشعوب الغربية لتماثيل العنصرية له دلالات كثيرة أهمها ظهور بوادر الصحوة الشعبية في الغرب ضد سياسة التطرف والاستغلال والتمييز العنصري واتخاذ أولى الخطوات العملية لنسف الثقافة العنصرية التي بنتها الأنظمة الغربية خلال عقود شهدت تجارة الرقيق والإستعمار واستعباد الشعوب.
ثورة اسقاط تماثيل رموز العنصرية كشفت النقاب عن الصورة الحقيقية لثقافة الغرب القذرة التي لطالما تباهت بها الدول الغربية التي تدعي الديموقراطية والحرية وتتغنى بالدفاع عن حقوق الانسان.
في حقيقة الأمر أنّ غضب الشعوب الغربية تجاه أنظمتها الاستعمارية تجسد في بداية الأمر بالاحتجاجات العارمة التي شهدتها الولايات المتحدة وأوروبا كل على حدة، وبلغ ذروته بإسقاط تماثيل رموز العنصرية تعبيرا عن مدى كراهية الشعوب للسياسات الحكومية القائمة على التفوق والتمييز العنصري، فالشعوب الغربية لا تريد أي رمز يذكرها بماضي حكوماتها العنصرية التي لطالما فتك بالشعوب الأخرى في سبيل تحقيق أهدافها الإستعمارية الإستغلالية التوسعية.
ساحة النقاش