أين الدعاة السعوديون مما يجري في المملكة؟!
<!--<!--
الأربعاء ١٥ أبريل ٢٠٢٠ - ٠١:٣٥ بتوقيت غرينتش
شاهد الملايين في السعودية وخارجها مقاطع الفيديو التي صورها المواطن السعودي عبد الرحيم الحويطي ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي وأعاد الآلاف نشرها، والتي تحكي قصة مأساة حقيقية في السعودية.
خلاصة القصة أن السلطات السعودية تسعى إلى ترحيل الأهالي قسرا من العديد من القرى والأرياف التي يقطنونها في شمال غرب المملكة وبالتحديد في المنطقة التي تعتزم إنشائها وتسمى"نيوم"، وقال الحويطي أنه والأهالي في المنطقة يرفضون المغادرة، وأكد أنه لن يتنازل عن رفضه مهما كلف الأمر حتى لو كلفه السجن والإعدام.
ولم تمض ساعات حتى تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي نبأ مقتل الحويطي على يد الشرطة السعودية، وهي جريمة أخرى تضاف إلى الجرائم التي يرتكبها النظام الحاكم ضد المواطنين، وضد كل من يرفض أو يعارض أي قرار يصدره النظام، وهو الأسلوب الهمجي الذي طالما لجأت السلطات الحاكمة ضد معارضيها.
أما مشروع"نيوم"الذي يقع على شواطئ البحر الأحمر في شمال غرب المملكة، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان روج له مع بداية توليه لمنصب ولاية العهد، ويهدف بالدرجة الأولى إلى بناء منتجع كبير يضم العشرات من المراقص والبارات والفنادق وصالات اللعب والغناء ليكون المركز الرئيسي لنشر الفسق والفجور والدعارة في المملكة، تحت مسمى مشروع الترفيه والطاقة فيها.
أحد المقاطع التي بثتها مواقع التواصل الاجتماعي استغاث الحويطي برجال الدين في السعودية، وشدد على أن مهمة هؤلاء هي تبيين التعاليم الدينية وإرشاد الناس، والتصدي للانحرافات بكافة أنواعها وأشكالها، معتبرا أن رجال الدين لو لم يقوموا بمهمتهم هذه فسيظهر دين جديد في السعودية تحت مسمى الانفتاح، وسيكون كل شيء فيه مباح.
من الواضح أنّ هذا ليس هو المشروع الأول والوحيد الذي شهدته المملكة منذ مجيء ابن سلمان للسلطة وحسب، وإنما يعكف على تنفيذ برنامج كامل من أجل سلخ السعوديين عن دينهم وتعاليمهم الإسلامية، وتحويلهم إلى مجتمع لا يختلف عن المجتمعات الغربية التي تتفشى فيها جميع المظاهر السلبية، في ظل قوانين كتبتها الأنظمة الغربية لتتماشى مع فصل الدين عن الدولة وعن السياسة وعن الحياة برمتها.
ومما لاشك فيه فإن ابن سلمان أقدم على خطوة سبقت سياسة نشر الرذيلة والفسق والفجور في المملكة، وهي تضييق الخناق على رجال الدين والدعاة، فكان ولا يزال الاعتقال والمحاكمات الصورية والطرد من الوظائف الحكومية والفصل من أئمة الجمعة والجماعة لكل من يرفض أو يعترض على هذه السياسة، وأما الذين التزموا الصمت أو زينوا لابن سلمان ما يقوم به، فهؤلاء بقوا في مواقعهم.
صحيح أن هناك أحاديث وروايات ترفض الاعتراض على الحاكم مهما فعل، ولكن كلها مزورة ولا أساس لها، وصحيح أن هناك اتفاق وتحالف بين الهيئة الدينية وبين الملك السعودي المؤسس عبد العزيز، تنص على أن السلطة تقدم كافة أنواع الدعم للهيئة الدينية شريطة أن لا تتدخل في إدارة الحكم، ولكن الاتفاق لم ينص على عدم الاعتراض والاحتجاج على الانحرافات التي تقدم عليها السلطات الحاكمة، بل إنّ نظام المبايعة الذي تقره السعودية ينص على حفظ الدين والدفاع عنه، وليس إدخال أنواع الانحرافات في البلاد واسباغها بسبغة رسمية، والتصدي والاعتقال والتنكيل والتعذيب لكل من يعترض على هذه الانحرافات.
كيف يمضي رجال الدين السعوديون حياتهم ويهنأوون في عيشهم وهم يرون ابن سلمان يوغل في انحرافاته وظلمه وهدره للمال العام، أليس قتل المسلمين في اليمن ظلم لا يجاريه ظلم، أليست صفقات الأسلحة التي يبرمها مع الغرب وخاصة مع ترامب هدر للمال العام، هل ذكر لنا التاريخ أن النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم، قتل أو سجن مسلما أو حتى غير مسلم لأنه اعترض عليه وانتقده، أليس رجال الدين هم من يعلمون الناس دينهم ويرشدونهم إلى الحق فلماذا يلوذون بالصمت تجاه هذه الانحرافات؟
ليس هناك أي مبرر لصمت رجال الدين في السعودية، إلاّ أن يكونوا هم فاسدو العقيدة، أو أنهم يخشون على مناصبهم وحياتهم، بينما تعاليم الإسلام تلزم رجال الدين بضرورة التصدي للانحرافات من أي شخص أو جهة صدرت، ولكن من المؤسف أننا نرى أن رجال دين يفصّلون فتاوى وفق المقاييس التي يطلبها الحكام، ويكيلون المدح والثناء للسلطات الحاكمة رغم انحرافاتها وجرائمها وسرقاتها.
ساحة النقاش