قُنبلَة العميل الفاخوري الموقوتة تُهدِّد بحرب اغتيالات قد تُفجِّر لبنان مُجدّدًا.. حتى متى يَكظِم السيّد نصر الله الغيظ؟ وماذا يعني انفِجار هذه الحرب الآن؟
<!--<!--
“رأي اليوم” الافتتاحية
اغتِيال محمد علي يونس أحد أبرز قادة “حزب الله” الميدانيين بعد سُقوطه في كمينٍ نُصِبَ له بإحكامٍ شديدٍ، يُؤكِّد أنّ عمليّة الاغتِيال تأتي في إطار مُخطّط “لاستِفزاز” الحزب، وكوادره المُتشدِّدة، ودَفعِه إلى أعمالٍ انتقاميّةٍ فوريّةٍ، من إسرائيل وعُملائها في لبنان.
السيّد حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، كان على درايةٍ بوجود هذا المُخطّط عندما رفض كُل الضّغوط التي مُورِسَت عليه للتدخّل بالقوّة ومنع مُغادرة العميل عامر الفاخوري السّجن ومنها إلى السّفارة الأمريكيّة في لبنان، ولذلك تحلّى بأعلى درجات ضبط النّفس، ولكنّ المُخطّط، فيما يبدو، جرى إعداده بإحكامٍ، وإشعال فتيل الفوضى في لبنان وما يُؤدِّي إلى الحرب الأهليّة.
من أتى بالسيّد فاخوري من واشنطن إلى لبنان، ووفّر له الحِماية اللّازمة، كان يعرف أنّه سمكة كبيرة، يُمكن توظيفها لإشعال فتيل حرب الاغتِيالات، فما هو وزن هذا الفاخوري وأهميّته حتى يهتم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصيًّا، ويكون على رأس مُستقبليه بعد وصوله إلى واشنطن؟
كان لافتًا أنّه بعد أيّام معدودة من إطلاق سَراح العميل الفاخوري، جرى اغتيال أنطوان الحايك في منطقة المية مية في جنوب لبنان، وهو ردٌّ انتقاميٌّ جاء سريعًا باغتِيال المُناضل محمد يونس الذي كان مُكلَّفًا بمُطاردة العُملاء.
عمليّات الاغتيال ليسَت بالأمر الجديد في لبنان، ولكن طفوها على السّطح في الفترةِ الأخيرة يُوحِي بأنّ حرب اغتِيالات قد بدأت ولن تتوقّف عند هذه الواقعة، ولن نُفاجأ إذا ما تمّ اغتيال أكثر من عميل، أو من قادة الصّف الثّاني أو الثّالث من حزب الله.
هُناك نظريّة تقول إنّ عدم وقوع “حزب الله” بمِصيَدة الفاخوري ومنع مُغادرته الى واشنطن هي التي شجّعت الطّابور الخامس المُعادي لمحور المُقاومة والمدعوم إسرائيليًّا، هي النّقطة التي أُسِيء تقديرها، فبينما كان الحزب مُنغَمِسًا في قضايا لبنان الداخليّة “المُفتَعلة”، بما في ذلك التّعاطي مع الحِراك بنفسٍ طويل، كانت أصابع الموساد تَخترِق لبنان وأمنه، وتضَع مُخطّطات الاغتيال هذه وتنتقل إلى مرحلة التّنفيذ.
إنّه تطوّرٌ خطيرٌ يُريد من يقفون خلفه زعزعة استقرار لبنان وأمنه، ويجدون في غُرَفٍ سوداءٍ إسرائيليّة وأمريكيّة وعربيّة الدّعم والمُساندة على أعلى المُستويات.
السيّد نصر الله يتحلّى بأعلى قيم ضبط النّفس هذه الأيّام، ولا نعتقد أنّه سينجر إلى هذه المِصيَدة مثلما يُريد له أعداؤه، وما أكثرهم في لبنان ودول الجِوار، ولكن إذا انفجر الوضع فإنّ الرّد سيكون مُزَلزِلًا، ونأمل أن لا تصل الأُمور إلى هذه النّتيجة، فالذين يُريدون تدمير لبنان، وفَشِلَت سيناريوهات عديدة في هذا الإطار، ليسوا أصحاب قرار، وإنّما أدوات تُنَفِّذ الأوامر ولا يهمّها لبنان ولا أمنه ولا استِقراره.
ساحة النقاش